لقي أكثر من 200 مدني في جنوب السودان مصرعهم غرقا، بعدما حاولوا الفرار من جحيم الحرب الأهلية، ليذهبوا ضحية الغرق في واحدة من أسوأ الأحداث التي يشهدها هذا البلد منذ اندلاع المعارك قبل شهر. وقال فليب أغير المتحدث باسم القوات النظامية، إن "ما بين 200 إلى 300 شخص من بينهم أطفال ونساء، لقوا حتفهم بعد غرق السفينة التي كانوا على متنها". وأضاف أن الضحايا "فروا من المعارك التي اندلعت بمنطقة ملاكال عاصمة ولاية النيل الأزرق، الواقعة في شمال شرق البلاد". وتُعد الحادثة أكبر كارثة تعرفها دولة جنوب السودان، وتؤكد عمق المأساة التي يتخبط فيها سكان هذا البلد؛ جراء المعارك الضارية التي اندلعت منذ شهر بين قوات الرئيس سيلفا كير وتلك الموالية لغريمه رياك ماشار. وأسفرت هذه المعارك إلى غاية الآن، عن مقتل أكثر من ألف شخص ونزوح ما لا يقل عن 400 ألف آخرين، في حصيلة دقت ناقوس الخطر من حدوث كارثة إنسانية في حال استمرار القتال، واستمر معه سقوط مزيد من الضحايا المدنيين. وأكد طوبي لانزير رئيس العمليات الإنسانية في منظمة الأممالمتحدة، أن المعارك العنيفة بملاكال دفعت بمئات السكان إلى الفرار باتجاه القاعدة الأممية المتواجدة هناك، مما جعل عدد اللاجئين يتضاعف من 10 آلاف إلى 19 ألفا بهذه القاعدة. ويُرتقب أن تصل إيفا سيمونفيتش مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون حقوق الإنسان، إلى جنوب السودان في زيارة تقييم "وضع حقوق الإنسان" في هذا البلد، تستمر أربعة أيام. من جانبها، أعربت نافي بيلاي مفوضة حقوق الإنسان العليا لدى الأممالمتحدة، عن قلق عميق إزاء الانتهاكات التي تحصل في جنوب السودان منذ أربعة أسابيع، بعدما نقلت تقارير إعلامية عن حصول مجازر عرقية وأعمال قتل خارج إطار القضاء، ونهب ممتلكات وكالات المساعدة الإنسانية من جانب طرفي النزاع. ولايزال القتال مستمرا في جنوب السودان؛ حيث أكد الجيش النظامي اندلاع معارك ضارية جنوب مدينة بور عاصمة ولاية جونغلي في شرق البلاد، حيث تحاول القوات الموالية للرئيس سيلفا كير، استرجاعها من أيدي المتمردين المسيطرين عليها منذ اندلاع المواجهات. ومع تدهور الوضع الإنساني في جنوب السودان، لاتزال جهود وساطة حثيثة تجري بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ضمن مسعى لإقناع وفدي الطرفين المتصارعين، بوقف الاقتتال في هذا البلد حديث النشأة، والمهدَّد بحرب أهلية مجهولة العواقب.