لم تتمكن لا مساعي الوساطة ولا النداءات الدولية من إسكات لغة السلاح في دولة جنوب السودان التي بدأت تسير بخطى متسارعة باتجاه حرب أهلية مفتوحة بين قوات موالية للرئيس سيلفا كير وأخرى موالية لنائبه ريك مشار. وبدلا من أن توقف المعارك بين المتحاربين توسعت رقعتها وأخذت منحى أخطر بعد أن بدأت تقترب شيئا فشيئا من حقول إنتاج النفط في ولايات شمال البلاد وخاصة في ظل تقارير متطابقة أكدت، أمس، أن معارك ضارية اندلعت بولاية مالاكال التي توجد فيها أكبر الحقول لإنتاج النفط في جنوب السودان. وتنذر هذه المواجهات بكارثة إنسانية بعد أن أكدت مصادر أممية مقتل آلاف الأشخاص من الجانبين ومن المدنيين الذين راحوا ضحية عمليات انتقامية من الجانبين على خلفية قبلية. بينما بلغ عدد النازحين الفارين من جحيم المعارك إلى أكثر من 50 ألف شخص الذين احتموا بمقار ومراكز الأممالمتحدة. ورغم أن المعارك اندلعت قبل أسبوع فقط إلا أن مصادر أممية بدأت تتحدث عن مقابر جماعية قتل أصحابها ودفنوا في سرية تامة وحذرت من أن مقترفيها سيتابعون أمام المحاكم الدولية. وقال ميكائيل ماكوي، وزير الاتصال في حكومة الرئيس سيلفا كير، إن المعارك اندلعت في ولاية مالاكال، صباح أمس، بين القوات الحكومية والمتمردين نافيا في نفس الوقت أن يكون أنصار ريك مشار قد استولوا على المدينة عاصمة ولاية النيل الأعلى.وفي حال توسعت المواجهات إلى ولايات شمال البلاد الغنية بالنفط فإن ذلك يؤكد أن انزلاق الوضع بهذه السرعة له علاقة مباشرة برغبة الفرقاء في بسط سيطرتهم على حقول النفط التي تدر على خزينة الدولة بحوالي 95 بالمائة من عائدات الدولة من العملة الصعبة. ومازال المتمردون يبسطون سيطرتهم على مدينة بنتيو عاصمة ولاية الوحدة إحدى أكبر الولايات النفطية في البلاد وهو ما جعل القوات الحكومية تؤكد أنها بصدد حشد تعزيزات عسكرية من أجل دحر هؤلاء وطردهم من هذه الولاية الإستراتيجية.ويبدو أمام إصرار المتحاربين على مواقفهم وصمهم الأذان لكل النداءات للجلوس إلى طاولة التفاوض أن قرار مجلس الأمن الدولي بإرسال 6 آلاف قبعة زرقاء إلى هذا البلد لن يجدي نفعا في احتواء انزلاق ما انفك يأخذ ملامح حرب مفتوحة بين إخوة الأمس أعداء اليوم. وهو الإحساس ربما الذي جعل الأمين العام الاممي بان كي مون يؤكد أن هذه القوة لن تكفي لحماية المدنيين من تبعات المعارك والعمليات الانتقامية التي يمكن أن يتعرضوا لها من هذا الفريق أو ذاك.