حث وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي محمد بن مرادي أمس، مسؤولي قطاعه على اعتماد تدابير جديدة أكثر مرونة، لتحسين التكفل بطالبي العمل، داعيا في إطارها إلى تقليص آجال الإجابة من طرف الوكالة الوطنية للتشغيل من 21 يوما إلى 72 ساعة. وإذ أبرز أهمية الجهاز الجديد الذي سيشرع في اعتماده بداية من الشهر المقبل في إطار "عقد العمل الأول للشباب"، كشف الوزير عن استحداث أكثر من 675 ألف منصب شغل خلال سنة 2013، منها 318497 منصبا تم تنصيبها من قبل آليات الوساطة. وأشار السيد بن مرادي خلال لقاء تقييمي لحصيلة عمل الهياكل اللامركزية التابعة لقطاع التشغيل، بأن جهود السلطات العمومية لترقية التشغيل وامتصاص البطالة، سمحت خلال السنوات الثلاث الأخيرة، بتحقيق تحسن أكيد للأداء، سواء من منظور ترقية الشغل المأجور، أو في مجال دعم استحداث النشاطات، حيث تراجعت النسبة العامة للبطالة طبقا لأرقام الديوان الوطني للإحصائيات، إلى 9,8 بالمائة في 2013، بينما انخفضت نسبة البطالة بين حاملي الشهادات إلى 2.15 بالمائة في سنة 2012، قبل أن ترتفع نسبيا إلى 3.14 بالمائة في 2013. وبعد أن ذكّر بالإجراءات التي اتخذتها السلطات العمومية استكمالا لمخطط العمل الذي تم وضعه في 2008، والتي شملت القرارات التي تم الإعلان عنها في 2011 لتحفيز إنشاء مناصب الشغل وتشجيع التوظيف لدى الشباب طالبي الشغل لأول مرة، ثم تعليمة الوزير الأول في 2013 والمتعلقة بتسيير التشغيل في ولايات الجنوب، وتوسيعها لاحقا إلى ولايات الهضاب العليا، وصولا إلى مختلف التدابير التي تم اتخاذها لتشجيع روح المبادرة المقاولاتية لدى الشباب، وفي مقدمتها تخفيض الفوائد البنكية على القروض بنسبة 100 بالمائة بداية من جويلية 2013، لاحظ الوزير استنادا على المؤشرات المرتبطة بعام 2013، بأن القطاع الخاص أصبح يشكل المموّل الأساس لسوق التشغيل بنسبة 58,8 بالمائة من إجمالي مناصب الشغل المستحدثة في سنة 2013، فيما بلغت حصة التنصيبات المحققة من طرف الوكالة الوطنية للتشغيل في هذا القطاع، نسبة 71 بالمائة. وتبين الإحصائيات المتعلقة بسوق العمل خلال السنة الماضية، بأن هذه السوق لازالت متأثرة بنسبة بطالة عالية في أوساط فئة طالبي الشغل لأول مرة، والتي يمثل 56 بالمائة منهم فئة الشباب الذين يقل عمرهم عن 30 سنة. وتبرز حصيلة الأعمال التي قامت بها مختلف الأجهزة العمومية لدعم التشغيل والإدماج المهني، أهمية الجهود المبذولة من قبل الدولة للتكفل بمجال التشغيل، ولا سيما في أوساط الشباب، حيث بلغ عدد التنصيبات التي تم إجراؤها في القطاع الاقتصادي في 2013 في إطار الوساطة في سوق العمل، 318497 تنصيبا، منها أكثر من 260000 تنصيب من طرف مصالح الوكالة الوطنية للتشغيل، وأكثر من 49000 في إطار عقود العمل المدعمة، وحوالي 9300 تنصيب من طرف الوكالات الخاصة المعتمدة. كما تكفّلت الأجهزة العمومية لدعم التشغيل بتمويل 64451 مؤسسة مصغرة، تسمح بخلق 138 ألف منصب شغل، في حين تم إدماج 139 ألف شاب طالب الشغل لأول مرة، في إطار جهاز المساعدة على الإدماج المهني، منهم 82 بالمائة في القطاع الاقتصادي. وحسب المسؤول الأول عن القطاع، فإن مجموع هذه الأرقام والإحصاءات الخاصة بتوقعات التوظيف لدى الوظيف العمومي وكذا التوظيفات التي تمت خارج إطار التشريع المعمول به وسجلتها مصالح المفتشية العامة للعمل، تفيد بأن سنة 2013 عرفت استحداث أكثر من 675000 منصب شغل. وإذ أبرز أهمية النتائج المحققة، أكد السيد بن مرادي أن قطاعه تنتظره العديد من التحديات المرتبطة أساسا بضمان مناصب شغل لائقة، تتمتع بتغطية اجتماعية مناسبة، معلنا بالمناسبة عن جديد سوق العمل في الجزائر لسنة 2014، والمتمثل في استبدال جهاز المساعدة على الإدماج المهني بجهاز جديد لدعم الشغل المأجور، سيدخل حيّز التنفيذ بعد إقراره من قبل الحكومة خلال الشهر المقبل. وسيضمن هذا الجهاز الذي سيوجَّه، حسب السيد بن مرادي بصفة حصرية للقطاع الاقتصادي العام والخاص، توحيد عقود الإدماج وعقد العمل المدعَّم، من أجل الوصول إلى عقد واحد للعمل مطابق لتشريعات العمل، ويكفل للمستفيد أجر المنصب وتغطية اجتماعية موسعة؛ حيث تتحمل الدولة أعباء تشغيل المستفيدين خلال 3 سنوات، وتضمن لهم أجرا شهريا يفوق الأجر الوطني الأدنى المضمون، فيما ترتفع قيمة الاشتراك في الضمان الاجتماعي من 12 بالمائة إلى 26,5 بالمائة. وإذ استبعد الوزير في رده على سؤال "المساء" إمكانية تكفّل الجهاز الجديد بالتغطية الاجتماعية للسنوات الماضية، بالنسبة للمستفيدين الذين اشتغلوا في السابق في إطار جهاز المساعدة على الإدماج المهني، أكد بأن الأولوية في تطبيق هذا الجهاز الجديد، ستُمنح للتوظيف في المناصب الشاغرة في الهيئات والإدارات العمومية، والمقدرة بحوالي 140 ألف منصب، مع إدماج الشباب العاملين على مستوى هذه الإدارات في إطار جهاز المساعدة على الإدماج المهني، والمقدّر عددهم ب500 ألف شاب. وبالمناسبة، دعا وزير التشغيل والعمل والضمان الاجتماعي مسؤولي الهيئات المركزية اللامركزية لقطاعه، إلى العمل على تثمين المكاسب التي حققتها الدولة في مجال التكفل بترقية التشغيل، حاثا إياهم بشكل خاص، على تعميم صيغة البحث النشط عن الشغل إلى كامل التراب الوطني، وتقليص آجال الإجابة من طرف الوكالة الوطنية للتشغيل من 21 يوما حاليا إلى 72 ساعة، على أقصى تقدير، فضلا عن تمديد فترة تجديد الحضور الشخصي لإعادة التسجيل لدى مصالح الوكالة من 3 أشهر حاليا إلى 6 أشهر، وتعزيز الشفافية بالإعلان الواسع عن عروض العمل والتنصيبات المنجزة وطلبات الشغل، وتعزيز الرقابة واتخاذ التدابير القانونية في حق المخالفين لتشريع العمل. وردّا على الانتقادات الموجهة لآليات دعم التشغيل، ذكر السيد بن مرادي بأن هذه الآليات العمومية لم تعتمدها الدولة كحل نهائي لأزمة البطالة، وإنما للتقليص من حدتها والتعامل مع وضعية كارثية، والضغط الذي أثارته هذه الأزمة في نهاية التسعينيات ومطلع العقد الماضي، مشيرا إلى أنه بالرغم من ذلك فقد سمح اعتماد هذه الآليات بتحقيق تراجع محسوس في مستوى البطالة، حيث سمحت باستحداث 3,5 ملايين منصب شغل، غير أن ذلك لا يغيّر من الرؤية الحقيقية السلطات العمومية لمعالجة مسألة التشغيل، والتي تقوم على أساس دعم المقاربة الاقتصادية، التي تقتضي توجيه طلبات العمل إلى القطاع الاقتصادي.