عبد القادر الخالدي نجم الأغنيةالبدوية، قدم خلال مسيرته الفنية الطويلة الحبلى بسنوات طويلة من العطاء أجمل أغاني الطابع البدوي الوهراني منذ تخرجه من مدرسة ألحان وشباب سنة 1974، مكملا أعمال من سبقوه من رواد وشيوخ تأثر بهم، على غرار الجيلالي عين تادلس، الشيخ حمادة، بخيرة، بن مسايب وغيرهم، حيث ظل متمسكا بإرث الأجداد ... جمعنا به هذا اللقاء الشيق الذي فتح من خلاله قلبه لجمهوره. لماذا غاب فنان الأغنية البدوية عبد القادر الخالدي عن جمهوره؟ أنا موجود دائما، وأطل على جمهوري عندما تتاح لي الفرصة سواء عبر القنوات التلفزيونية الوطنية أو بالحفلات التي تقام بولايات الوطن، ولم أتوان كذلك في تقديم الجديد.
كيف ترى واقع الأغنية الرايوية؟ في الحقيقة، لست ضد الأغنية الرايوية التي في الأصل وليدة الأغنية الوهرانية والبدوية، عندما تؤدي بكلمات نظيفة ومهذبة، بالعكس أنا مع التنوع، لكن ما يؤلمني ويحزنني هو السقوط الحر لأغنية الراي، حيث أصبحت كلماتها لا تعني شيئا، ومع ذلك تعرف رواجا رهيبا، بينما أصبح مطربو الأغنية النظيفة مرفوضين من قبل أصحاب شركات الإنتاج الذين ساهموا بشكل مباشر في تلويث ذوق المستمع، بتشجيعهم لمطربي الأغاني الهابطة وتلميع فنهم، من أجل الربح السريع، على حساب هذا الفن الراقي الضارب في أعماق التراث للجهة الغربية من الوطن.
ما رأيك في قرار وزارة الثقافة؟ أشكر وزيرة الثقافة، السيدة خليدة تومي، على قرار التكفل بالفنانين الجزائريين الذي جاء في وقته، حيث سيخدم الفئة المهمشة، لاسيما الذي يعيش وضعية اجتماعية صعبة، سواء بسبب المرض أو أزمة السكن أو غيرها، والأمثلة موجودة، لذلك فبوجود منحة التقاعد والضمان الاجتماعي، يكون الفنان الجزائري قد استرد جزءا من حقه حتى وإن تأخر، المهم أنه مكسب تشكر عليه الوزارة.
ماذا قدم عبد القادر الخالدي للأغنية البدوية، وأين هي من الطبوع الغنائية الأخرى؟ ساهمت في الحفاظ على الأغنية البدوية وأدخلت عليها موسيقي، وهو اجتهاد مني، فأنتجت أزيد من 50 أغنية طيلة مسيرتي الفنية التي تتعدى 30 سنة، وأعتقد أنني خدمت بشكل ما الطابع الغنائي الذي أقدمه. أما فيما يخص الأغنية البدوية فهي مظلومة إعلاميا ببلادنا، ولم تأخذ حقها من الشهرة، مثل الأغنية الشاوية أو القبائلية، بالرغم من جمهورها الغفير الذي يذهلني عندما أشاهد إقباله على المهرجانات الغنائية التي تقام بعدد من ولايات الغرب الجزائري المعروفة بالفن البدوي، على غرار مستغانم، غليزان، تيارت، سعيدة وغيرها، ورحم الله عمالقة الأغنية البدوية الذين منهم من نقلها إلى عمق أوروبا على غرار أسطورة الأغنية البدوية المرحوم الشيخ حمادة.
هل قاطعت مهرجان الأغنية الوهرانية في طبعاته الأخيرة؟ لم أقاطع مهرجان الأغنية الوهرانية، إنما أردت أن أترك الفرصة للشباب، لأخذ دورهم في هذه المناسبات والظهور أمام الجمهور، بعد أن أصبح سوق الأغاني غير متاح بسبب رفض المنتجين تسويق الإنتاج وتفضيل الأغاني الهابطة.
بخصوص جديدك الفني، على ماذا تشتغل الآن؟ لديّ أغنية جديدة حضرتها خصيصا للعرس الاستحقاقي الذي ستعيشه الجزائر في 17 من شهر أفريل المقبل، تحمل عنوان: “نبغي بلادي همّتها همة... نبغي اولاد الجزائر متحدين”، هي رسالة إلى الجزائريين عامة من أجل الوحدة والمشاركة بقوة في الانتخابات الرئاسية المقبلة التي تعد بصدق استمرارية للديمقراطية والإنجازات الضخمة التي عرفتها بلادنا خلال 15 سنة الأخيرة، فنجاح مسار الديمقراطية ببلادنا الجزائر وتغليب صوت الصندوق يعني للعالم حلول ربيع عربي بالورود. كما أنني بصدد التحضير لمشروع غنائي جديد يضم 70 قصيدة من التراث الوهراني لكبار شيوخ الملحون، سأقوم بتوزيعها على جميع الإذاعات الوطنية مجانا، في مبادرة مني من أجل المحافظة على التراث من جهة، وإثراء الرصيد الغنائي للأغنية الوهرانية من ناحية أخرى، لاسيما أن فناني الأغنية الوهرانية بعد أحمد وهبي وبلاوي الهواري ينحصرون في الفنان بارودي بن خدة، عبد القادر الخالدي والهواري بن شنات، وقمت بهذا المشروع حتى أضع بين يدي الشباب الحالي ممن يؤدون الأغنية الوهرانية رصيدا من القصائد التراثية التي تطلبت البحث والتنقيب، حتى لا تغيب شمس الأغنية الوهرانية بغياب روادها يوما ما.
كلمتك الأخيرة. أشكر جريدة “المساء” على هذه الاستضافة الطيبة، وأتمني التطور والرقي لبلادي والفنان الجزائري، كما أطلب من شباب اليوم، من مطربي الأغنية الوهرانية، أن يبذلوا الجهد في سبيل البحث عن تراثنا الغنائي الغني من أجل تقديم الأفضل والأجمل، ليكون شاهدا عليكم أمام الأجيال التي ستأتي فيما بعد.