أكدت أرملة الشهيد علي ملاح أن الحرية اشتريناها بدماء الشهداء التي ارتوت بها أرض الجزائر التي تحتفظ في كل شبر منها بقطرة دم شهيد، كما تحفظ وحوش الغابة أجزاء من أجساد أبطال الجزائر الذين رمت بهم فرنسا بعد أن نكلت بهم وتفننت في تعذيبهم قبل أن تلقي بهم في مناطق عدة لتتخلص من جريمتها، مضيفة أن مئات الشهداء لم يعثر لهم على قبر ولا حتى رفات، لأنهم ببساطة كانوا طعاما للذئاب و«وحوش الغابة " . وعشية الاحتفال باليوم الوطني للشهيد، المصادف ل18 فيفري من كل عام وإحياء منها للذكرى، نظمت جمعية "مشعل الشهيد"، أمس، بمنتدى جريدة "المجاهد"، وقفة عرفان "لشهداء بلا قبور"، في إطار الأسبوع الثقافي والتاريخي الرابع عشر الذي تنظمه الجمعية، وتم خلال المنتدى استضافة عدد من أرامل وبنات الشهداء من الولايات الست التاريخية التي يحتضن ثراها مئات الشهداء -المعروفون منهم والمجهولون- وتم بالمناسبة تكريم أرامل الشهداء في حفل رمزي. وأوضحت أرملة علي ملاح أن زوجها الشهيد وعلى الرغم من المنصب القيادي الذي تولاه إبان الثورة إلا أنه لم يعثر على قبره إلا سنوات بعد الاستقلال، والفضل في ذلك يعود إلى شهادة رفاق ممن كانوا معه ورافقوه أثناء استشهاده، غير أن الكثير من الشهداء لم يعثر على قبورهم إلى يومنا هذا وهو ما يؤكده رئيس جمعية مشعل الشهيد، السيد محمد عباد، الذي لا يزال هو الآخر يبحث عن قبر والده الشهيد، مشيرا إلى وجود العديد من الأرامل وأبناء الشهداء الذين يبحثون عن قبور شهدائهم. وأشار السيد عباد إلى غياب إحصائيات دقيقة عن عدد شهداء الثورة بلا قبور لأن عائلاتهم كفت عن السؤال والبحث عنهم واكتفت بوسام استشهادهم وبالحرية التي حققوها لأبنائهم وللشعب الجزائري، مضيفا أن من بين هذه الفئة من الشهداء نجد أسماء كبيرة ومعروفة في الوسط الجهادي والاستشهادي على غرار علي ملاح، السي مفتاح عثماني احمد وغيرهم من الرموز الذين تحفظ لهم شهادات الرفاق وكتب التاريخ شجاعتهم وبطولاتهم. وكشف لقاء منتدى الذاكرة أن العديد من العائلات وبالأخص أرامل الشهداء لازلن يبحثن عن قبور أزواجهن الذين خرجوا يوما تلبية لنداء الجهاد فتركوا العائلة والأهل والأبناء وذهبوا بدون رجعة، ودون أن يروا الجزائر مستقلة تنعم بالحرية يحيا فيها أبناؤهم الذين دخلوا في رحلة بحث عن آثار آبائهم الذين لم يعثروا لهم على قبر على الرغم من القصص البطولية التي تسجلها كتب التاريخ التي تروي بطولات عدد من الشهداء الذين دوخوا المستعمر. وروت كل من خالتي وردية، تسعديت، زهرة وحليمة وأخريات تفاصيل مشوقة عن بطولات أزواجهن الذين لم يترددوا ولو للحظة في الالتحاق بالثورة رغم مسؤولياتهم العائلية، مخلفين وراءهم أطفالا صغارا وزوجات في مقتبل العمر لم يتوقفن يوما في البحث عن بقايا الشهيد الذي انقطعت أنباؤه بل ولم يعثر له على أثر باستثناء وثيقة تؤكد استشهاده وبعض التفاصيل عن كيفية تعذيبه ومن ثم إعدامه من قبل المستعمر الفرنسي.