احتضن المركز الثقافي ”مصطفى كاتب” بالعاصمة هذه الأيام، فعاليات صالون كتاب الطفل بمشاركة قرابة 10 دور للنشر. وأبدى بعض محدثي ”المساء” امتعاضهم من توقيت الصالون الذي تزامن مع اختبارات الفصل الثاني، وهو ما أثر على إقبال التلاميذ تحديدا والآباء ممن اهتموا أكثر بتحضير أطفالهم لهذه الامتحانات. يشهد الكتاب إقبالا من مختلف الفئات العمرية، خاصة مع التوفر الكبير الذي يشهده سوق الكتاب في الجزائر. ولعل المعارض والصالونات المقامة بين الفترة والأخرى، تسمح للعديد من محبي الكتب بالتردد على هذه الأماكن التي تجمع الكثير من دور النشر والمؤلفين والكتاب، مما يجعلهم على احتكاك مباشر مع الجمهور. هذا الأخير لم يعد حاليا يقتصر على الراشدين، بعدما عرف قطاع كتاب الطفل انتعاشا كبيرا يترجمه عدد الكتب الكبير والقصص الموجهة إليهم. في نفس السياق، تحدثت ”المساء” إلى السيد عبد الحفيظ بوخلاط، كاتب ومؤلف قصائد تربوية للطفل، أمضى قرابة 37 سنة في مجال التعليم والتأليف الموجه للطفل حول مواضيع مختلفة تتناول الوالدين والوطن والعلم والمعلم، حيث قال؛ إن مجال الكتب القصصية الموجهة للطفل ازدهرت كثيرا في الجزائر بداية من سنة 2000، قبلها كان فيه نقص كبير في هذا المجال. ”كانت كتب الطفل نادرة للغاية، خاصة في سنوات الثمانينيات، مما جعل الأطفال يعتمدون على القصص التي تحتويها الكتب المدرسية، خاصة اللغة العربية ودراسات النصوص، أما اليوم فهناك وفرة تريح الأنفس، خاصة بالنسبة لمحبي المطالعة من الآباء الذين يؤثرون بشكل إيجابي على أطفالهم ليصبحوا قراء الغد”. ويرجع المتحدث العوامل المساهمة في وفرة كتب الطفل حاليا إلى كثرة دور النشر التي أصبحت تتنافس بينها فيما يخص تنويع قائمة الكتب التي تقترحها على الجمهور، بالتالي كتب الطفل. ومن جملة الكتب الموزعة على دور النشر المشاركة في الصالون، لاحظت ”المساء” تنوعا في المواضيع، حيث حضرت قصص الأنبياء المبسطة الموجهة للطفل، إلى جانبها القصص القرآنية الخاصة بالحيوانات المذكورة في القرآن، قصص الشهداء، كتب عن الثورة والكثير من الكتب شبه المدرسية، القواميس والموسوعات المبسطة الخاصة بالحيوانات والنباتات وغيرها، كما كان هناك حضور قوي لكتب تعليم اللغات الأجنبية دون نسيان القصص العالمية المقدمة بأشكال جميلة وجديدة، رغم أنها قصص ضاربة في القدم، لعلنا جميعا قرأناها في صغرنا على نحو ”أليس في بلاد العجائب”،”سندريلا والقبعة الحمراء”، لكنها مقدمة بطريقة مبتكرة تختلف في الشكل والرسومات، حسب دور النشر. وتم اعتماد تخفيضات مغرية بهذا الصالون لتمكين الجمهور الصغير من اقتناء العديد من العناوين والقصص، وفي السياق، تقول السيدة حورية ممثلة دار قرطبة للنشر؛ اعتمدت الدار على تخفيضات تصل إلى 40 %، مشيرة إلى أن القصة ”الكوادري” يعني الملونة كلية من أول صفحة إلى آخرها، تكون غالية الثمن بثلاثة أضعاف عن سعر القصة نصف الملونة، رغم ذلك تم تخفيض أسعار الأولى إلى 80 دج عوض 130 دج، والثانية إلى 30 دج عوض 80 دج، إلى جانب أسعار خاصة بالقواميس وكتب تعليم الفرنسية والإنجليزية. ولم تنس المتحدثة إبداء انتقادها للجهة المنظمة التي لم تحسن حسبها- اختيار التوقيت المناسب لصالون كتاب الطفل، حيث لا يمكن للطفل المتمدرس ارتياد مكان الصالون لأنه لم يخرج بعد في عطلة، وتشير إلى أنه كان من الأحسن اختيار أيام العطلة الربيعية، إذ ينتظر الصالون أن يسدل ستاره يوم ال20 من الشهر الجاري، وهو نفس تاريخ خروج التلاميذ في عطلة. وبالمثل يقول احسن حميش ممثل دار ‘أناب' للنشر والتوزيع، موضحا أن توقيت تنظيم الصالون لم يكن مدروسا جيدا، ”لقد اعتدنا تنظيم صالون كتاب الطفل خلال العطلة الربيعية تحديدا، وهي الفترة الزمنية التي تسمح للتلاميذ ارتياد المعارض الموجهة لهم رفقة أوليائهم، لكننا لاحظنا إقبالا ضعيفا جدا للأطفال منذ الفاتح مارس، تاريخ بدء هذا الصالون، إلا خلال عطل نهاية الأسبوع، وأعتقد أن التفكير في تنظيم صالون خاص بالطفل من 3 إلى 7 أيام عدة مرات في السنة أحسن بكثير من تنظيمه لمدة 20 يوما ومرة واحدة في السنة”. ويشير احسن إلى أن المؤسسة الوطنية للنشر والإشهار تعتمد على سياسة خاصة في الصالونات، ومن ذلك صالون كتاب الطفل، حيث اعتمدت فيه على تخفيض الأسعار ب25 بالمائة، وأضاف أن تردد الأولياء على الصالون مهم، لكن الأهم أن يكونوا مع أطفالهم لتوريث ثقافة الكتاب. وهو نفس ما تذهب إليه السيدة أم عبد الرحيم التي صادفتها ”المساء” في الصالون رفقة ابنها، موضحة أن الأصل في تلقي الثقافة هو الكتاب، تبقى وسائل التكنولوجيا كلها مجرد تكملة وفقط، ”لذلك أحرص على التردد على كل صالونات الكتاب خاصة في العاصمة لشراء مزيد من الكتب والدعائم التثقيفية لطفليّ”. وتلفت المتحدثة أنظار الآباء إلى أهمية توريث ثقافة الكتاب للأبناء، موضحة في نفس السياق أن الأبناء في هذا العصر يميلون كثيرا إلى الألعاب الإلكترونية، خاصة أنها مغرية، لكن الآباء عليهم توجيه هذا الميول إلى ما يخدم آفاق أبنائهم العلمية.