تملصت إسرائيل من التزامها في الإفراج عن الدفعة الرابعة والأخيرة من الأسرى القدامي الذين تم الاتفاق على إطلاق سراحهم في إطار إعادة بعث مفاوضات السلام مع الفلسطينيين تحت الرعاية الأمريكية، شهر جويلية الماضي. وقال جبريل جبور، عضو اللجنة المركزية في حركة التحرير الفلسطينية “فتح”، إن “الحكومة الإسرائيلية أبلغتنا عبر الوسيط الأمريكي بأنها لن تقوم بالإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى” المقررة اليوم السبت. وأضاف أن “إسرائيل رفضت احترام قائمة أسماء الأسرى المتفق على إطلاق سراحهم” رغم أنهم معتقلون في السجون الإسرائيلية قبل اتفاقيات أوسلو الموقعة عام 1993. وهو ما جعل القيادي الفلسطيني يدين “صفعة حكومة الاحتلال للإدارة الأمريكية” والتي من شأنها تقويض مفاوضات السلام الجارية حاليا. وجاء الإعلان عن التراجع الإسرائيلي غداة اللقاء الذي جمع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، بالموفد الأمريكي إلى الشرق الأوسط، مارتن انديك. وبعد يومين من زيارة وزير الخارجة الأمريكية، جون كيري، إلى عمان الأردنية في مهمة لحلحلة مسار سلام يوشك على الانهيار بسبب مواقف التعنت الإسرائيلية التي لا تفوت أي فرصة لضرب العملية السلمية. يذكر أن الاتفاق الذي تم بموجبه استئناف مفاوضات السلام بعد ثلاث سنوات من التوقف يقضي بإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين القدامي المعتقلين قبل اتفاقيات أوسلو والبالغ عددهم 104 أسرى عبر أربع دفعات بالتزامن مع استمرار المفاوضات. وقامت إسرائيل بالإفراج عن ثلاث دفعات منذ شهر جويلية الماضي كل واحدة تضم 26 أسيرا لكنها تراجعت عن إطلاق سراح آخر دفعة بذريعة توتر الأجواء بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي مع قرب انتهاء المهلة المحددة لمفاوضات السلام في 29 أفريل القادم. والحقيقة أن إسرائيل التي تتذرع بتوتر الأجواء تعتبر المسؤولة رقم واحد عن التصعيد الحاصل بالأراضي الفلسطينية من اعتداءات شبه يومية ضد الفلسطينيين ومقدساتهم وأراضيهم ومشاريع استيطانية تكاد تقضي على ما تبقى من الأرض الفلسطينية المحتلة. والمفارقة أن رئيس الدبلوماسية الأمريكية الذي أخذ على عاتقه لعب دور الوسيط في تسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يدرك جيدا أن إنقاذ مساعيه من الفشل المتربص بها مرتبط بمدى استجابة إسرائيل لالتزاماتها التي تفرضها الشرعية الدولية في تسوية القضية الفلسطينية. ويتأكد ذلك مع تصاعد القلق الأوروبي إزاء الانتهاكات الإسرائيلية الصارخة ضد المسجد الأقصى المبارك بالقدسالمحتلة وما يمكن أن يثير ذلك من تصعيد قد يؤدي إلى تفجر الوضع مجددا بالأراضي المحتلة. ودق رؤساء بعثات الاتحاد الأوروبي في القدس الشرقية ورام الله بالضفة الغربية في بيانهم السنوي ناقوس الخطر من تفجر الأوضاع بالمدينة المقدسة وحتى بالعام العربي والإسلامي جراء استمرر الانتهاكات إزاء أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين. وتزامنت تحذيرات البعثات الأوروبية مع مطالبة عدد من النواب في البرلمان الأوروبي، قسم العمل الخارجي الأوروبي، الذي تديره الممثلة العليا للسياسة الخارجية الأوروبية، كاثرين أشتون، على تنفيذ التوصيات الصادرة عن المفوضية الأوروبية بمقاطعة منتجات المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ودعا 29 نائبا أوروبيا في رسالة وجهوها، أمس، إلى أشتون إلى التحرك العاجل لمنع الشركات الأوروبية من التعامل مع منتجات المستوطنات الإسرائيلية. وأكد النواب أن المؤسسات الخاصة في أوروبا تقوم بدور رئيسي في تمويل ودعم المستوطنات الإسرائيلية “غير الشرعية”، حيث تشجع بذلك انتهاكات إسرائيل للقانون لدولي عبر تقديم السلع والخدمات التي تساعد على وجود المستوطنات غير الشرعية. وأصدر الاتحاد الأوروبي خطوطا توجيهية كان من المقرر البدء في تنفيذها مطلع العام الجاري لكن غالبية المؤسسات الأوروبية بما فيها عدة مصارف وشركات بمساهمتها الحكومية تعزف عن تطبيقها خاصة.