لا أحد من الوهرانيين وغير الوهرانيين يجهل بأن الولاية عاشت إلى وقت قريب ندرة المياه الصالحة للشرب وانعدامها في الكثير من البلديات وإن توفرت فهي مالحة، حيث أنه إلى غاية التسعينيات من القرن الماضي كانت ولاية وهران تعرف نقصا فادحا في هذه المادة الحيوية ولم يتعد مخزون الولاية في الكثير من الحالات 185 ألف متر مكعب، في الوقت الذي كانت فيه حاجة الولاية إلى 350 ألف متر مكعب يوميا، غير أن الواقع أصبح مغايرا تماما مع مطلع الألفية الجديدة، وذلك من خلال تجسيد العديد من المشاريع المتعلقة بضرورة توفير مياه الشرب لفائدة الوهرانيين. ومن هذا المنطلق يؤكد تقرير مؤسسة المياه والتطهير بوهران ”سيور” أن توفير الماء خلال الفترة الممتدة من 2001 إلى 2007، لم يكن مبرمجا بطريقة تمكن السكان من الحصول على نفس النسبة والكمية من المياه الصالحة للشرب، وذلك بسبب العديد من المشاكل والعراقيل المسجلة على الأرض، لعل أهمها قلة المنسوب من جهة وكثرة التسربات المائية، بسبب اهتراء قنوات الماء التي يعود تاريخها إلى العهد الاستعماري، الأمر الذي فرض حتمية وضع استراتيجية جديدة تتماشى والمتطلبات المتزايدة للسكان وهو ما تم اعتباره تحديا ورهانا يجب كسبه، وذلك من خلال إجراء دراسة تقنية واقعية وموضوعية ومن ثم العمل الجدي والجاد على الاستجابة لاحتياجات المواطن، المتمثلة في توفير الماء الشروب على مدار الساعة والأسبوع. وعلى هذا الأساس تم بفضل العديد من الاستثمارات والمجهودات المبذولة توفير 285 ألف متر من المياه الصالحة خلال سنة 2009 لتتحسن في 2010، حيث وصلت إلى 300 ألف متر مكعب و350 ألف متر مكعب خلال سنة 2011. وحسب تقرير مؤسسة ”سيور”، الذي عرض على الولاية مؤخرا، فإن تجسيد العديد من المشاريع الكبيرة هو الذي كان وراء توفير مياه الشرب للمواطن بداية من العمل على تحقيق محطة تحليه مياه البحر بمدينة أرزيو، إضافة إلى العديد من العمليات التي تم تجسيدها وإنجازها كانت بفعل إعادة تنظيم الأمور المتعلقة بالتسيير والإنتاج والتخزين على حد سواء، وهي الأمور العملية التي ساهمت في تعزيز قدرات تجديد الشبكة وتنويعها وتمديدها من خلال التعرف على كل أماكن التسربات ومعالجتها في أوانها الشيء الذي مكن في ظرف وجيز استعادة ما لا يقل عن 30 بالمائة من المياه الصالحة التي كانت تضيع في الطبيعة. وأشار المصدر إلى أن ولاية وهران التي كانت في أمس الحاجة إلى قطرة ماء صالحة للشرب أصبحت الآن وبفضل المجهودات الكبيرة من الولايات الرائدة التي تمكنت من توفير ما تستهلكه من ماء، خاصة وأن الحصة الوحيدة للفرد أصبحت 200 لتر يوميا بعدما كانت لا تتعدى 75 لترا يوميا قبل 10 سنوات، زيادة على أن الماء أصبح متوفرا بصفة يومية بعدما كان منذ 10 سنوات خلت لا يتوفر إلا مرة واحدة كل 4 أيام ولساعات لا تتعدى ال10 ساعات. وفي الوقت الذي أصبحت فيه احتياجات الولاية الآن تعادل 350 ألف متر مكعب بات بالإمكان توفير، خلال سنة 2014، ما لا يقل عن 375 ألف متر مكعب، كما أن توفير الماء للمواطنين بالولاية أصبح يمس ما لا يقل عن 99.7 بالمائة طوال أيام الأسبوع وخلال ال24 ساعة. من جهة أخرى، لا بد من التنويه بأن طول شبكة قنوات المياه الصالحة للشرب بالولاية عبر كامل بلدياتها ال26 تعادل 2773 كلم بها 49 محطة ضخ و73 بئرا إضافة إلى 3 محطات للتحلية، الأولى بأرزيو والثانية بالعنصر والثالثة التي ستدخل حيز الخدمة قبل نهاية السداسي الحالي بالمقطع ببلدية مرسى الحجاج على الحدود مع ولايتي مستغانم ومعسكر، علما بأنها الأكبر على المستوى العالمي بطاقة إنتاج تعادل 500 ألف متر مكعب يوميا والتي كلفت الخزينة العمومية 492 مليون دولار، تم تمويلها في حدود 70 في المائة من طرف البنك الوطني الجزائري، بينما ال30 بالمائة الأخرى تمت على حساب مؤسسة تحليه مياه المقطع والشركة الجزائرية للطاقة والمؤسسة الجزائرية للمياه، إضافة إلى محطة التصفية ببريديعه ببلدية بوتليليس و194 خزان ومن هذا المنطلق ويفضل تجند كافة المسؤولين على مستوى ولاية وهران بداية بمديرية الري ومؤسسة ”سيور” والسلطات المحلية الولائية، وصلت الولاية إلى حد الاكتفاء الذاتي من خلال توفير 20 ألف متر مكعب من محطة بريديعة و80 ألف كمرحلة أولى من محطة المقطع ومشروع ”الماو” ب125 ألف متر مكعب ووادي التافنة ب 150 ألف متر مكعب ومحطة ”كهرما” ب 60 ألف متر مكعب، وهو ما يؤكد أن الإمكانيات الآن كبيرة بالنظر إلى تلك التي كانت متوفرة خلال تسعينيات القرن الماضي، حيث كان المواطن بوهران أو أي زائر لا يجد ماء صالحا للشرب. يذكر أن الإنتاج الفائض، الذي تتوفر عليه ولاية وهران، سيتم إعادة توجيهه إلى الولايات الأخرى لاسيما تلك التي تعرف نقصا في هذه المادة الحيوية كما هو حال بلديات ولايتي معسكر ومستغانم كمرحلة أولى ثم ولايتي سيدي بلعباس وعين تموشنت وحتى ولاية غليزان.