أصبح التدفق المتواصل للاجئين السوريين على دول الجوار، يشكل معضلة حقيقية سواء من حيث قدرة هذه الدول على استقبال أعداد إضافية منهم، وأيضا بسبب الظروف الإنسانية الكارثية التي يعيشونها. فكلما اشتد الاقتتال بين الفرقاء في مختلف مناطق سوريا، كلما زاد عدد الفارين من جحيمه الى خارج البلاد على أمل النجاة بأرواحهم من كابوس موت محدق بهم في كل لحظة، في مشهد إنساني كارثي متواصل للعام الرابع على التوالي. وأصبح هذا التدفق المتزايد عبئا على دول لبنانوالأردن وتركيا والعراق، مما أصبح ينذر بكارثة إنسانية تستدعي التفاتة دولية للتكفل بمعاناتهم وتلبية مطالبهم المتزايدة. ولأجل بحث استراتيجية عملية لمواجهة هذه الأزمة الإنسانية عرف مخيم الزعتري في شمال شرق الأردن، أشغال اجتماع ضم وزراء خارجية دول الأردنولبنان والعراق وتركيا ومصر، حضره انطونيو غيتريس، مفوض المحافظة السامية الأممية للاجئين خصص لبحث معاناة ملايين السوريين الذين فروا من جحيم الاقتتال الذي تشهده سوريا منذ مارس 2011. وبحث مسؤولو هذه الدول الآثار الإنسانية التي يتعرض لها هؤلاء، والأعباء الملقاة على كاهل دولهم ومدى مساهمة المجموعة الدولية في تلبية الاحتياجات المتزايدة لهؤلاء اللاجئين. وكذا سبل تحفيز المجتمع الدولي على تقديم الدعم اللازم لدول الجوار السوري، بشكل يتناسب مع حجم احتياجات مئات آلاف اللاجئين السوريين المتواجدين في هذه الدول ومازالت تستقبلهم بالآلاف يوميا. وحسب تقديرات غير رسمية فقد وصل عدد السوريين الذين أرغموا على مغادرة مدنهم الى قرابة ثلاثة ملايين شخص من مختلف الأعمار والشرائح. وبقدر ما زاد عدد هؤلاء كلما شحّت المساعدات الدولية لمواجهة احتياجاتهم التي بقيت في حدود 24 بالمائة من اجمالي المبلغ الذي طالبت به المفوضية السامية للاجئين من اجل تمويل أعمالها في دول المنطقة والمقدر بحوالي 4,4 مليار دولار. وبقيت السلطات السورية في موقع المتفرج على مأساة أصبح يعاني منها سكانها في دول الجوار، حيث اكتفى الرئيس السوري بشار الأسد، أمس، بالدعوة الى “توفير الاحتياجات اللازمة لكل من اضطر للنزوح جراء الأزمة”. وقال الأسد أن “الملف الإنساني وتداعياته يمثل أولوية بالنسبة لحكومته مما يستوجب بذل المزيد من الجهود من قبل المعنيين بهذا الملف، وتسخير كل الإمكانيات واستثمار الموارد بالطاقات القصوى من أجل توفير الاحتياجات اللازمة من مأوى وغذاء ودواء لكل من اضطر للنزوح”. يذكر ان دول الجوار السوري اضطرت الى عقد هذا الاجتماع التنسيقي لدق ناقوس الخطر بعد أن عجزت عن تلبية الاحتياجات المتزايدة للاجئين، وبعد تقارير لمنظمات حقوقية ونشطاء في مجال العمل الإنساني أكدت وفاة عشرات اللاجئين جوعا. وهو ما حثّ المفوضية السامية لشؤون اللاجئين الأممية على توجيه نداء استغاثة باتجاه المجتمع الدولي، لزيادة دعمه بشكل ملموس لبلدان الجوار السوري بقناعة أن “الدعم الذي تلقته هذه الدول يبقى ضئيلا بما يستدعي رفعه وبشكل تصاعدي في اقرب الآجال. وطالب انطونيو غوتيريس، بلدان العالم جميعها أن تنتهج سياسات مفتوحة أمام اللاجئين السوريين، وأن تقدم لهم المزيد من التسهيلات للدخول إلى أراضيها.