وقّعت الجزائروتونس أمس، بقصر الحكومة، على ثلاث اتفاقيات في مجال التعاون المالي وهذا بحضور الوزير الأول، السيد عبد المالك سلال، ورئيس الحكومة التونسية، مهدي جمعة، الذي اختتم أمس، زيارته إلى الجزائر والتي دامت يومين. ويتعلق الأمر باتفاقية إيداع بين بنك الجزائر والبنك المركزي التونسي، بقيمة 100 مليون دولار أمريكي التي تم توقيعها من قبل محافظ بنك الجزائر، محمد لكصاسي، ومحافظ البنك المركزي التونسي، الشاذلي العياري. كما تم التوقيع على بروتوكول مالي يتعلق بمنح قرض للجمهورية التونسية من طرف الجزائر، وكذا منح مساعدة مالية غير قابلة للاسترداد، وقّع عليها كل من وزير الشؤون الخارجية، رمطان لعمامرة، ووزير الخارجية التونسي، مونجي حامدي. وكان الوزير الأول السيد عبد المالك سلال، قد أجرى أمس، محادثات مع رئيس الحكومة التونسية، بقصر الحكومة بحضور أعضاء وفدي البلدين. ومكّنت المحادثات من تقييم التعاون الثنائي، وبحث سبل وإمكانيات تعزيز أواصر الصداقة القائمة بين البلدين. كما استعرض الطرفان خلال اللقاء المسائل ذات الاهتمام المشترك على ضوء تطور العلاقات الثنائية، سواء على الصعيدين السياسي والأمني أو في مجال التعاون الاقتصادي.
ارتياح لنوعية التعاون الأمني بين البلدين وفي لقاء صحفي مشترك أكد وزيرا خارجية البلدين، أنه تم استعراض مختلف جوانب التعاون الثنائي كما هو الشأن للشق الأمني، حيث أشار السيد رمطان لعمامرة، إلى رضا الطرفين لنوعية التعاون المحقق في هذا المجال، مضيفا أن المصالح المختصة تنسّق العمل فيما بينها في ظل وجود عناصر الثقة والقناعة بوحدة المصير المشترك، مع العمل بكل إخلاص من أجل تأمين مواطني البلدين. وأوضح لعمامرة، أنه تم استعراض التطورات الايجابية الخاصة باستكمال الانتخابات الرئاسية ل17 أفريل الماضي، إلى جانب التطورات الحاصلة بتونس، كما هو الشأن لاعتماد الدستور الجديد وقانون الانتخابات، مضيفا أن اللجنة المختلطة الجزائريةالتونسية المنعقدة شهر فيفري الماضي، فتحت العديد من الورشات بخصوص ما تم الاتفاق عليه سابقا، كما هو الحال لتنمية الحدود، وتطوير اقتصاد البلدين في إطار التكامل المغاربي، قائلا في هذا الصدد إن "كل خطوة نخطوها مع بعضنا البعض تشكّل لبنة إضافية على درب بناء صرح المغرب العربي الكبير الذي هو خيار استراتيجي في كلا البلدين".
إجراءات لتسهيل تنقل الأشخاص عبر الحدود وبالإضافة إلى ذلك، فقد اتفق الجانبان على جملة من الإجراءات على مستوى الحدود لتسهيل تنقل الأشخاص تزامنا مع الموسم السياحي، حيث أشار وزير خارجية تونس، منجي حامدي، إلى أن أكثر من مليون جزائري يزورون تونس سنويا، وأنهم مثلما أنقذوا المواسم السياحية السابقة لبلده فإنه يعول عليهم لإنقاذها مستقبلا. وحول هذه النقطة قال السيد لعمامرة، إنه تم وضع تسهيلات عملية عبر نقاط العبور من خلال توسيع مكاتب الأمن والجمارك للسماح للمواطنين بالقيام بالإجراءات المطلوبة بكل أريحية، في حين أشار إلى وجود مزيد من التقارب بين الشعبين الشقيقين، والذي تجسد في تدفق أعداد متزايدة من الجزائريين على تونس في إطار النهضة السياحية في هذا البلد. ودائما في سياق إبراز التزام الجزائر بدعم المرافقة الاقتصادية بهذا البلد، أوضح رئيس الدبلوماسية الجزائرية، أن التعاون الثنائي "متكامل وهو يتطور ويتنوع بأشكال مختلفة"، مشيرا إلى أن هناك "ما يتعلق مباشرة بدعم ميزانية الحكومة التونسية الشقيقة، ودعم ميزانية الدفعات وهناك ما يتطلب عملا للخبراء قصد تمويل عدد من البرامج والمشاريع". وأوضح أنه بناء على ذلك فإن هذه الأمور "مفتوحة وقد تتجاوز ما يتم الإعلان عنه من أرقام"، كون الأمر "يتعلق بعمل متواصل من شأنه فتح ديناميكية في العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين". مؤكدا في هذا السياق وجود "آفاق واعدة لانضمام شركات تونسية لعدد من الشركات الجزائرية لإنجاز مشاريع مشتركة في مجال البنية التحتية والبناء والسكن". أما السيد حامدي، فقد حرص على إبراز الأهمية التي تكتسيها زيارة السيد مهدي جمعة للجزائر، مشيرا إلى أنها تندرج في إطار "تدعيم العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، والارتقاء بها إلى مستويات أعلى في كافة المجالات". وأوضح أن الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها أمس، تشكل "تأكيدا قويا على وقوف الجزائر إلى جانب شقيقتها تونس، ودعمها الكامل لها في هذا المسار الانتقالي، وفي هذه المرحلة الهامة من تاريخها. وأضاف من جهة أخرى أن الفرصة كانت سانحة "لتجديد تهاني الشعب التونسي ورئيسها وحكومتها إلى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بمناسبة إعادة انتخابه رئيسا للجمهورية لعهدة جديدة"، مشيرا كذلك إلى أنه تم تبادل وجهات النظر بين الطرفين حول "القضايا الجهوية والدولية التي تهم البلدين، خاصة الوضع في ليبيا الذي يهم تونسوالجزائر بالدرجة الأولى". إلى جانب التباحث حول "كيفية دعم التعاون والشراكة بين المستثمرين الجزائريينوالتونسيين". وفي رده على سؤال حول موقف الجزائر من المصالحة الفلسطينية، قال السيد لعمامرة، أن الجزائر "سعت دائما إلى المصالحة ومارستها"، مشيرا في هذا السياق إلى أنها تظل إنجازا كبيرا في السياسة التي انتهجها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وأشار إلى أن المفاوضات التي قادها كاتب الدولة الأمريكي جون كيري، لإيجاد حل للنزاع "لم تفلح لحد الآن". مضيفا أن "وحدة الفلسطينيين هي الدافع الأكيد للموقف العربي المشترك من أجل المضي قدما نحو تحقيق سلام جامع بين مختلف الأطياف السياسية على الساحة الفلسطينية".