ثمّن الأستاذ فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان، الاقتراحات التي تضمنتها مسودة تعديل الدستور التي تقدّم بها رئيس الجمهورية في شقها المتعلق بحقوق الإنسان، مؤكدا أن هذه الاقتراحات عند اعتمادها ستضمن حماية حقوق الإنسان، وفقا للمعاهدات الدولية التي صادقت عليها الجزائر لتكريس المبادئ الديمقراطية. أكد الأستاذ قسنطيني في اتصال مع "المساء" أمس، أن الاقتراحات الأولية التي جاءت في مسودة تعديل الدستور يوم الجمعة الماضي، تضمنت العديد من النقاط الإيجابية التي تؤكد وجود إرادة قوية لتحقيق إصلاحات حقيقية في مجال حماية حقوق الإنسان والحفاظ على كرامة الأشخاص وحريتهم، خاصة ما تعلّق بحماية حقوق المتقاضي بعدما نصت الاقتراحات على تعديل الإجراءات المتعلقة باللجوء إلى إحالة المتهمين على الحبس المؤقت، والذي ناضلت من أجله اللجنة الاستشارية لترقية حقوق الإنسان منذ سنوات، وطالبت بإعادة النظر فيه في مناسبات عدة، يقول رئيسها، الذي أوضح أن القانون ساري المفعول واضح في هذا المجال، غير أن تطبيقه ظل هشا، بحيث إن القانون يعطي للقاضي حق إحالة المتهم على الحبس المؤقت في انتظار محاكمته في حالات استثنائية ومحدودة جدا عندما يتعلق الأمر بجرائم خطيرة، قد يشكل وجود المتهم فيها خارج السجن خطرا، أو يمس بسير التحقيق أو غيرها من جرائم القتل والإرهاب، التي تستدعي وضع المتورط فيها رهن الحبس بدون نقاش. وفي سياق تثمينه لهذا الاقتراح الذي يعيد ثقة المواطن في العدالة ويحفظ حقوق المتقاضي؛ إذ عادة ما تم الزج بأشخاص رهن الحبس المؤقت في تهم لا تستدعي ذلك، قال الأستاذ قسنطيني إن الدستور سيحمي حقوق العديد من المتهمين مستقبلا؛ بحيث سيضع حدا لهذه الإجراءات التعسفية؛ كونه اقتراح ستكرسه وثيقة سيادية تعلو على كل القوانين العادية بعدما تم تسجيل "إفراط كبير ومبالغة" في اللجوء إليه، حسب محدثنا، الذي وصف ذلك ب "التقليد الكارثي" الذي يمس بمشاعر المتقاضي وحريته الشخصية وسمعته، عندما يتعلق الأمر بتهم بسيطة يمكن الاكتفاء فيها بتوجيه استدعاء مباشر لحضور جلسة المحاكمة. وتَوقع السيد قسنطيني أن تلقى وثيقة تعديل الدستور ترحيبا من كل الأطراف؛ لأنها تعبّر عن إرادة واضحة لتكريس دولة القانون وحماية حقوق الإنسان، التي تُعد من بين المؤشرات الرئيسة التي تقاس بها الديمقراطية في أي بلد. وأشار الأستاذ قسنطيني إلى أن إصلاح العدالة والتطبيق السليم للقوانين الموجودة يجب أن يتجسد من خلال قرينة البراءة والحفاظ على الأشخاص المشكوك فيهم والمحتجَزين في مراكز الشرطة أو الدرك في إطار البحث الابتدائي، كما نصت الوثيقة على أنه لا يجب أن يتم حجزهم لمدة تتجاوز 48 ساعة، ومنحهم الحق في زيارة طبيب للكشف عن حالتهم وكذا الاتصال مباشرة بذويهم أو بالمحامي. كما صرح محدثنا بأن ما تضمنته الوثيقة الخاصة بتعديل الدستور، سيكرّس المزيد من الحريات والديمقراطية لتعزيز ما هو موجود حاليا في مجال حرية الأشخاص وحرية التعبير والصحافة.