بقي المطرب القدير لونيس آيت منڤلات، وفيا لأسلوبه في إنتاج أغانيه، إذ صدر مؤخرا ألبوم جديد عنوانه “إسفرا” أو “قصائد”، التي تتبنّى جوانب من الحياة في عمقها ودلالتها الفلسفية، هي أشبه بدروس استمدها من الأيام في معظمها، وتذكير لجوانب أخرى يعتقد أنها جديرة بالتأمل في معناها الحقيقي، معتمدا على بصمته الموسيقية بحيث يكفي الاستماع إلى مدخل كل أغنية بالقيثارة والبندير والناي لتتأكد أنك مع واحدة من ابداعات الحكيم لونيس آيت منڤلات. يبدو أن المطرب القبائلي لونيس آيت منڤلات يسير بمنطق “لا يغير الفريق الذي يكسب”، وعاد يوم الثلاثاء الماضي، إلى جمهوره بألبوم جديد بعد أربع سنوات من انتاجه لألبوم “ثاوريقت ثاشفحانت” بمعنى الورقة البيضاء، وقد ملأ أوراقه هذه المرة بالقصائد “إسفرا” في ثماني أغان أبدع فيها فريق عمله، حيث ما زال يعتمد على ابنه جعفر، وعازف البندير الشهير سعيد غزلي، في الأداء الموسيقي، كما اعتمد على عزف العود والكمان والقيثارة والبانجو. استهل الألبوم بأغنية “إسفرا”، وختمها ب"إسفرا نيضن” بمعنى “قصائد أخرى”، ما يوحي بارتباط هذا الرجل بفعل نظم الشعر المتواصل، ويضم العمل أيضا أغاني أخرى هي “تاموطوث” بمعنى “المرأة”، و"أغفور” بمعنى “المطر”، و"عواز” بمعنى “العجز” و"روح أزمان” بمعنى “إذهب يا زمن” و"والاغ” بمعنى “رأيت”. أما “إسفرا” فتقتفي آثر الأيام وما تفعله بالإنسان، وكيف ترميه من هنا وتلمه من هناك، إسقاط لتناقضات الحياة، ومواساة لمن جارت عليه الدنيا، أرسلها الحكيم آيت منڤلات، في أشعاره ليصيب المعنيين بالأمر. كذلك معظم أغاني المطرب الحديثة والسابقة تصب في المصب نفسه، ولعل أغنية “تامطوث” أو المرأة الأكثر لفتا للانتباه، فقد نظمها بشكل عرض حالات ثم تثمينها في كل مرة، ويزيد من شأنها أكثر في آخر مقطع للأغنية، فيشير للمولودة الجديدة التي لا تقام من أجلها الأعراس مثلما يحدث للمولود الذكر، ولكن الأب لا يجد سوى ابتسامتها بمثابة إشراقة شمس، وكذلك عرّج على الأخت التي ترعى أخاها ثم يسيء معاملتها ليذكّره بأنها أخته، ثم يتطرق إلى الزوجة وما تتحمّله من تعب من أجل زوجها، وأخيرا يتعرض للأم التي ترتعش كبدها بمجرد أن ابنها لم يدخل البيت وما تقدمه لأجل أن يحيا سالما غانما. جدير بالذكر، أن شركة الإنتاج “إيزم” قدمت العمل بجودة عالية من ناحية الصوت، بحيث يمكن للمستمع أن يستمتع بعذب صوت آيت منڤلات، وإحساسه المرهف في الأداء، وكذا تذوق عزف الآلات الراقي للعازفين. وقام ابنه طارق أيت منڤلات، بترجمة كلمات الأغاني إلى الفرنسية في كتيب مرفق بالألبوم، وأنجزت ابنته حياة، غلاف الألبوم وعملت على تقديمه في حلّة فنية أصلية.