بحث رئيس المجلس الشعبي الوطني محمد العربي ولد خليفة أول أمس مع رئيس مجلس الشيوخ الإسباني بيو غارسيا اسكوديرو، القضايا التي تهم البلدين على المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية. كما استُقبل ضيف الجزائر من قبل الوزير الأول عبد المالك سلال. وأعرب الطرفان عن ارتياحهما للتطور الإيجابي الذي يميز التعاون بين البلدين. وأوضح بيان للمجلس أن ولد خليفة عبّر خلال هذا اللقاء عن ارتياحه للعلاقات السياسية الجيدة التي تجمع الجزائر وإسبانيا، مشيرا إلى أن هذه العلاقات ما فتئت تعرف منحى إيجابيا، لاسيما بعد الزيارات رفيعة المستوى التي تبادلها المسؤولون في البلدين منذ سنة 2000. واعتبر ولد خليفة بالمناسبة أن العلاقات البرلمانية بين البلدين مازالت بحاجة إلى دفع أكبر، مبديا في نفس الوقت تفاؤله بإسهام المجموعة البرلمانية للصداقة الجزائر - إسبانيا التي أنشئت في شهر جوان من العام الماضي في ترقية هذه العلاقات نحو آفاق مزدهرة. وإذ أبرز أهمية العلاقات الإنسانية التي تشكل، حسبه، "عاملا مهمّا في تقريب البلدين والشعبين"، أكد رئيس المجلس أن الجزائر وإسبانيا تجمعهما علاقات تعاون حيوية في ميادين اقتصادية شتى، مستدلا في هذا المقام بحجم التبادلات الثنائية الذي يقارب 8 ملايير دولار. وفي سياق متصل، أكد السيد ولد خليفة أن الجزائر ترغب في الاستفادة من التجربة الإسبانية، خاصة في مجال البناء والري والأشغال العمومية، داعيا إلى تقديم مزيد من التسهيلات لحركة تنقّل الأشخاص ورؤوس الأموال لدعم هذه الديناميكية. ولدى تطرقه للقضايا المطروحة على الساحتين الإقليمية والدولية، أكد السيد ولد خليفة أن "الجزائر تتقاسم حدودا شاسعة مع بلدان تعاني من أزمات خطيرة؛ ما جعلها لا تدّخر جهدا لمساعدة هذه الدول المجاورة لاستعادة استقرارها". وتحدّث في هذا الخصوص عن المساعي التي تقوم بها الجزائر "لتقريب وجهات نظر الفرقاء الماليين، وحثهم على اعتماد الحوار السلمي، الذي ما فتئت الجزائر تؤكد أنه هو الحل الوحيد للخروج من الأزمة". وبخصوص قضية الصحراء الغربية، أكد رئيس المجلس أمام ضيفه، أن الجزائر "ليست طرفا في هذا النزاع، وأنها تؤمن بأن حل هذه الأزمة يكمن في تمكين الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير عبر استفتاء حر، ينظَّم تحت إشراف الأممالمتحدة". على صعيد آخر، أكد رئيس المجلس أن "الإرهاب عابر للحدود، وقد بات يشكل عدوا مشتركا للجميع"، موضحا أن مقاربة الجزائر لمكافحة هذه الظاهرة، "تتمثل في تجفيف منابعه؛ من خلال تجريم الفدية ومكافحة الاتجار بالمخدرات، مثلما تقتضي، في نفس الوقت، دعم جهود التنمية المحلية التي لا يمكن الاستغناء عن دورها في تثبيت الاستقرار والأمن". واعترف السيد بيو غارسيا اسكوديرو من جهته، بأن العلاقات البرلمانية بين الجزائر وإسبانيا لم تبلغ بعد المستوى المرجو رغم كون البلدين متقاربين سياسيا، اقتصاديا وجغرافيا. وأوضح أن زيارته للجزائر "لها هدف أساسي، يتمثل في إنعاش العلاقات مع بلد يُعد الشريك الإفريقي الأول لمملكة إسبانيا". كما أشار ضيف الجزائر إلى أن البرلمان الإسباني يعتزم في الخريف المقبل، تنظيم دورة مشتركة بحضور الغرف الأربع لبرلماني البلدين، لبحث فرص التعاون في المجالات التي يمكن لبرلماني البلدين المساهمة في تحقيقها. وأبدى بالمناسبة استعداد بلاده لمرافقة جهود التنمية في الجزائر بخبرتها وتكنولوجياتها المتطورة، لاسيما في مجال البناء والطاقات المتجددة وقطاع الاتصالات. واغتنم رئيس مجلس الشيوخ الإسباني الفرصة للإشادة بجهود الجزائر في حماية الأمن والاستقرار في منطقة شمال إفريقيا والساحل، كما أثنى، بوجه خاص، على نجاحها في جمع الفرقاء الماليين للتوقيع على اتفاق لمباشرة الحوار، لإيجاد حل نهائي للأزمة في هذا البلد. وختم المسؤولان لقاءهما بالدعوة إلى استغلال الإرث الثقافي الإسباني المشترك بين الجزائر وإسبانيا، وتوظيفه في تحقيق مزيد من التقارب بين شعبي البلدين". وكان رئيس مجلس شيوخ مملكة إسبانيا استُقبل قبل ذلك من قبل الوزير الأول عبد المالك سلال، الذي تطرق معه للعلاقات الثنائية التي وُصفت بالممتازة، لاسيما منذ توقيع سنة 2000، على إعلان سياسي أُسس لآلية تشاور وحوار رفيعة المستوى بين البلدين. وجدّد الطرفان بعد تسجيلهما بارتياح التطور الإيجابي للتعاون في مختلف المجالات، إرادتهما في تطوير العلاقات بما يخدم مصلحة البلدين والشعبين.