تتردد عبارة رمضان كريم على لسان المواطن الجزائري في الشهر الفضيل وقد يعتبر البعض أن هذه الأخيرة لاتعدوا مقتصرة على إعداد وتناول الطعام بلا حدود وبالطبع هذا إعتقاد خاطئ إذ أن كرم هذا الشهر لا يعني الإسراف بل يقصد به كرم الله في إثابة الصائم. هناك ظاهرة يمتاز بها الأسر الجزائرية وخاصة الشعوب العربية دون باقي الأمم وهي التبذير والبذخ حيث تشير الإحصائيات أن نسبة رمي الطعام في القمامة في بعض الدول العربية الإسلامية أثناء رمضان يبلغ 45 بالمئة من إجمالي المأكولات التي يتم إعدادها أي أن ما لا يأكل خلال هذا الشهر يمكن أن يكون كافيا لإشباع دولة فقيرة ؟وتتنافى هذه الحقيقة مع مبادئ وقيم هذا الشهر الفضيل وثمة عوامل عدة تجعل هذا الظاهرة في تزايد مستمر أبرزها : تطور أساليب الدعاية التي تغري بشراء المنتج وإلحاح في تكرارها خصوصا مع بداية شهر رمضان فضلا عن عروض الحسومات التي تقدمها المحلات التجارية ومراكز التسوق لجذب المستهلك فيندفع بعض الأسر إلى شراء سلع قد يكون في غنى عنها ولا يقتصر الإسراف على المرأة بل أن بعض الأزواج يساهم بدوره في الإسراف عندما يبالغ في الطلب أصناف وأشكال من الأطعمة فتقوم الزوجة بإعدادها بشكل إضافي لإرضائه علما أنه أثناء رمضان تكون نسبة إستهلاك الطعام لدى الصائم أقل منها في الأحوال العادية وبالتالي فإن جزء كبير من هذه الأطباق لا يؤكل .
الإسراف بذخا عند البعض وكرما عند البعض الأخر ويعتبر إعداد الولائم الباذخة من العادات والتقاليد الراسخة في المجتمع الجزائري ويتسابق عليها البعض مع بداية شهر رمضان،معتقدين أن الإسراف في إعداد كميات هائلة من كل مالذ وطاب حتى وإن كان مصيره الرمي،هو دليل على الكرم والجود وحسن إستقبال الضيوف والحقيقة أن هذه السلوكيات مبنية على مفاهيم خاطئة وفي الأوانة الأخيرة تجاوزت موائد الإفطار الرمضانية حدود الكرم وأصبحت من المظاهر الإجتماعية التي يحسب لها ألف حساب ،فأنتجت نوعا من التفاخر والمباهاة . ولعل ما يثير الدهشة هو عدم إقتصار ظاهرة الإسراف على الطبقات المتوسطة في المجتمع الجزائري حصرا ،بل هي تمتد لتشمل الطبقات الأدنى منها ،حيث تشعر المرأة الجزائرية وربة المنزل بالحرج ،إن لم تكتظ المائدة التي تدعوا إليها في رمضان بأشهى المأكولات حتى وإن كانت إمكانتياتها لا تسمح بذلك ،وقد يضطر زوجها إلى الإستدانة لكي يظهر في أحسن صورة . لذا ،ننبه من أن الإسراف عادة يرفضها المجتمع والشرع في الأحوال العادية ،فما بالنا في الشهر الذي نتقرب فيه إلى الله بالطاعات والعبادات لنيل رضاه ؟ وينبغي أن يعلم من يملأن موائدهم أن الكرم الذي يحث عليه الشهر الفضيل هو كرم الأخلاق في المعاملة وتعزيز الروابط الأسرية والإجتماعية ،وأن التحلي بصفة الكرم يتجلى في التصدق للفقراء.
كثرة الطلبات قد تؤدي إلى خلافات زوجية حيث جرت العادة في غالبية بيوت الأسر الجزائرية على تجديد الأثاث وشراء مستلزمات الولائم والعزائم من أطقم وأوان وكميات إضافية من الأطعمة قبل حلول شهر رمضان،وقد يسبب هذا الامر في حدوث عدم توازن بين ماتطلبه الزوجة وما يستطيع توفيره ما ينذر بوجود مشاحنات وخلافات عدة. وهناك الكثير من الحالات التي وصلت إلى الطلاق بسبب هذه المصروفات في حين أنه يمكن تقسيم المشتريات على شهرين أو اكثر كي لاترهق ميزانية الأسرة في شهر واحد كما يمكن إعادة النظر في قائمة المشتريات والإستغناء عن بعض البنود حتى تتناسب والدخل المتاح.