من بين الظواهر السلبية التي تفشت في رمضان ظاهرة الإسراف في الأطعمة، وما يجري في سائر المنازل من طهي وطبخ العديد من المأكولات وإعداد للمشروبات ثم يتناول منها جزء ويتلف ما تبقى وذلك خلال إنفاق الأموال على أنواع مختلفة من السلع والأطعمة ومن ثمة إهدارها والإلقاء بها في النفايات مع الأوساخ مما ينعكس سلبا مع قيم وأخلاقيات هذا الشهر الفضيل. وظاهرة الإسراف في الأطعمة لا تقتصر مع الأسف على بعض العائلات بل تشمل جميع الأسر غنيها وفقيرها، وأصبحت هذه العادة السيئة صفة ملازمة لجميع الأسر، وقد امتدت إلى هؤلاء الذين يفطرون بالمساجد أين يحضر كل شخص ما يراه من الأطعمة والتمر مما يفيض عن حاجة المفطرين في المسجد، وقد يأكل بعضه والباقي يرمى ويتلف. وما نلاحظه يوميا في الأسواق الجزائرية ومنذ الأيام الأولى من حلول شهر رمضان هذا إن لم نقل الأيام التي تسبق حلوله بأسابيع توافد المواطنين على الأسواق لشراء أنواع المواد والمأكولات المتنوعة أين يتجاوز المصروف والإنفاق في الكثير من الأحيان نفقة الأشهر الأخرى، حيث يقومون بشراء كميات كبيرة من الأطعمة والمواد، وفي الأخير ترمى في القمامة وفي هذا المجال راح التجار يستغلون الفرصة في زيادة الطلب من خلال بيع سلعهم بأسعار خيالية ليبقى المواطن البسيط وحده يدفع الثمن نتيجة عدم تحمله للمصاريف الباهظة. وقد عمدت أغلب الأسر الجزائرية إلى شراء كميات كبيرة من الطعام لكن الذي يحدث أنهم لا يستهلكون ربع هذه الكميات ويقومون برميها في القمامة مستهترين بالنعم التي أنعمها الله علينا، متناسين أنه في نفس الوقت لا توجد عائلات لا تجد ما تفطر عليه أو ما تسد به رمقها بالرغم من أن معظم الأسر الجزائرية من ذوي الدخل المحدود يعاني أفرادها في سبيل تأمين لقمة العيش فيعملون جاهدين أثناء الليل وأطراف النهار في سبيل الاكتفاء ولكن كل تلك الجهود والهموم تناسوها بمجرد حلول شهر رمضان، أين راحوا يتنافسون في شراء المواد رغم الغلاء الفاحش الذي عرفته الأيام الأولى من شهر رمضان. وللأسف الشديد فقد تحوّل شهر رمضان الفضيل إلى موسم للتبذير والبذخ والإسراف لدى أغلبية الأسر بالرغم من أزمة ارتفاع الأسعار التي عايشتها ولايات الوطن بمجرد دخول شهر رمضان التي مست جميع أنواع السلع ومنها ندرة مادة الخبز، إلا أن هذا لم يوقف ظاهرة التبذير للخبز كظاهرة سلبية لا تتوافق مع شعائر هذا الشهر الفضيل أين امتلأت أغلب الحاويات للنفايات على مستوى الأحياء الشعبية أو حتى في أوساط المدن بأكياس كبيرة ممتلئة عن آخرها إلى جانب أنواع أخرى من المأكولات. وفي حديثنا إلى بعض المواطنين كونهم هم المسؤولون عن شيوع تلك الآفة التي باتت تملأ جل شوارعنا وأزقتنا بعد جلبهم لتلك المواد بكميات متزايدة تفوق بكثير متطلبات الأسرة الواحدة فأجابتنا السيدة (ن. س) أنه من العيب أن يتم تبذير الطعام بهذه الطريقة وخاصة فيما تعلق بمادة الخبز في الوقت الذي ينخر الجوع أجساد المئات من المعوزين، لذلك وجب وضع ميزانية متوازنة لوضع حد لهذا التبذير حتى لا يكون مصير الأطعمة إلى حاويات النفايات. كانت هذه ميزة الأيام الأولى من رمضان، فالخبز والأطعمة الأخرى في كل مكان بسبب ارتفاع نسبة الشراهة لديهم التي ساهمت بدورها في ارتفاع نسبة التبذير.