خفضت محكمة الاستئناف لمجلس قضاء الشلف مؤخرا، الأحكام الابتدائية الصادرة بحق أرباب مطاحن الشلف وباقي المتابعين في ملف التلاعب بالقمح المدعم وتحويله عن مقصده لبيعه بأسعار مرتفعة في السوق الموازية، من ثلاث سنوات حبسا نافذا إلى عقوبات جزائية تتراوح بين عامين و18 شهرا حبسا نافذا، بينما قرر ممثل الحق العام، الطعن أمام قسم النقض بالمحكمة العليا، في القرارات الجزائية الصادرة في جلسة الاستئناف التي تأجلت ثلاث مرات بعد التغيير الذي طرأ على مجلس قضاء الشلف على ضوء حركة التحويلات التي أعلن عنها وزير العدل حافظ الأختام في الفترة الأخيرة. وكانت الغرفة الجزائية تابعت ما لا يقل عن 71 شخصا بين أرباب مطاحن الدقيق وموظفين ومحاسبين وموّالين وسبعة أشخاص عن تعاونية الحبوب والبقول الجافة لوحدة تنس، من ضمنهم المدير المالي ورئيس مصلحة الاستغلال ورئيس وحدة المجمع الحديدي وموظفة أخرى، بتهم ثقيلة تتعلق بالمضاربة غير المشروعة وتبديد أموال عمومية، إلى جانب إبرام صفقات مخالفة للقانون واستغلال الوظيفة. وكان قاضي تحقيق محكمة الشلف أودع 26 شخصا الحبس المؤقت بتاريخ 10 أكتوبر من السنة المنصرمة، فيما أخضع 13 آخرين لنظام الرقابة القضائية في واحدة من أهم قضايا الفساد التي عالجتها العدالة، بموجب قانون الوقاية من الفساد ومكافحته 01/06، تتويجا لتحقيقات معمقة لفصيلة الأبحاث لدرك الشلف، التي استغرقت مدة 7 شهور، في ملف توبع فيه إجمالا ما لا يقل عن 40 شخصا، لعلاقته بتلاعب الخواص بقوت الجزائريين في عز أزمة جائحة كورونا وكثرة طلب المستهلكين على مادتي الدقيق والفرينة وباعوا كميات كبيرة من القمح إلى الموالين، وجاء ذلك عقب رفع حصص المطاحن بهذه المواد واسعة الاستهلاك، موازاة مع متابعة كوادر عن تعاونية الحبوب لوحدة تنس بتهم التلاعب بكميات الحبوب المودعة، وإبرام تعاملات مشبوهة مع سماسرة نظير وضع عراقيل أمام الفلاحين الذين يلجأون في آخر المطاف مكرهين إلى السماسرة لإيداع محصولهم. وارتبط الملف الذي عالجته الغرفة الجزائية في الشلف، بتحقيقات مماثلة في نقاط متفرقة من الوطن، شملت عمليات حجز مئات من قناطير القمح المدعم في كل من تبسة، سطيف، تيارت، وهران، الشلف، مستغانم، معسكر، النعامة، البليدة في سياق الحرب المفتوحة ضد مافيا التلاعب بأطنان القمح المدعم الذي كان يعاد توزيعه وتسويقه من قبل أرباب عشرات المطاحن في الوطن بأسعار مضاعفة عن تلك التي يتم اقتناؤه بها من ديوان الحبوب، فضلا عن حصول صفقات مخالفة للقانون، تتعلق بشراء موالين كميات ضخمة من مادة القمح اللين المدعمة من قبل الدولة والقيام بخلطها بمادة النخالة وتحويلها كأعلاف للمواشي، وكانت مصالح الدرك اعتمدت في تحقيقاتها على حقيقة القدرات الإنتاجية الفعلية لأصحاب المطاحن ومقارنتها بما هو مصرح ومجهول، علاوة على تفتيش دقيق للفواتير والأسعار إن كانت مطابقة للقانون والوجهات التي كانت تأخذها أطنان القمح المدعم، علاوة على محاضر القياسات التي كشفت الفوارق في الأوزان الحقيقية للأطنان المصرح بها من الدقيق المباع والأخرى المدرجة ضمن الوثائق المحاسبية.