طغى موضوع العودة الى التاريخ من قبل السينمائيين الشباب و كذا النزاع و العنف في فلسطين على فعاليات أيام قرطاج السينمائية التي اختتمت رسميا يوم الاحد الماضي بتونس. و قد تميزت غالبية الاعمال المشاركة باعادة سرد الاحداث التاريخية حسب القراءات و الابحاث التي قام بها السينمائيون الشباب العرب منهم و الافارقة حتى وان لم يعايشوا في غالبيتهم تلك الاحداث التي تناولوها في اعمالهم. في هذا الصدد اوضح السينمائي الفلسطيني الكبير راشد المشهراوي رئيس لجنة تحكيم قسم الافلام القصيرة ان هذه الطبعة وبالنظر الى مضمون الاعمال المتنافسة يمكن القول انها طبعة فلسطين دون قصد او نية في ذلك. وخارج الاعمال ال60 المتنافسة و عديد العروض الشرفية و خارج المسابقة سجل جمهور الطبعة ال24 من ايام قرطاج السينمائية ارقاما قياسية في الحضور لهذه التظاهرة حيث تم تسجيل ما لا يقل عن 100000 تذكرة دخول بيعت على مستوى 13 قاعة احتضنت العروض. وقد حقق المخرج الجزائري الشاب انيس جاد ما لا يقل عن 400 تذكرة دخول ضمن برنامج من اربعة افلام قصيرة منها "النافذة" الحائز على احسن سيناريو في الايام السينمائية للجزائر 2011. وحتى وان لم تحظى بجوائز رسمية بخصوص اعمالها الاربعة المشاركة في المنافسة الرسمية الا ان السينما الجزائرية قد سجلت حضورها القوي في الطبعة ال24 لايام قرطاح السينمائية من خلال تكريمها بمناسبة احياء الذكرى ال50 لاستقلال الجزائر. وقد تم عرض سبعة عشر فيلما من الاعمال القديمة ك"صوت الشعب" الذي اشترك في انتاجه كل من جمال شندرلي و محمد لخضر حمينة سنة 1961 الى احدثها وهو "قاراقوز" لعبد النور زحزاح سنة 2011. وفي هذا الصدد منحت الاتحادية الدولية لنوادي السينما جائزة خاصة للفيلم الطويل "عطور الجزائر" لرشيد بن حاج و التي تمنح جائزة "دون كيشوت" لافضل فيلم حول واقع المجتمعات العربية و الافريقية.
ايام قرطاج موعد سينمائي هام ومع انشاء الصندوق الافريقي للسينما و السمعي البصري الذي يراسه السينمائي التونسي فريد بوغدير تكون ايام قرطاج قد حققت حلم عديد الاجيال من السينمائيين الافارقة و المتمثل في الدعم المالي و المساعدة التقنية التي غالبا ما تعيق الانتاج السينمائي و السمعي البصري الافريقي. كما تمثل المبادرة الجديدة "سبعة ايام لفيلم" التي رات النور في تونس في اطار ايام قرطاج السينمائية سيما مع "شبكة المنتجين" حلا امام التكوين و التاطير و حتى الانتاج بالنسبة للسينمائيين الشباب العرب و الأفارقة من اصحاب المشاريع. وعلاوة على اعمال الدعم و التكوين الرسمية تعتبر ايام قرطاج السينمائية محور جميع المنظمات و الاتحاديات و المؤسسات المهتمة بالسينما. و تنظم في اطار ايام قرطاج مسابقات في الكتابة او تقديم المشاريع من اجل تمويل افضل الاقتراحات. أما العودة الى جذور ايام قرطاج السينمائية فقد تجسد من خلال تكريم السينما الافريقية سيما السينما السنغالية منها "الزورق" وهو فيلم طويل لموسى توري عراب الصندوق الافريقي للسينما و السمعي البصري حيث فاز بالتانيت الذهبي وهي الجائزة الاولى لأيام قرطاج السينمائية.
...فرصة سانحة لتوسيع الرؤية حول السينما الجزائرية شكلت الطبعة ال24 لأيام قرطاج السينمائية فرصة سانحة لتوسيع الرؤية حول السينما الجزائرية عبر العالم، حسب ما أكده في تونس سينمائيون جزائريون شاركوا في هذه التظاهرة. وبفضل التكريم الذي خصص للسينما الجزائرية و الذي شهد عرض 17 عملا سينماتوغرافيا بين الأفلام القصيرة و الطويلة و كذا بفضل الأفلام التي عرضت في إطار المنافسة و التي تمثل السينما الجزائرية اليوم تسنى لجمهور تونس و ضيوف المهرجان على اختلاف جنسياتهم اكتشاف أو إعادة اكتشاف الفن السابع الجزائري. وحتى و إن لم تكن الجوائز التي كان المشاركون الجزائريون يأملون الظفر بها في الموعد شكلت أيام قرطاج السينمائية بالنسبة للبعض مناسبة للاحتكاك بآفاق سينماتوغرافية أخرى و التفكير في تعاون مستقبلي محتمل. وقد بدأ فرعا "شبكة المنتجين" و "سوق الفيلم" اللذين تم إنشائهما مؤخرا يعطيان ثمارهما من خلال فتح مجال مهرجانات دولية أخرى أمام مخرجين جزائريين شباب تم اكتشافهم خلال المنافسة. وقد نجحت هذه الطبعة الأولى بعد سقوط النظام التونسي السابق في الحفاظ على سمعة الحل البديل لاحتكار شركات الإنتاج و التوزيع الكبرى. والدليل على ذلك تم انتقاء عدة مشاريع لإعطائها منحة للإنتاج كما تم اكتشاف عدة أعمال تنافست في أيام قرطاع السينمائية و تمت برمجتها في مهرجانات أخرى في أوروبا. ويرى حميد بن عمارة مخرج الفيلم الوثائقي "أشواط من الحياة ...أشواط من الأحلام" الذي تم انتقاؤه في المنافسة ان أهم ما ميز هذه الطبعة من أيام قرطاج السينمائية "الحضور القياسي للجمهور و احترامه للسينما"، كما صرح لوأج. و بعد أن أعرب عن أمله في أن ينظم مهرجانا كهذا يوما في الجزائر أكد السينمائي الجزائري أهمية فضاء يجمع كل هذه التجارب و النظرات السينماتوغرافية المختلفة و يشجع التبادل.