خيبات ثم خيبات نتوارثها جيل بعد جيل، مذ أن ظهرت في تاريخنا وحياة هذه البلاد بل وهذه المنطقة كلها وحش وغول اسمه فرنسا، فالمشكلة لم تعد مشكلة استعمار دخل في 1830 وخرج في 1962، بل تعدتها مذ دخوله إلى اليوم، ففرنسا في حياتنا وفي بلادنا المستقلة وفي افريقيا القارة العذراء صارت سرطان عويص علاجه موجودة في ماءنا وفي زيتنا ودقيقنا وخبزنا وفي الهواء الذي نتنفسه، فقد طال الداء ولا جراح مستأصل له، فتن كبيرة زرعتها في القارة الكبيرة وفي الأوطان، وبين حتى الزوج وزوجه ، بل حتى داخل الإنسان نفسه، هذه البلاد التي لها عاصمة يقولون أنها عاصمة الجن والملائكة صارت شيطان يعبث بنا، ويتلو آيات الخراب على الشعوب، لدرجة أن هذه الدولة ترعى المجازر وتحت وصايتها تتم الإبادة الجماعية، وتهندس الانقلابات، كانت أفريقيا قارة سالمة مسالمة تمتد فيها السهول والخيرات على مد البصر، تعيش شعوبها في سلام كبير، إلى أن دخل هذا الورم واستوطن فيها، فصارت رمزا للتخلف والحروب والتصفيات العرقية، ولا توجد حرب ولا تصفية عرقية في القارة إلا و تقف وراءها فرنسا، في بلادنا لم يكن أحد قبل الفترة الاستعمارية يتحدث عن جهته أو عن دواره أو دشرته، أو قبيلته كن الناس سواء، ولكن بعد احتلال دام قرن و32 سنة، وبعد استقلال البلاد منذ اكثر من نصف قرن، صرنا لا نشبه أنفسنا، ويغتالنا الحقد على بعضنا قبل أن تغتالنا الأيادي الغادرة، وحين يتعارف الناس في هذه البلاد أول سؤال يسألونه لبعضهم البعض -أنت منين ؟-، حتى يأخذ الإنسان حذره من شقيقه الإنسان في الدين والوطن واللغة والثقافة والدم، فما الذي فعلته بنا "مدام لافرونس ؟".