بعض الشباب الذين حملوا يوما وطنهم في حقيبة وطاروا كما تطير الطيور المهاجرة، باحثين عن فرصة للنجاح هناك وراء البحار، تحطمت حياتهم، ليس بسبب فشلهم في عملهم أو أن السبل هناك ضلت بهم، ولكن بسبب قد لا يخطر على بال أحد؛ يتعلق بالزوجة التي اختارها الشاب من البلاد بعد سنين قضاها في الكد والعمل وجمع المال والسعي وراء شهادة وتسوية الوثائق. ولما يتحقق له ذلك، أول ما يفكر فيه هو زوجة يكمل معها المشوار تكون من البلاد، لكن هذه الأخيرة ما أن تتفتح عيناها على القوانين في الغربة، حتى تلعب لعبتها وتصير تهدد، بما أن القوانين الغربية تعطي الحقوق للمرأة على حساب الرجل، وهنا يصبح "الشونطاج" هو سيد العلاقة الزوجية. فإما أن يرضخ الزوج لأهواء زوجته التي أتى بها من "الدشرة" في البلاد وصارت اليوم في باريس "مدام"، خاصة في ما يخص دخولها وخروجها إلى البيت وحريتها الكاملة المتشعبة، وإما مخافر الشرطة إن رفض تلبية هذه المطالب.. ويا ويله إن رفع يده عليها، فلجان حقوق الإنسان والحيوان وحتى الشجر الأوروبية. تجتمع لأجله لتحمي الزوجة المغبونة وتدخل العدالة على الخط لتصدر حكمها بأن يسلم "المخلوق" السكن لزوجته ويقتسم معها ثروته التي جمعها طيلة سنوات من كده وعرقه، وبعدها لا يهم إن تزوجت ابنة "الدشرة" رجلا آخر وأسكنته بيت زوجها، ليجد الزوج المغدور نفسه في نقطة الصفر ويصبح بين غربتين، غربة الوطن وغربة أقرب الناس إليه. وإن كانت الظاهرة هنا لا تعم الكثير من بنات الأصل، إلا أنها منتشرة ومستفحلة بشكل أبكت رجالا طعنوا في الظهر ممن كن يحلمن ب "ظل حيطة"، فوجدن أنفسهن في باريس.