عمليا، منذ صباح امس الأربعاء، بلاد شنقيط توجد تحت حكم العسكر الذين اطاحوا بالرئيس بعد تفاعلات ازمة سياسية حادة.وقد احتجز عسكريون الرئيس سيدي ولد شيخ عبد الله ورئيس الوزراء يحيى ولد احمد الواقف، كما اوقفوا بث الاذاعة والتلفزيون الموريتانيين، أمس الاربعاء، وافادت مصادر امنية مؤكدة حصول انقلاب عسكري في موريتانيا. واوضحت المصادر نفسها ان العسكريين اقتادوا رئيس الدولة، وهو اول رئيس ينتخب ديمقراطيا (في مارس 2007) منذ استقلال البلاد في 1960، الى مكان مجهول، فيما احتجزوا رئيس الحكومة في ثكنة قريبة من مقر الرئاسة. وقد توقفت الاذاعة والتلفزيون الوطنيين عن البث الاربعاء بعد ان طرد العسكريون الموظفين، كما افاد شهود لوكالة فرانس برس، مشيرين الى تحركات للقوات في العاصمة نواكشوط، وتشهد موريتانيا حاليا ازمة سياسية حادة، لا سيما مع استقالة 48 برلمانيا من الحزب الرئاسي. وأصبح الرئيس الموريتاني سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله أصبح في أقل من 48 ساعة رئيسا سابقا، وذلك ما تأكد عبر قراءة البيان الاول للانقلابيين الذين قالوا إن إقالة الرئيس الموريتاني لرئيس أركان الجيش وقائد الحرس الرئاسي قرار غير شرعي و"غير صائب"، وأعلنوا تشكيل "مجلس دولة" لحكم البلاد برئاسة الجنرال محمد ولد عبد العزيز. أما المتحدث باسم الرئاسة الموريتانية، عبد الله مامادوما، فقد أكد أن الرئيس محتجز من قبل "مجموعة من الجنود المارقين في القصر الرئاسي". وبين مؤيد ومعارض تحولت الأنباء الواردة من بلاد شنقيط حول الديمقراطية وتداول السلطة والتأسيس لمرحلة جديدة يتعايش فيها السياسي والعسكري ضمن أطر مضبوطة دستوريا إلى أنباء عن إقالة رئيس بعد تجاوزه للخطوط الحمراء وتوقيف تعيينات سياسية سامية وإدخال البلاد في أزمة سياسية تصور البعض أنه تم حلها بعد أن فاز سيدي عبد الله في الانتخابات التي جرت العام الماضي وتسلم السلطة من مجلس عسكري حكم البلاد منذ الانقلاب الابيض الذي وقع ضد الرئيس السابق معاوية ولد سيد احمد الطايع عام 2005. المراقبون للشأن المغاربي يقولون إن الرئيس المستقل فشل في إدارة أول امتحان سياسي له وأخفق في أسلوب تنفيذه لمشروعه السياسي الذي انتخب من أجله عندما أراد الاستقواء بالمعارضة على المؤسسة العسكرية، التي باعتراف الرئيس شخصيا ساهمت بشكل كبير في وصوله إلى الحكم. وبأن الرئيس فقد تحول من قاض أول في البلاد إلى طرف في المعادلة السياسية وفتح المجال أمامه واسعا لسياسة "من يتغدي بالآخر أولا" وأعطى مبرر عزله بعد أن قطع "حبل التوزان" المطلوب بين المؤسسات ولجأ إلى الانقلاب على العسكر بدل التعايش وأقدم على تنحية رؤوس أجهزتها العسكرية والامنية دفعة واحدة حتى تلقى رد فعل مواز، وهو الانقلاب عليه في نظام ما يزال عمر الديمقراطية فيه قصيرا والحسابات فيه تتجاوز حدود بلاد شنقيط. لقد وصف الرئيس الموريتاني المنقلب عليه من قبل معارضيه ب "الفساد" وب "الهيمنة على الحزب" وجعله وسيلة لتكريس سلطة الفرد ومفاهيم التفويض والاحادية"، فكان لزاما عليه -كما يرى البعض- حماية "الأمانة" بما يضمن حماية "الديمقراطية" بسياسة "فن الممكن" بعيدا عن عقلية تصفية الحسابات بين هذا أو ذاك.