"من جهة أخرى فإن مفاجأة سارة كانت تنتظره، بابا مرزوق أصبح جاهزا لمغادرة دار النحاس، يجره 24 رهينة و12 حصانا، المعلقون في ذلك العهد تساءلوا كيف لهذا المدفع ذي سبعة امتار من طول وبوزن 11 طن موضوع على قاعدة من ستة أمتار من العرض، موضوعة على 16 عجلة، استطاع الخروج من زقاق من 30 متر طولا (الشارع موجود حتى الآن يبدأ من ثانوية الأمير عبد القادر إلى باب الوادي، هناك حيث يوجد الباب المؤدي إلى مقبرة الباشوات (حديقة مارنڤو سابقا)، بابا مرزوق وصل تغمره تحيات المواطنين ووسط زغاريد النساء الواقفات على الأسطح، إحتفال غير عادي منح للعاصميين، مدفع عملاقا يحمله عشرات الرجال وأحصنة تمر أمامهم، نبيل وفخور بالذهاب والتموقع في واجهة البحر للدفاع عن الجزائر. مواطنو الجزائر، اعتبروه رزقا من الله وأطلقوا عليه إسم بابا مرزوق (أب الحظ) وتم تنصيبه على مغارة رأس عمار لخديم قرب ضريح القديس رئيس البحارة سيدي براهيم السلامي وموجه نحو الشمال الغربي، الطلقات التدشينية ارعبت المدينة وزرعت في نفوس المواطنين مخاوف بحدوث زلزال سرعان ما تلاشت واستبدلت بالزغاريد والتحايا". هذا النصب مأخوذ من كتاب ملحمة بابا مرزوق آلفه المؤرخ والأستاذ الباحث بلقاسم باباسي والذي يوجد الآن تحت الطبع تناول فيه الكاتب كل الجوانب والظروف التاريخية التي رافقت صنع هذا المدفع الذي هزم جيوش فرنسا وصد هجومات قادها أميرالات كانت لهم مكانتهم في البحرية الفرنسية على الجزائر، كان لسنوات الحارس الأمين للمحروسة، هذا المدفع الذي استغرقت عملية صنعه ثماني سنوات، توارث السهر على انجازه باشاوات، مدفع مصنوع من مادة البرونز بهندسة اعدها مهندس إيطالي، يزن 11 طنا ويبلغ طوله سبعة أمتار، كان في وقته تحفة نادرة وقف بشموخ يفشل في كل مرة عناد الفرنسيين ويردهم خائبي الرجاء في احتلال مدينة هو حارسها وحاميها، لم يرفع الراية البيضاء ولم يستسلم إلى أن قدرت ظروف الكر والفر أسره في أوت 1830 بعد شهر من احتلال المحروسة. منذ ذلك الوقت وبابا مرزوق يقبع في زاوية من ساحة الترسانة في مدينة هي مسقط رأس دوبري الأميرال الذي أقسم على الانتقام من هذا الجندي الذي يعادل آلاف الجنود الفرنسيين، وصل إلى حد وضع الديك رمز الفرنسيين فوق فوهته في إيحاء لكسر شوكته والإساءة إليه، لكن حان الوقت الآن ليعود الأسير بابا مرزوق إلى أحضان وطنه وحان الوقت للعمل على فك قيوده، وفي هذا الشأن نجحت اللجنة التي يرأسها بلقاسم باباسي في حصد أكثر من ألف توقيع من مواطنين من مختلف الشرائح يؤيدون استعادة بابا مرزوق. وكشف بابا سي للمستقبل عن مساندة تلقاها من رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي السابق، بالإضافة إلى مراسلات وجهها إلى النواب الفرنسيين للتحسيس. وأضاف أن أستاذ التاريخ والمخرج السينمائي الفرنسي بتريك ديشون أبدى إستعداده لإنجاز شريط وثائقي حول المدفع بابا مرزوق وسيكون متواجدا بالجزائر لهذا الغرض خلال الأيام القادمة، ويعكف الأستاذ بابا سي على وضع اللمسات الأخيرة على كتابه الذي يحمل عنوان "ملحمة بابا مرزوق" والتحضير أيضا لندوة بمقر نادي المجاهد تخص هذا الموضوع، وأضاف أن خلال هذه الندوة سيوزع الكتاب الذي يكون باللغتين العربية والفرنسية مع عرض صور له.