جاء الإعلان عن نتائج الانتخابات الرئاسية بفوز المترشح عبد العزيز بوتفليقة بنسبة 90,24٪، ومعدل مشاركة وصل إلى نسبة 74,54٪، ليستمر معه السجال والأخذ والرّد بين التيارين المؤيد والمهلّل للانتخابات والمعارض أو المقاطع لها. وبغض النظر عن فحوى تعليقات وآراء هذين التيارين، فإن الانتخابات الرئاسية، منذ مرحلة الإعداد لها وإلى غاية الإعلان عن نتائجها، وفرت جوًا من النقاش السياسي حيث تبارت بعض الصحف في إذكائه من خلال فتح صفحاتها أمام طروحات كلا التيارين. كما فتحت هذه الانتخابات الباب للمنافسة على استقطاب "المواطن"، مما فسَح المجال ولو نوعًا ما للارتقاء باهتمامات هذا الأخير وإقناعه بأهمية مشاركته، وأنه لا يجب أن يبقى دوما حبيس "القفة" و"أسعار الخبز والحليب"، ولو أن غلاء المعيشة ينعكس دومًا على معدل الاهتمام السياسي للمواطن الذي يعد قلب المعادلة السياسية. فالانتخابات الرئاسية أضفت حركية مميزة على الحياة السياسية، استفادت منها مختلف الأطراف للترويج لأفكارها وآرائها. ولعل الفائدة الكبرى عادت إلى الديمقراطية فالجزائر بديمقراطيتها الناشئة ومن خلال الانتخابات الرئاسية الأخيرة حققت مكاسب سياسية لا يمكن القفز عليها أو تجاهلها، والتي نجملها في العناصر التالية: 1- الاستقرار السياسي، بحيث أن إجراء الانتخابات في مواعيدها ومنها الانتخابات الرئاسية الأخيرة، أصبحت شيئا مميزًا في الحياة السياسية التي تجاوزت الكثير من مخلفات وسلبيات مرحلة مواجهة الإرهاب. فالجزائر بهذه الانتخابات الرئاسية خطت خطوة عملاقة نحو المزيد من الاستقرار السياسي الذي يعد مؤشرًا حيويًا في ترتيب الدول من حيث القدرات السياسية. 2 - ارتفاع معدل المشاركة وَوُصُوله إلى أكثر من 70٪ يبين مدى حرص المواطن على تأدية حقه الانتخابي، حتى أن الولايات التي نشطت فيها قوى المقاطعة سُجلت بها معدلات مقبولة من المشاركة التي لا يمكن أن نتصور نجاح الديمقراطية بغيابها. فالمواطن قد استفاد على ما يبدو من أجواء الحملة الانتخابية وقرر شق طريق المشاركة التي تعد شرطًا من شروط نجاح الديمقراطية الناشئة. 3 - كثافة التغطية الإعلامية الأجنبية: فوسائل الإعلام الأجنبية من صحف وقنوات إذاعية وتلفزيونية، تمكنت وفق التسهيلات الكبيرة التي أعطيت لها، من تغطية الانتخابات الرئاسية وبطريقة جاءت في مجملها إيجابية ولم يتعرض أيٌ من الصحافيين الأجانب لمضايقات أو عراقيل، وكانت أمامهم الحرّية في التنقل أينما شاؤوا، وهذا دليل على أن الجزائر لم يكن لديها ما تخفيه أو تتستر عليه. فالصحافة الدولية كانت في مراكز الاقتراع بشكل أعطى للانتخابات الرئاسية بعدا إعلاميا دوليا يعد حقيقة مكسبًا سياسيًا يسجل لبلادنا. 4 - تلاشي مظاهر العنف والخوف، أصبحت حقيقة ماثلة للعيان، فمقارنة بسيطة بين الظروف التي أحاطت بالانتخابات الرئاسية للعام 1995 والانتخابات الرئاسية الأخيرة، تجعلنا ندرك أن الخوف والتهديد أصبح شيئا من الماضي لغير رجعة. وأن استقرار الوضع الأمني مسألة يلمسها المواطن في تنقلاته شرقًا وغربًا ويوميًا وليس عشية المواعيد الانتخابية. ولو أن الانتخابات الرئاسية الأخيرة جاءت لتكريس حقيقة استقرار الأوضاع الأمنية. 5 - التحسن الكبير في صورة الجزائر من بلد لصور من الدمار والدّم والمجازر إلى بلد للمشاريع الاقتصادية والتنموية. والانتخابات الرئاسية الأخيرة كانت مناسبة برزت من خلالها الجزائر وعلى مختلف شاشات العالم كدولة مستقرة تطمح إلى كسب مكانة دولية تليق بتاريخها وموقعها. 6 - إن فوز المترشح عبد العزيز بوتفليقة بالأغلبية الساحقة عزز من مكسب الاستمرارية في إنجاز مشاريع النهوض الاقتصادي والإنجازات الكبرى من مليون سكن إلى ثلاثة ملايين منصب شغل وغيرها من المشاريع الأخرى. فالانتخابات الرئاسية للتاسع من أفريل الجاري، وبالرغم من كل ما قيل عنها، فهي خطوة أخرى نحو إنجاز "مشاريع وبرامج تجعل من الجزائر بلدًا قويًا موحدًا منيع الجانب ومهيبًا لدى كل شعوب العالم" وذلك حسب ما جاء في أول تصريح للرئيس عبد العزيز بوتفليقة بعد فوزه في هذه الانتخابات. الأزهر محمد ماروك