إن المتتبع للأحداث اليومية وخاصة تلك التي يصنعها المواطن بسلوكه المتقلب والمتغير حسب الحدث، يقف عند حقيقة أننا من أسهل البشر في التأقلم وصنع الفرجة في أي مجال كان، ولا يمكنني أن أنسى كيف افترش الشباب الشوارع في بداية العشرية السوداء في حماس ابتعدت عنه القناعة ليصنع من تصرفه هذا صورة أكبر من حجمه الحقيقي ويتحول لأسطورة للأطلال وبقايا الأشياء التي لم تحملها حقائب السفر للفارين من الموت وإليه. إنها قطعة من شريط طويل استحضرتها وأنا أتابع المباراة الودية بين الفريق الوطني وفريق الأروغواي، مباراة لم تكن عادية من حيث نسبة المشاهدة خاصة بعد ما استرد الفريق الوطني مكانته في قلوب مناصريه وكل الشعب، وبما أن المباراة ودية فكان لا بد من جديد يصنع الدهشة ولم يكن سوى حضور نسوي كان بمثابة اللاعب رقم 12، في الصورة والتعليق. ومع هذا لم يكن الموضوع مهما لولا مكالمة صديق لي من الخارج يهنئني على هذه الخطوة ويتمنى أن تتمكن الفتيات من مرافقة المنتخب الوطني إلى الخارج ........ هكذا نحن نفوت كل الفرص لنجعل من آخرها حدثا نفتخر به، وهو في حقيقة الأمر لاحدث .. إن المتتبع لأخبار الرياضة يقف عند صور رائعة كانت المرأة فيها بمثابة المدرب الروحي ومنكم من يتذكر الملاكم لوصيف حماني الذي كانت أمه تحضر كل منازلاته بزيها التقليدي الأمازيغي وترافقه في كل رحلاته ومنها إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية ولا زالت تفعل الشيء نفسه مع حفيدها رغم تقدمها في السن، وأخريات كثيرات يشجعن أزواجهن وأولادهن في هدوء ودون أي إشهار. إن الذي جعل من الحدث أمرا مهما هو في حد ذاته كان يستبعد الفكرة ومقتنع بأن الملاعب للرجال فقط وهل نحن نولد بقائمة الممنوعات دون الذكور؟ إن الرياضة لا تختلف كثيرا عن مناسبات الأفراح التي تعرف تنوعا كبيرا في إحيائها من منطقة لأخرى والجميل أن في عمق الجزائر وفي حضن الأصالة المتجذرة تمتزج الزغرودة بصوت البارود ويراقص الرجل المرأة على أنغام الدف والناي ويلتقي النصفان وتكتمل الصورة الجميلة لإنسان محب للحياة ومقدر لنصفه الآخر يشاطره الفرح قبل الحزن. وأعود للصورة التي أفرحت البعض منا واستغرب لها آخرون ولم ينتبه لها البعض الآخر، هي أكثر من عادية بل ومتأخرة عن وقتها ولا يمكن أن تعتبر حدثا بالأهمية التي وصفت بها، لأن التاريخ يحفظ للكثيرات ما قدمن للرياضة الجزائرية بكل أصنافها ويفتخر بهن أوسمة. فليس غريبا في أن يكون المتفرج رجلا أو امرأة أو الاثنين معا ولا نحتاج لتعديل الدستور لتمكين المرأة من تسجيل حضورها في المناسبات الرياضية وخاصة المتعلقة بالكرة المستديرة. وأتمنى أن تواظب النساء على الحضور حتى لا يصبح عزوفهن حدثا آخر تهتم به هذه المرة وسائل الإعلام الخارجية.