عح سعدان لصالح المدرب المصري حسن شحاتة للفوز بلقب أحسن مدرب إفريقي وصوّت لصالح صانع ألعاب النادي الأهلي والمنتخب المصري أبوتريكة للفوز بلقب أحسن لاعب إفريقي، اعتبر المصريون ذلك بالطبيعي، فالجزائريون إخوانهم وأحباءهم، وعندما.. وعندما.. وعندما... لكن بمجرد أن فاز المنتخب الجزائري على المنتخب المصري وتأهل على حسابه إلى أوّل مونديال إفريقي في تاريخ البشرية، نعتنا ''الأشقاء'' بالصيّع والغجر والبربر والهمج و.. شتائم الأرض برمتها، فهل نسي أم تناسى المصريون أنّنا كنا ذات يوم ''أشقاءهم''؟ هل نسي أم تناسى المصريون أنّ نجومهم (أشباه الفنانين) كانوا يعدون أيام السنة بالدقيقة بل بالثانية ليظفروا بجائزة الفنك الذهبي؟ وهل نسي أم تناسى المصريون أنّهم أوّل من هلّل وصفق لفيلم ''جميلة بوحيرد'' وبطولة النجمة (ماجدة) لاعتبارهم أنّ بوحيرد وجميلات الجزائر صنعن مجد العربيات بكفاحهن واستماتتهن أمام بطش الآلة الاستعمارية؟. وهل نسي أم تناسى المصريون أنّ أمجادهم الدبلوماسية الجهوية والقارية قد بنوها على ظهور الساسة الجزائريين؟.وهل نسي أم تناسى المصريون أنّ الجزائر ظلّت على مدى حقب زمنية تغطي عيوبهم على مختلف الأصعدة وتبادر دوما لإعادة الأمور إلى نصابها عند توتر العلاقات بينها وبين بعض جيرانها والأمثلة على ذلك كثيرة؟ وهل نسي أم تناسى المصريون أنّ الجزائر كانت وراء تسلح مصر في عهد عبد الناصر، فكثيرا ما قامت القوات المصرية بحجز الأسلحة التي تشتريها قيادات الثورة التحريرية الجزائرية وتستبدلها بأسلحة فاسدة (وهي من تفننت أيام حكم الملك فاروق في تقديم أسلحة فاسدة للثوار العرب)؟. إنّها لعبة الأشقاء الذين يجيدون التلاعب بالكلام ويحسنون لغة النفاق، يتلونون كالحرباء في وضح النهار، ينافقون ببساطة متناهية، يحبون المال حبّا جمّا ويعملون بالمثل المأثور'' جزاء سنمار''. إنّ ما يدفعني لمثل هذا الكلام ليس وليد حقد دفين أكنّه للمصريين لما تبادر منهم في الآونة الأخيرة من انحطاط كلي وعلى كل المستويات، باعتماد إعلامهم أسلوب الشتم والتجريح، ولكن الخرجات الأخيرة لأشباه الفنانين هي التي حركت قلمي، فقد علمت من أحد الأصدقاء العاملين بالحقل الإعلامي والمقربين من السفير الجزائري حمراوي حبيب شوقي (المدير العام السابق للتلفزيون الجزائري ورئيس مؤسسة الفنك الذهبي) بأنّ هذا الأخير أطلعه بأنّ الفنانة (بين قوسين) القبطية يسرا اتصلت به مؤخرا وطلبت منه مساعدتها على تقديم الاعتذار للجزائريين عمّا بدر منها من شتم وقذف وتجريح في الشعب الجزائري الذي أهداها أعز ما يملك''حبّه وثقته'' وما كان على اللئيمة إلاّ أن تتمرد (وتعض اليد اللي تمدتلها)، وما طلب يسرا إلاّ دليل على حاجتها لمعاودة ملامسة الأوراق الخضراء(الدولار) التي كانت توزعها وزارة الثقافة على كل من هبّ ودبّ... وهنا مسألة أخرى سنعرّج عليها في وقت لاحق. يسرا وأمثالها كثيرون ممّن ''يأكلون الغلّة ويسبون الملّة''، يكرمّون ويأخذون الجوائز القيّمة ويشتمون من أهداهم إيّاها، يبدون إعجابهم بالثقافة الجزائرية وما تزخر به من تراث عالمي، ويشتمون عظماء الأمة وساستها، إنّهم ببساطة يحرّفون الكلم عن موضعه وذلك لعمري أشبه بجنحة القتل. إنّها أمنيزيا حقيقية يعيشها المصريون، سواء تعلق الأمر بقادتهم أم مثقفيهم وبخاصة أشباه الإعلاميين، الذين تفننوا في الإطاحة بشرف مهنتهم من خلال تدخلاتهم البهلوانية وتصرفاتهم الصبيانية فوق البلاطو. هي إذن أزمة دولة برمتها، تعاني من مرض فقدان الذاكرة لحظة التشبع بالحقد والغيرة، وهي أعراض لا تظهر سوى على المنافقين، الذين يجتهدون في البحث عن الطرق الكفيلة بإيصالهم للمجد ولو على حساب قيمهم وأخلاقهم (إن وجدت) .