انعقد بالجزائر أمس، لقاء لوزراء خارجية دول منطقة الساحل والصحراء السبع، لبحث عدد من الملفات المشتركة، وعلى رأسها الوضع الأمني، الذي بات متدهورا، بسبب نشاطات الجماعات الإرهابية، وحليفاتها من عصابات الاتجار بالأسلحة والمخدرات. كما تضمنت أجندة اللقاء ملف التنمية بالمنطقة، التي يوجد بها عدد من أفقر دول العالم. وضم اللقاء وزراء خارجية كل من موريتانيا، مالي، النيجر، تشاد، بوركينافاسو وليبيا، إلى جانب الجزائر التي استضافت اللقاء. وبعد فراغ مدلسي من إلقاء كلمة الافتتاح، تواصلت أشغال الندوة في جلسة مغلقة ولم تسرب أي معلومات عما دار داخل قاعة الاجتماعات بفندق ''شيراتون''، وكان الوزراء يغادرون القاعة للحظات من حين لآخر، فيما بدا أنه انسحاب من أجل مراجعة عواصمهم وطلب التعليمات منها. واستمرت الأشغال في الفترة الصباحية قرابة الساعتين، لترفع بعدها ويغادر كل وفد إلى قاعة مخصصة له، من أجل التشاور. علما أن كل وفد يضم إلى جانب وزير الخارجية، السفير المعتمد بالجزائر وعددا من المستشارين. وامتنع كل الحاضرين عن الإدلاء بتصريحات للصحافة، وفي الوقت الذي تحاشى وزير الشؤون الخارجية مراد مدلسي الصحفيين، فإن الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية عبد الحميد مساهل، طلب من الصحفيين الانصراف، على أن ينشط ندوة صحفية، عقب انتهاء الأشغال التي استمرت طيلة ساعات النهار،.غير أن وزير خارجية مالي مختار عوان، قال في تصريح مقتضب بخصوص مجريات اللقاء إن ''كل شيء على ما يرام''. ورغم تطمينات ممثل باماكو، فإنه في حكم المؤكد، أن الحاضرين قد تطرقوا إلى المسائل الخلافية، وما سجل من تنصل لدى بعض العواصم من التزاماتها في مجال مكافحة الإرهاب، ضمن الإستراتيجية التي وضعتها دول المنطقة في اجتماعات سابقة، منها اجتماع باماكو في نوفمبر ،8002 واجتماع تمنراست في .9002 وتطرح مسألة التساهل الذي تبديه مالي مع الجماعات الإرهابية نفسها بإلحاح في هذه المناسبة. وكانت آخر حلقات هذا التساهل إفراجها عن أربعة إرهابيين بعد محاكمة صورية، استجابة لطلب الجماعة السلفية للدعوة والقتال، التي كانت قد اشترطت هذا الإفراج، نظير تحريرها للرهينة الفرنسية بيار كاميت، كما جاءت الخطوة المالية، استجابة لضغوط مارستها باريس، لحملها على الإذعان لمطالب التنظيم الإرهابي. وتولدت عن الخطوة المالية، أزمة دبلوماسية مع جارتيها الجزائر ومالي، اللتين سارعتا إلى اتهام مالي بالتنصل من التزاماتها بعدم التفاوض مع الإرهابيين، وعدم الإذعان لمطالبهم، لما في هذه التصرفات من تقويض لجهود مكافحة الإرهاب بالمنطقة، ومما زاد من استياء الجزائر ونواقشط أن المجموعة المفرج عنها، تضم إلى جانب إرهابي بوركينابي؛ جزائريين اثنين وموريتانيا وثلاثتهم كانوا محل طلبات تسليم من بلدانهم، لم تستجب لها باماكو. ويشار إلى أن لمالي سوابق في مجال التعاون مع الإرهابيين، فخلال ''الصفقات''التي تمت لتحرير رهائن غربيين ، كانت باماكو توفر وسطاء محليين بين العواصمالغربية والمختطفين، وتقدم كل التسهيلات للوسطاء الذين توفدهم الدول التي اختطف رعاياها، كما كانت مالي تتكفل بتأمين المناطق التي يتم فيها تبادل الرهائن بالأموال، مع ضمان انسحاب آمن للإرهابيين. الأمر الذي يفسر لجوء الجماعات الإرهابية إلى اقتياد الرهائن إلى التراب المالي، بعد اختطافهم على أراضي دول أخرى. وضمن هذا الإطار لا يستبعد أن تكون الجلسة قد شهدت مطالبة الوزير المالي، بتقديم توضيحات بهذا الخصوص، وهو ما قد يكون قد طلب كذلك من الوزير البوركينابي، الذي أدت بلاده دورا ''غامضا'' في الإفراج عن الرهينة الإسبانية أليسيا غوميز، في ظل حديث عن قبول مدريد تسديد فدية مالية، للتنظيم الإرهابي نظير الإفراج عن اثنين من مواطنيه لا يزال التنظيم يحتجزهما. وتضمن جدول الأعمال، مسائل معقدة ومترابطة فيما بينها، منها أزمة التوارق التي لا تزال مستعرة، بسبب اتهام جماعات التمرد لباماكو بعدم تطبيق بنود اتفاقية الجزائر الموقعة في العام ،6002 لاسيما في مجال تنمية مناطق الشمال. وما زاد مسألة التوارق تعقيدا، تدخلات أطراف إقليمية ودولية عدة. إلى جانب هذا تشهد المنطقة تعاظم نشاطات عصابات الجريمة المنظمة، التي استغلت شساعة المنطقة وصعوبة السيطرة عليها لتزيد من نشاطاتها، حيث يتوقع المختصون تحولها إلى منطقة عبور للمخدرات . كل هذا في ظل مشاكل تنموية حادة، تخلق مناخا ملائما لانتعاش الإرهاب والجريمة المنظمة. وكان موضوع الحدود محور لقاءات ثنائية قادها وزير خارجية موريتانيا، الناهة حمدي ولد مكناس مع السلطات الجزائرية يومين قبل بداية أشغال الندوة، وعلم أن تجربة الدولتين في تغطية حدودهما البرية عرضت للتعميم. حيث علمنا من مصادر أن الدول السبع المشاركة تجري ''تقييما لأطماع خارجية في المنطقة لكل منها أجندة مختلفة تماما''..