يعقد وزراء خارجية سبع دول من منطقة الساحل الإفريقي ندوة بالجزائر يوم الثلاثاء القادم لبحث قضايا الأمن والتهديدات الإرهابية، وصياغة حلول وطرح مقاربة للتعاون المشترك تستجيب للتحديات الراهنة في المنطقة. ويلتقي وزراء خارجية الدول السبع في الجزائر في ندوة بادرت الى تنظيمها وزارة الخارجية الجزائرية بهدف تقييم الوضع في منطقة الساحل والتهديد الإرهابي وتفرعاته وارتباطه الوثيق بالجريمة المنظمة وكل أشكال التهريب، وهو الشيء الذي اثر كثيرا على الوضع الأمني في المنطقة، وحال دون مباشرة مشاريع التنمية. وذكر بيان لوزارة الخارجية نقلته وكالة الأنباء الجزائرية أن الندوة ستمكن المشاركين من "دراسة وتحديد الإجراءات على الصعيد الثنائي والإقليمي والكفيلة بالقضاء على هذه الآفة وبحث سبل بعث التنمية لفائدة سكان المنطقة". ويقول مصدر من وزارة الخارجية الجزائرية ان هذه الندوة غير موجهة ضد أية دولة بل تأتي بهدف تنسيق الجهود والمواقف وتدارك الاختلالات التي ظهرت في العمل المشترك في مكافحة الإرهاب، وذلك على نحو يفتح الباب أمام عمل منسق بين أجهزة المكافحة التابعة لدول المنطقة، وكذا العمل على احترام كل دولة مشاركة للاتفاقيات الثنائية المبرمة مع دولة أخرى خاصة فيما يتعلق بمحاربة الإرهاب في إشارة واضحة الى الخطوة الأخيرة للحكومة المالية بإطلاق أربعة إرهابيين، اثنان منهم جزائريان والآخران موريتاني وبوركينابي. وأصبح عقد هذه الندوة التي جاءت بمبادرة من الجزائر أكثر من ضرورة في الوقت الراهن بسبب تنامي العمل الإرهابي في منطقة الساحل وارتباطه الوثيق بالجريمة المنظمة الأخرى منها على وجه الخصوص تهريب المخدرات والسلاح ومختلف انواع السلع، منها السيارات والسجائر التي تلقى رواجا في المنطقة بفعل شساعتها ونقص التغطية الأمنية فيها وضعف التنسيق الأمني بين الدول، وهو الموقف الذي رافعت من اجله الجزائر في أكثر من مرة وقامت بتحسيس دول المنطقة بهذه الخطوة. وما يعطي الأهمية لهذا اللقاء أيضا هو كونه يضم نفس الدول التي شاركت في الندوة التي احتضنتها العاصمة المالية باماكو في 2007، وهو ما يعكس تمسك تلك الدول والتزامها بمواصلة العمل في الإطار الثنائي ومتعدد الأطراف لمحاربة الجماعات الإرهابية. ويرى مصدر وزارة الخارجية انه على ضوء التطورات الخطيرة التي عرفتها المنطقة فإن مسألة تحقيق الأمن في الساحل الإفريقي تمثل أولوية بالنسبة لجميع دول المنطقة، وانه يتعين على كل واحد تحمل مسؤولياته. ويمهد هذا اللقاء لعقد قمة على مستوى القادة واتخاذ إجراءات عملية تضع حدا لتنامي الظاهرة، خاصة وان هذه القمة تأجلت لأكثر من مرة بسبب عدم توفر ظروف عقدها. وفي سياق البحث عن التنسيق المتواصل فإنه من المنتظر ان تتوج الندوة بالاتفاق حول عقد لقاءات بين الخبراء والأجهزة المكلفة بمحاربة الإرهاب وذلك بغرض وضع آليات أكثر فعالية تسمح بالقضاء على الجماعات الإرهابية الناشطة في منطقة الساحل. ومن المنتظر ان تمهد هذه الندوة أيضا لتنسيق التعاون الثنائي بين الدول بالنظر الى فعالية هذا الجانب في مجال مراقبة الحدود. ولكن هذا اللقاء لن يكون بعنوان واحد هو تعزيز التنسيق الثنائي والمتعدد الأطراف بين الدول لمحاربة الإرهاب بل سيشمل أيضا فتح الآفاق نحو مناقشة وتنفيذ مشاريع التنمية في المنطقة، غير ان هذا الجانب يتوقف على تحسن الوضع الأمني في المنطقة وهو الشيء الذي حال دون انعقاد ندوة دول الساحل على مستوى القادة لمناقشة ملف التنمية. وكان من المنتظر ان تعقد بداية العام الماضي ندوة على مستوى القادة لبحث مشاريع التنمية غير ان نقص التنسيق في مجال مكافحة الإرهاب اثر سلبا على عقدها. كما أن الخطوة المالية الأخيرة بإطلاق سراح أربعة إرهابيين أثرت على الجهود الثنائية، علما ان الجزائر تربطها اتفاقية مع مالي لتسليم المطلوبين، ورفعت طلبا لحكومة باماكو لتسلم الإرهابيين الجزائريين المتابعين من طرف العدالة الجزائرية. ورغم رد فعل الجزائر حول الخطوة المالية بسحب سفيرها للتشاور وتنديدها ب"قرار الحكومة المالية بإطلاق سراح أربعة إرهابيين بالحجة الخادعة"، الا انها وجهت دعوة للحكومة المالية التي وافقت على المشاركة. وتراهن الجزائر والدول الست المشاركة في الندوة على نجاح مبادرة الجزائر لمعالجة جميع المشاكل المحيطة بتدهور الوضع الأمني وتنامي نشاط الجماعات الإرهابية، وفي مقدمة تلك الملفات التي تشكل أولوية ملف منطقة شمال مالي بين المتمردين التوارق والحكومة المالية حيث تلعب الجزائر دور الوسيط ونجحت في إقناع البلدين على توقيع اتفاق في جويلية 2006 سمي ب"اتفاق الجزائر"، وقطع مسار السلام هذا أشواطا كبيرة مع البدء في تنفيذ العديد من النقاط المتفق عليها، منها وضع المتمردين للسلاح وإدماجهم في الجيش النظامي، ومباشرة مشاريع تنمية بقيمة 1.5 مليون دولار كمرحلة أولية.