جميل أن نسمع في أيامنا الرمضانية كلاما طيبا ينم عن حب الصيام وتقديس العبادات وتبادل الاحترام فيما بيننا، ولكن للأسف البعض من الناس ينسون أو يتناسون هذه المعاني الروحانية بمجرد أن يتبقى لموعد آذان المغرب بعض السويعات، فيقدمون على تصرفات في قمة السخافة. فالملاحظ للأجواء السائدة على مستوى بعض طرقاتنا توقفه حتما مشاهد الأعصاب المتوترة للعديد من السائقين ممن لا يلبثون أن يشتموا آخرين دون سبب، أو أن يكشروا على أنيابهم في لحظات لا تستدعي الغضب، بل تتطلب في الأصل الكثير من الصبر، لا سيما إذا كان من يعبر الطريق إنسانا فاقدا لعقله، وهنا تصح الوقفة للتأمل. والغريب هو أن بعض السائقين الذين يتحولون من عقلاء إلى مجانين في هذا الشهر الكريم لا يتوانون عن صدم المختلين عقليا بسياراتهم بدافع اللحاق بطاولة الإفطار قبل موعد الآذان، وكأن الأمر يتعلق بشيء مادي لا قيمة له وليس بإنسان. ويحدث هذا على الرغم من أن هيئة المختل لا تخفى على أحد مما يجعلنا نتساءل، إذا كان العقلاء لا يرحمون هؤلاء المختلين عقليا فمن يرحمهم ونحن في شهر الرحمة؟ أم أن العقلاء أصبحوا أنفسهم مرضى لحظات قبل الإفطار في شهر التعقل!