مع بداية شهر سبتمبر، تضاعفت أتعاب أولياء وأرباب العائلات بسبب مناسبتي العيد والدخول المدرسي، وإن كانت الأولى أرحم من الثانية لتوافرها على عامل عقلنة المصاريف، عقلنة تتواءم وممكنات الدخل الفردي للمواطن الجزائري الذي يجد نفسه محاصرا حصارا لا يمنحه فرصة الانفلات أمام مقتضيات الوقت، وموجبات شعوره بالمسؤولية إزاء أبنائه وهم يستعدون للدخول إلى المدرسة، وعلى ذلك يتسابق الأولياء إلى سوق الأدوات المدرسية وتبعاتها من ألبسة ومآزر ومصاريف تفتح باب الشهية واسعا أمام المضاربين بالأسعار الذين لا تجد عندهم تفسيرا لهذا إلا التلفظ بكلام قد لا يبرره الكثير خاصة في ظل انعدام أماكن تعرض المنتوجات بأسعار تحفيزية. ففي جولة استطلاعية ل ''المستقبل'' قادتها إلى بعض المحلات المختصة في بيع الأدوات المدرسية بالعاصمة، أجمع غالبية الأولياء ممن تم الحديث إليهم أنها عرفت ارتفاعا جنونيا في الأسعار، مقارنة بأسعار السنوات الماضية، وقد بدت ملامح التردد على وجوه الكثير منهم بين الاقتناء من عدمه، وممن اقتنى فإنه من باب ''مكره أخوك لا بطل''. ------------------------------------------------------------------------ ارتفاع جنوني في الأسعار بأربعة أضعاف ------------------------------------------------------------------------ اقتربت صحيفة ''المستقبل'' من أحد الكهول، كان في 50 من العمر، يحمل في يديه كيسا كبيرا خرج به من محل للأدوات المدرسية بباب الزوار، وفي فمه شيء من التمتمة التي تبينت فيما بعد أنها حوقلة (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم)، بادرناه بالسؤال: خيرا؟ رد وبدون تردد (وراه الخير؟!!!) الحاجة اللي كنت بألف (يقصد 10 دينار) صبحت بربعين (يقصد 40 دينار) (الكراس) وصل حتى ب130 دج..وأضاف بعد تنهد كلفتني هذا الكيس ما يقارب 5000 دينار جزائري،ثم تساءل لمادا أيعقل أن يطلب من التلاميد إحضار حقيبة مملوءة عن آخرها بالادوات ثم في دهشة يقول لماذا هدا الغلاء الفاحش في أدوات ''للذر''، متسائلا من وراء المشكل. وحين سألناه عن عدد أطفاله المتمدرسين أجاب بأنهم أربعة، فلا مكان للفقير في هذا الوطن فعلبة أقلام ملونة عادية التي اشترتها السنة الماضية ب40 دج، وجدتها هذه السنة ب 150 دج، أي بارتفاع أربعة أضعاف. ------------------------------------------------------------------------ التضحية ببعض اللوازم ضروري ------------------------------------------------------------------------ أما إحدى الامهات فطالبت بفتح ''مكتبات الرحمة'' في مثل هذه المناسبات قائلة ''لا يعقل أن تبقى السلطات تتفرج علينا دون أن تتحرك.. كيف لدولة تبيع البترول وغلاف بلاستيكي لتغليف كتاب يباع فيها ب 20 دينارا، هذا دون الحديث عن مصاريف شراء الكتب التي يصل بعضها إلى 3000 دينار. أخرى علقت أمامها ''جابوا البطاطا واللحم الهندي علاه ما يجيبوش الأدوات المدرسية''. لقد مكن الارتفاع غير المعقول في أسعار الأدوات المدرسية إلى الإخلال بميزانية العائلة التي تضرر أفرادها كثيرا جراء مقتضيات واجبها إزاء أبنائها، حيث تم الاستغناء عن كثير من الأشياء غير الضرورية، بل الضرورية في بعض الأحيان، فحسب ''زهرة'' التي التقينا بها في بلدية الشراڤة بصحبة سيدة أخرى تدعى مريم، وقد اشترت بعضا من الأدوات المدرسة، فإنها اختارت ما سعره أقل، ولا تقترب من الأدوات ذات النوعية الجيدة، لأن الاقتراب من هذه الأخيرة سيكلف غاليا، في حين قالت مريم إنها مريضة، وأنها أجلت زيارتها للطبيب بسبب أن ما كانت تدخره لصحتها صرفته في شراء الأدوات المدرسية على أحفادها المتوفي أبوهم. ------------------------------------------------------------------------ التجار يرمون باللائمة على الموزعين ------------------------------------------------------------------------ من جهتهم، نفى التجار أن يكونوا هم سبب الغلاء، بل سببه هم الموزعون الذين زودوهم بسلع غالية السعر، فضلا عن ذلك رموا بحجم المسؤولية على الزبائن الذين لا يراعون الأسعار، ولو أحجموا -حسب عبد الكريم: بائع أدوات مدرسية بالحراش- لكان في الأمر نوع من الضغط لمراجعة الأسعار، ثم أن الكثير من الزبائن لا يهمهم السعر، بقدر ما تعنيهم النوعية، المهم أن تكون الأدوات جيدة، غير أنه استدرك ليشير إلى أن هذه الفئة قليلة، والغالبية تناقش السعر قبل كل شيء. وفي سؤال لصحيفة ''المستقبل'' عن هامش الربح، أجاب عبد الكريم أنه قليل جدا، إذ لا يتجاوز 3 دنانير في أغلب المعروضات، غير أنه أشار إلى أن غلاءها نابع من الموزعين الذين يرمون باللائمة على منتجيها.