أكد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة أمس أن الجزائر كانت ولا تزال بلد النضال من اجل الحرية مجددا تعهده بعدم ادخاره أي جهد لترقية مهنة المتاعب , مؤكدا ان الجزائر تعول على إعلامها لمواجهة التحديات المنتظرة داخليا ودوليا وإصلاح الذهنيات والترويج لصورة الجزائر بالخارج والدفاع عنها. استذكر الرئيس بوتفليقة في رسالة الى الأسرة الإعلامية بمناسبة اليوم العالمي للصحافة مشاعر الخشوع في وقفة الترحم على شهداء ثورة نوفمبر المجيدة من رجال الإعلام والصحافة الذين استشهدوا في بعض الحالات, بعد تعذيب بشع على أيدي الاستعمار, وهم يرافعون عن حق الشعب الجزائري في الحرية والاستقلال وكذا على أرواح شهداء الواجب الوطني من أسرة الصحافة بمختلف أنواعها الذين اغتالهم الإرهاب الوحشي الآثم طوال سنوات المحن والمأساة الوطنية مذكرا أن الجزائر تستقبل اليوم العالمي لحرية الصحافة بحماس وهي بلد النضال من أجل الحرية عبر القرون والحقب, الجزائر التي يقدس شعبها حريته وحقوقه ويدافع عن حرية وحقوق جميع المستضعفين في كافة المعمورة وهي حسب الرئيس في طليعة الدول التي تحترم حقوق هذه المهنة النبيلة, ولا تدخر أي جهد من أجل ترقيتها فيحق للجزائر أن تعتز بتخليص تشريعها من كل عقوبة سالبة للحرية على الجنحة التي قد يرتكبها الصحافي كما يحق للجزائر أن تفتخر بخلوها من أي صحافي مسجون بسبب تأدية مهمته الإعلامية وكذلك يحق للجزائر أن تفتخر بدسترتها حرية الصحافة المكتوبة والمسموعة والمرئية, وحتى على الشبكات الإعلامية بدون قيد وكل شكل من أشكال الرقابة القبلية, دستور يضمن نشر المعلومات والأفكار والصور والآراء بكل حرية مع احترام ثوابت الأمة وقيمها, واحترام حقوق الأشخاص يحق للجزائر كذلك حسب الرئيس أن تفتخر بهذا اليوم العالمي للصحافة وبما تقوم به من تكوين للآلاف من أبنائها في هذه المهنة النبيلة في العديد من المعاهد الجامعية, وكذا بكل ما تقدمه من دعم لتوسيع شبكة وسائل الإعلام سواء أكانت مكتوبة من خلال المطابع العمومية أم كانت مرئية من خلال تسهيل إنشاء القنوات الخاصة, أم كانت سموعة عبر ما يزيد عن خمسين محطة إذاعية عمومية, وطنية ومحلية, وفي هذا المضمار, نعتز اليوم بالقمر الصناعي ألكوم سات1 الذي توج كل هذه الإنجازات والذي سيسمح, بعون الله, بإضفاء المزيد من الحداثة والانتشار في مجال الإعلام الوطني. كما أبرز رئيس الدولة أن الصحافة الجزائرية التزمت على الدوام بروحها الوطنية ودورها النضالي و بدأ ذلك في عهد الحركة الوطنية المطالبة طَوَالَ سنين عديدة بالاستجابة لحق شعبنا المشروع في الاستقلال والسيادة واستمر نفس النضال إبان ثورة نوفمبر المظفرة التي كان لها مجاهدون أشاوس بالقلم اضطلعوا بكفاح إعلامي من خلال جريدة "المجاهد" و وكالة الأنباء الجزائرية. وبنفس الحماس النضالي والروح الوطنية العالية, واكب الإعلام الجزائري ورشات البناء والتشييد بعد الاستقلال, ورشات أتت ببناء الدولة الجزائرية المستقلة, وورشات وضعت لبنات التنمية الاقتصادية والاجتماعية عبر كل ربوع الوطن, ورشات رفعت بجدارة واحترافية صوت الجزائر عاليا في محافل العالم ومنابره مذكرا بصمود الإعلام الوطني والتضحية بالنفس طوال عشرية المأساة والدمار والإرهاب الوحشي, عشرية سجلت أكثر من مائة شهيد وشهيدة في صفوف الإعلام الجزائري, استشهدوا لأنهم التزموا نصرة شعبنا الذي قرر إنقاذ الجزائر بفضل التضحيات الجسام التي قدمها شعبنا وبحمد الله الذي قاد خطواتنا في نهج الوئام والمصالحة الوطنية استعادت الجزائر عافيتها منذ عقدين من الزمن, وعادت بلادنا إلى بناء ما تهدم وإلى إنجاز ما هو منتظر من شعبنا الأبي في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية. وفي هذه الأجواء انتعشت الصحافة الجزائرية بظهور أزيد من مائة عنوان مكتوب وأكثر من عشرة قنوات مرئية, وكذا إدخال الرقمنة في مجال السمعي البصري مؤكدا أنه عازم على المضي قُدُما في جميع هذه المجالات منوها بمواكبة الصحافة الوطنية انتعاش الحياة السياسية في بلادنا بعدما وقع تحجيمها خلال المأساة الوطنية جراء الترهيب والتقتيلمبرزا إن تعدد الأحزاب السياسية ونشاطها وعودة البلاد إلى الاستحقاقات الانتخابية المنتظمة وكذا العودة إلى النقاش السياسي الحاد في بعض الحالات, شكل مسارا سياسيا رافقته الصحافة بجميع أصنافها, مما زاد الحياة الديمقراطية إشعاعا وتألقا مذكرا بحرصه عبر التعديل الدستوري الأخير على فتح المجال أكثر أمام الإعلام الوطني ليعزز دوره الفعال في جميع مناحي الحياة الوطنية. واكد الرئيس أن الجزائر تُعوّل الجزائر على إعلامها وهي تواجه شتى التحديات في الداخل, وأخرى تهددها من الخارج على غرار الكثير من دول العالم اليوم. وعلى ذكر هذه التحديات, أرى من الواجب أن أذكر أسرة الإعلام الوطني ببعض المجالات التي يتعين عليها النهوض فيها بدور نبيل وبمساهمة ذات جدوى وفعالية فمن حق الجزائر أن يضطلع إعلامها الوطني بالقيام بدور قوي في نقل صورة الجزائر الحقيقية خارج حدودنا خاصة و إن عالم اليوم المولع كباره بالهيمنة لا يتقبل بسهولة الدول والشعوب المتمسكة بحريتها واستقلال قرارها, ومن ثم تصبح هذه الدول والشعوب معرضة لحملات التشويه بل وحتى لمحاولات زعزعة استقرارها وأمنها , بإثارة الفتن واختلاق أزمات ومشاكل بحيث لا ترى الخروج منها إلا في الاحتماء بها موضحا أنه من الطبيعي أن نختلف, في الداخل , في الآراء والاتجاهات, وتلكم هي القاعدة الأساس للديمقراطية التعددية, غير أننا ملزمون جميعا بالوحدة وجمع الكلمة عندما يتعلق الأمر بالجزائر وطننا الوحيد الذي لا وطن لنا غيره, أما الغاية الثانية التي أناشد الإعلام الوطني من أجل بلوغها فهي تتمثل في تحويل الذهنيات في مجتمعنا, وفي الإصلاح الجوهري لمغالبة تحديات اليوم على جميع الصُعُد. صحيح, أننا سنظل ثابتين على مبادئنا الوطنية من العدالة الاجتماعية والحرص على التوزان الجهوي في التنمية والتشبّث بكل مكونات هويتنا الوطنية. إلا أنه يجب , في نفس الوقت , على مجتمعنا التقدم أكثر فأكثر في تقديس العمل وفي الحرص على النجاعة الاقتصادية, وفي إعادة الاعتبار للحس المدني, وكذا في التمسك بقيم الاعتدال والوسطية, وهذه كلها غايات تترسخ بفضائل الشرح والنقاش وتقديم الدلائل والحجج, وهي كلها ورشات تقتضي دورا أكثر فعالية من طرف الإعلام المكتوب والمرئي والمسموع والإلكتروني مشيرا الى أنه , إذا كان على الصحافة الوطنية التكفل بدور هام في ترقية صورة الجزائر, وفي مرافقة مجتمعها على نهج التحولات والإصلاحات, فيتعين كذلك على رجال الصحافة ونسائها الاضطلاع بدور الرقيب اليقظ الذي يرصد كل النقائص التي تعتور سير شأننا العام, أو حياتنا اليومية, الدور الذي يشجع الإصلاح والتصحيح وحتى المحاسبة عندما يتطلبه الأمر. بالفعلي إن ثقل وتعدد المهام المنوطة بمختلف مصالح الدولة تؤدي, لا محالة, إلى ارتكاب عدد من الأخطاء, وإلى وجود قسط من النقائص, ونقل هذه الوقائع من طرف الإعلام المحلي, خاصة عندما يتم ذلك بصدق ونزاهة, يكون جزءاً هاما من العلاج والتصويب والتحسين. فأناشد جميع وسائل إعلامنا أن تتكفل بهذا الجانب من مهامها النبيلة. وباختصار, فإنني حرصت كل الحرص, من خلال كل ما ذكرته أو أشرت إليه على إبراز الدور المركزي للصحافة الوطنية في جميع الورشات وفي مواجهة كل التحديات التي تعترض بلادنا في مسيرتها. ويحق لشعبنا أن يستفيد من مساهمة الإعلام الوطني في هذه الورشات وفي مغالبة هذه التحديات, كما يحق لنا, شعبا ودولة, أن نفتخر بالمستوى الذي بلغته الصحافة الوطنية بجميع أشكالها في التقدم والعصرنة يقول الرئيس بوتفليقة .