تسطرُ فلسطين أبهى صور الصمود والصبر والثبات على مبادئ يصعب الفكاك منها، وقصص عظيمة تُروى كل يوم تحمل بين طياتها عناوين التحدي والأمل نحو الخلاص من ظلمة السجان، نائل البرغوثي إحدى القصص الوطنية التي انحفرت وما زالت في ذاكرة كل نفسِ وطنيِ يهمه الأرض والوطن، عنوان الصمود أذاب الحديد والفولاذ والإرادة لن تلين. ومازالت زوجته ايمان البرغوثي تنتظر لحظة خروجه بعد أربعون عاماً من القهر والهوان، بالرغم من خروجه قبل عدة سنوات من السجون عبر صفقة شاليط إلا أنه أُعيد اعتقاله ليقضي سنوات وسنوات في السجون ليُكمل في الشهر "تشرين الثاني" القادم مدة أربعون عاما . مازال نائل البرغوثي متمسكاً بالأمل فهو يقضي حياته اليومية في الرياضة والقراءة واعطاء الدروس في العلوم السياسية والاعلام للأسرى داخل السجون الاسرائيلية، يضع لمساته الفعلية على أرض الواقع من خلال رسائله التي لم تكتفي بنهجها الوطني بل امتد نحو النهج الإنساني والبيئي والخوف على مصالح الشعب الفلسطيني، فهو يرسل رسائل عبر زوجته في الحفاظ على الأرض وزراعتها لإيصال الشعب نحو سياسة الاكتفاء الذاتي، ودوماً يحذر من أن الحرب القادمة هي حرب على المياه لذلك يوصي مقربيه بعمل آبار للمياه لكل فرد يمتلك ارضا. فرحة لم تكتمل: أثارت حفيظتي قصة نائل وزوجته ايمان، كيف صبروا رغم التحديات والاغراءات المقدمة لهم ومازالوا متمسكين برسالة الوطن والارض، إيمان تحب العمل الخيري والطوعي والدفاع عن حقوق الأسرى، هذه الصفة جعلت عميد الأسرى نائل البرغوثي يُعجب بها ويطلب يدها. ما أذهلني بهذه القصة انه رغم الزنازين وقيد السجان فقد خلقت قصة وفاء بين رفاق النضال من اجل الوطن، وما أعجبني أكثر أن إيمان وافقت على الزواج رغم معرفتها بحكم نائل البرغوثي فقد تم عقد القران وهو في السجن. ولكن لا بد للقيد أن ينكسر، خرج نائل من أسره بعد 34 عاما بصفقة وفاء الأحرار، بخروجه تم الزواج الذي تعتبره إيمان هو انتصار وتجسيد روح الأمل والتحدي، ومكرمة من الله وهدية ربانية، وما جذبني أكثر كلماتها عن الفرحة والسعادة التي كانت تعيشها مع نائل، فقمة الروعة حاولت إيمان أن تعوضه عن سنوات اعتقاله 34 عاما، فعاشت معه سنتين ونصف أسرة يجمعها حب الوطن، لكن شيطنة الاحتلال سرق البسمة من على وجهيهما، ومن هنا بدأت معاناة إيمان بأسر زوجها وعدم قدرتها على الزيارة، فإيمان منذ اعتقال زوجها تعتني بحديقة وأشجار نائل التي زرعها بيده، فعندما تشاهد الزهرة والثمرة على الأشجار تشعر بالتفاؤل الذي يعطيها الأمل لرجوع زوجها لها. وهي تتمنى إن تحتفل بعيد زواجها السنوي 18/11 وزوجها بجانبها وتحلم أن تُكَون أُسرة كريمة أسوة كبقية الأسر، فزوجها في 23/10 سيتم عمره الواحد وستون عاماً واربعون عاماً داخل الزنازين، ولكن إيمان متفائلة ومثابرة وما دفعني بشوق إلى سماع كلماتها، أنها امرأة منسجمة مع ذاتها فتقول أن جسدها برام الله، ولكن عقلها وقلبها مع نائل في السجن الإسرائيلي، فتعيش آلامها بكل فخر وتصميم على السير قدماً من اجل تحرير زوجها، حيث انها تعاني من قلة زيارة زوجها وبالتحديد في فترة كورونا ولم تتحدث معه الا مرة واحدة، واشارت ايمان ان هناك قرارا بالسماح لاهل القدس بزيارة اقاربهم داخل السجون ولكن حتى الان لم يسمح الاحتلال لاهل الضفة الغربية بزيارة الاسرى وهذا الامر حسب القوانين الدولية والانسانية غير قانوني سواء باتفاقية جنيف الرابعة او حتى بالاتفاقيات الدولية الاخرى. محكمة العدل العليا: في الثامن من شهر 7 القادم 2020 ستُعقد جلسة في محكمة العدل العليا من اجل اطلاق سراح نائل البرغوثي والاسرى الذي اعتقلوا معه وتم الافراج عنهم، وبالتحديد ان نائل البرغوثي قد حكم عليه قبل اربعون عاما السجن مدة 30 شهرا دون دلائل وتُهم تدينه، ولكن الاحتلال حكم عليه بالمؤبد تحت ملفات سرية، لكن تأمل زوجته ايمان البرغوثي اطلاق سراحه قريبا وجميع الاسرى. مناشدات: تناشد إيمان أن تكون مشكلتها ومشكلة أي أسير أو أسيرة أو طفل داخل المعتقلات أن تكون ضمن أولويات صفقة الاسرى القادمة ان حدثت، وتناشد الدول التي لها علاقة باتفاقيات سلام مع إسرائيل أن يستعملوا أسلوبا ضاغطا من اجل حل مشكلتها ومشاكل كل اهالي الاسرى، وتناشد الصليب الاحمر بان ياخذ دوره بشكل مسؤول كونه جهة محايدة يحق له الدخول الى المعتقلات الاسرائيلية. اين مؤسسات حقوق الانسان: اغلب الاتفاقيات الدولية ساهمت في وضع قوانين تحمي حقوق الآدمية والإنسانية، فاين هذه المؤسسات من اجل الدفاع عن حقوق الاسرى والتي كفلها القوانين الدولية واتفاقية جنيف الرابعة لابراز هذه القصص الواقعية والنظر اليها ورفع صوتها عاليا لعل هذا الصوت منقذاً قبل فوات الاوان!