اعتبر الخبير الدستوري، عبد الكريم سويرة، أن استفتاء تعديل الدستور المقرر بتاريخ الفاتح نوفمبر القادم يعتبر خطوة نحو بناء الجمهورية الجديدة التي وضع حجر أساسها الشعب الجزائري بتاريخ 12 ديسمر 2019.وأوضح سويرة، أمس الأربعاء ، أن "استدعاء الهيئة الناخبة من قبل رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، وفقا للأحكام القانونية والدستورية هو بداية المسار للوصول إلى تاريخ الاستفتاء وهو الفتاح من نوفمبر، مع ما يمثله من رمزية بالنسبة للشعب الجزائري والدولة الجزائرية".ويرى المتحدث في هذا الإطار أن "الدستور هو اللبنة الأساسية لبناء الدولة" وأنه "عبارة عن عقد اجتماعي يربط الحاكم بالمحكوم، وهو الوثيقة التي تكرس للحقوق والحريات الأساسية للمواطنين مع الضمانات التي يقرها لممارسة هذه الحقوق، وهي الوثيقة التي تنظم السلطات في الدولة وتحدد صلاحياتها واختصاصاتها مع الفصل بين هذه السلطات والتوازن والتعاون فيما بينها وهي الوثيقة التي إن شاء الله ستبنى بها الجزائر الجمهورية الجديدة التي نتطلع إليها جميعا، والتي عبر عنها الحراك الشعبي المباراك ل 22 فيفري من السنة الماضية، لتحقيق هذه الطموحات والأحلام وبناء دولة الحق والعدل والقانون".وأضاف عبد الكريم سويرة أن محطة الانتخابات الرئاسية لديسمبر 2019، كانت الخطوة الأولى لإحداث التغيير بانتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة، أفرزت عن رئيس جمهورية منتخب شرعيا، وتحت رقابة وإشراف وتنظيم سلطة وطنية عليا مستقلة للانتخابات بعيدا عن الإدارة "نحن بصدد استكمال هذا الصرح وهذا البنيان نحو الذهاب في تجسيد معالم هذه الجمهورية". وفيما يخص الخطوات التي تلي استدعاء الهيئة الناخبة لتعديل الدستور، كشف عبد الكريم سويرة قائلا إن "أول خطوة تعقب استدعاء الهيئة الناخبة هي مراجعة القوائم الانتخابية، وهناك نوعان من المراجعة، المراجعة العادية، والتي تقوم بها دائما الهيئات المختصة وفقا للقانون، وحاليا السلطة الوطنية هي التي تشرف على هذه العملية في الأشهر الثلاثة الأخيرة من كل سنة ابتداءً من شهر أكتوبر، أما المراجعة الاستثنائية بمناسبة هذه الاستشارة الانتخابية المتعلقة بالاستفتاء فتبدأ بداية الأسبوع القادم -20 سبتمبر- وتستمر لمدة 8 أيام، وعليه فإن المراجعة الاستثنائية تزامنت مع المراجعة العادية، ومنه فإن القائمة الانتخابية هي عملية دينامكية وفي تغير مستمر، فهناك أسماء جديدة تضاف وأخرى تحذف، ومن لا يسعفه الحدث في التسجيل خلال المراجعة الاستثنائية ستكون له فرصة ثانية خلال المراجعة العادية، إذا فالهيئة الناخبة شرعت في مهامها وستستمر إلى غاية الإعلان عن النتائج، فهي التي تشرف على العملية من بدايتها إلى غاية نهايتها". وكشف ضيف الصباح أنه و"وفقا للنظام الجديد فهذه السلطة أنشئت بقانون عضوي وستدستر في الدستور، وأنها المشرف الأساسي على هذه العملية بمرافقة الأحزاب السياسية التي ترغب في ذلك والفواعل ووسائل الإعلام ولابد على الإدارة أن تقدم الوسائل اللوجستية للقيام بهذه العملية، فبالنسبة للاستشارة الانتخابية يعطي القانون فسحة للحملة الانتخابية، المواعيد هي 25 يوما قبل تاريخ الاستفتاء وتنتهي قبل 03 أيام من يوم الاستفتاء وهو فما يعرف بالسكوت الإنتخابي، وهنا سيكون المجال مفتوحا لتنشيط الحملة الانتخابية للأحزاب السياسية التي ترغب في ذلك والفواعل والإعلام الذي يجب أن يقوم بدور كبير في شرح هذه المضامين، والإذاعة الوطنية مشكورة، فهي تقوم بعمل جبار، لأن ذلك من حق المواطن أن يعرف كل هذه المضامين ولا سيما المضامين الجديدة". سياق متصل، أكد سويرة أن الوثيقة الدستورية جاءت بأشياء جديدة ومهمة جدا بعيدا عن الممارسات السابقة وأن "الهدف هو الوصول إلى بناء هذه الجمهورية الجديدة، وبالتالي نبتعد تماما عن الممارسات السابقة، فالدستور يضع اللبنات الأساسية، ولا يمكن أن يذهب في التفاصيل، وكل هذه ستجسد من خلال أدوات قانونية لاحقة وقوانين عضوية مهمة وفاصلة في تسير الدولة، أتكلم مثلا عن القانون العضوي الخاص بالانتخابات الذي سيعاد النظر فيه، وهذا مهم من أجل تكريس الديمقراطية والشفافية في العملية الانتخابية والحفاظ على الاختيار الحر للمواطن. سيعاد النظر في القانون العضوي للأحزاب والقانون العضوي للجمعيات والقانون العضوي للإعلام وغيرها من القوانين المفصلية التي سيعاد فيها النظر، والهدف من ذلك بناء مؤسسات تنبثق من هذا التوجه الجديد مسقبلا". كما اعتبر الخبير الدستوري أن المسؤولية ستكون كبيرة وعظيمة لإعادة النظر في أساليب تسير الحياة السياسية وتنقيتها مما شابها من انحرافات ومن سوء الأداء، وهذا -حسبه - لن يكون إلا بفتح الفرصة أمام الشباب "هناك أحكام في الدستور تشجع من خلالها الدولة على مشاركة الشباب في الحياة السياسية، طبعا هناك الأحزاب التقليدية الموجودة في الساحة والتي يجب عليها اعادة النظر في بنيانها وهيكلتها وطريقة أدائها، ولكن هناك تيارات ستنبثق من حركية الحراك حيث ستتشكل أحزاب جديدة، فالدستور الجديد يعطي نظرة منهجية جديدة في كيفية إنشاء الأحزاب وتشجيعها ونزع كل العراقيل في سبيل ذلك، ويمكن أيضا للمجتمع المدني أن ينتظم في هذه الحياة السياسية". كما سلط سويرة الضوء عل المكاسب التي يتضمنها الدستور الجديد لترقية الحياة السياسية وأخلاقيات الحياة العامة وتشجيع الشباب على ممارسة الحياة السياسية، بوضع حد فاصل بين المال والسياسة" قائلا إن "الدولة تعطي كل الضمانات والآليات وحتى التدعيم المالي في إطار قانوني وشفاف لتمكين الشباب من الوصول لممارسة هذه الحياة السياسية، وتكون هناك عدالة وإنصاف بين الأحزاب فيما يتعلق بالممارسة السياسية وإرساء هذا النمط الجديد للشفافية في ممارسة السياسة، والنقطة الهامة والأساسية هي بوضع حد فاصل بين المال والسياسة، فالممارسات التي عرفنها ،وللأسف الشديد، أدت إلى انحرافات في هذا المجال، وينبغي الآن وضع حد فاصل بين ميدان المال وميدان السياسة، وبالتالي تنقية الممارسة السياسية من كل هذه الشوائب التي يمكن أن تؤثر عليها". وأعتبر عبد الكريم سويرة، أيضا أن وجود هيئة مستقلة تشرف على العملية الانتخابية من بدايتها إلى نهايتها سيؤدي للحافظ على حرية اختيار الشعب، وأن صوته الذي سيدلي به سيكون مضمونا وهو الذي سيتوج في النتائج النهائية، مؤكدا أن الدستور الجديد يتضمن شروطا جديدة لترشح وتولي مناصب المسؤولية، وبأن هناك تفاعلا كبيرا مع الدستور الجديد بمشاركة جميع الفعاليات، عكس المحطات السابقة قائلا "أولا تكريس مبدأ التداول على السلطة في كل المؤسسات من أعلى الهرم إلى أدناه وهي نقطة أساسية، وبالتالي الابتعاد عن كل الانحرافات، كالاستبداد بالحكم والحكم الفردي وغير ذلك، وسيؤدي ذلك إلى حياة سياسية نقية وإلى التنافس الشريف بين الأشخاص للوصول إلى هذه المؤسسات عن طريق الانتخاب" ليضيف "من خلال الآلية التي انتهجت في اعتماد النص أول مرة، تمت بشفافية في استشارة واسعة رغم الظروف الصحية التي تعرفها البلاد، لكن وسائل الاتصال الحديثة مكنتنا من التغلب على هذا العائق، وتم نشر كل الاقتراحات التي توصلت إليها اللجنة والتي عكفت على اتخاذ المنحنى العام، حتى استكمال هذه الوثيقة، نتمنى إنشاء الله أن نصل بعد إقرار الدستور من قبل الشعب إلى دستور للجمهورية الجزائرية يعمر طويلا للأجيال القادمة".