أكد الرئيس الموريتاني المخلوع سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله أن الوساطة الليبية بين فرقاء الأزمة في البلاد فشلت، وأعرب عن تمسكه بعودته إلى السلطة والتزامه بمبادرة قدمها خلال جانفي الماضي، وذلك في أول تعليق له على مبادرة الجماهيرية منذ الإعلان عنها قبل نحو شهر.وقال أحمد ولد صمب المتحدث باسم الرئيس المخلوع إن الأخير يأسف لفشل هذه الوساطة "فشلا لا يخفى على أحد في الداخل ولا في الخارج" مشيرا إلى أنه من حيث الشكل قام النظام الليبي قبل الانخراط في الوساطة باعتماد سفير "للنظام الانقلابي" ليتوج ذلك لاحقا "بزيارة دولة إلى موريتانيا" وهو ما شكل "اعترافا ضمنيا بالواقع الانقلابي".وذكر ولد الشيخ عبد الله في تصريحاته التي نقلها الناطق باسمه خلال مؤتمر صحفي إن القذافي جاء لموريتانيا "ليقترح حتي لا نقول ليفرض، الرضوخ للأمر الواقع الانقلابي بدعوته لتنازل الرئيس المنتخب ديمقراطيا، ومطالبته بالتطبيق الكامل للأجندة الأحادية التي وضعها الانقلابيون".وحذر ولد صمب من أن الزعيم الليبي معمر القذافي قد وجه بذلك رسالة مغلوطة عن موقف فريق الاتصال الدولي عامة، والاتحاد الإفريقي الذي يرأسه بشكل خاص، وشجع "الانقلابيين" على مواصلة الهروب إلى الأمام والسير بالبلاد "نحو كارثة محتمة قد تعصف بمقومات وجود البلد".وكانت مجموعة الاتصال الدولية المشكلة من الأممالمتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومنظمة الفرانكفونية قد عهدت إلى القذافي بحل الأزمة الموريتانية. وطرح ولد الشيخ عبد الله في جانفي مبادرة لحل الأزمة تتضمن استعداده لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة وسابقة لأوانها، ولكن شريطة تخلي العسكر عن السلطة، وتسلمه مهامه الدستورية رئيسا للبلاد. وألمح ولد صمب إلى ضرورة تغيير الوسيط الليبي، واستبداله بوسيط دولي يحظى بحيادية تامة وثقة لدى كل الأطراف، مضيفا في تصريح للجزيرة نت أن القذافي هو من قتل وساطته في مهدها، وهو من قضى عليها بانحيازه ووقوفه إلى جانب أحد أطراف الأزمة.ورغم أن مبعوث الزعيم الليبي إلى موريتانيا رافع المدني قال أمس في تصريحات صحيفية للجزيرة إن التحرك الليبي لحل أزمة موريتانيا، متواصل، وإن وساطة القذافي مستمرة حتى تحل الأزمة القائمة، فإن ولد صمب استبعد في تصريحه للجزيرة نت أن تستمر الوساطة، قائلا "لا بد للأشياء أن يحكمها منطق، وأن تضبطها قواعد، والوسيط الليبي لم يعد يمكنه أن يظل وسيطا بعد انحيازه لطرف واحد".وكانت الجبهة المناهضة للانقلاب قد اتهمت هي الأخرى القذافي بالخروج عن دور الوسيط النزيه، وأعلنت رفضها للاستمرار في أي حوار لا يستند إلى ما تصفه بالمرجعية الدستورية للبلد، ومصالح القارة في وضع حد للانقلابات العسكرية التي تستنزفها. بيد أن وزير الاتصال الناطق باسم الحكومة وجه انتقادت لاذعة لمواقف الجبهة، واتهمها في تصريحات صحفية سابقة بعرقلة الحوار، ووقف كل المساعي الدولية لحل الأزمة. وأعلنت الأغلبية الداعمة للمجلس العسكري في مؤتمر صحفي مساء أمس عن تمسكها بالوساطة الليبية، وتعهدها بالسعي لإنجاحها، كما أعلنت في الوقت ذاته عن تمسكها بموعد الانتخابات الرئاسية المقررة في السادس من جوان القادم، وطالبت بتشكيل حكومة وحدة وطنية ولجنة مستقلة للانتخابات ذات طبيعة توافقية في أسرع وقت ممكن.