تجنب الجدال في معالجة الأخطاء، فهو أكثر وأعمق أثراً من الجدال نفسه وتذكر أنك عندما تنتصر في الجدال مع خصمك المخطئ فإنك تجبره في الغالب؛ أو على الأقل يحز ذلك في نفسه ويجد عليك ويحسدك، أو يحقد عليك، فحاول أن تتجنب الجدال، ولذلك فإن النصوص الشرعية لم تذكر الجدال إلا في موضع النفي غالباً، والمحمود منه ما كان محاورة هادئة مع طالب للحق بالتي هي أحسن. ذُكر عن مالك بن أنس أنه قيل له: يا أبا عبد الله؛ الرجل يكون عالماً بالسنة أيجادل عنها؟ قال: لا؛ ولكن يخبر بالسنة، فإن قُبلت وإلا سكت. وفعلاً فإن طالب الحق إذا سمع السنة قبلها، وإن كان صاحب عناد لم يُقنعه أقدر الناس على الجدل، لكن إن سلّم بها وذكرت له السنة بلا جدال فقد يتأملها ويرجع. وبالجدال قد تخسر المجال، والداعية ليس في حاجة إلى أن يخسر الناس، ولذا يقول عبد الله بن حسن رحمه الله: المراء يفسد الصداقة القديمة، ويحل العقدة الوثيقة، وأقل ما فيه أن تكون المغالبة والمغالبة، أمتن أسباب القطيعة. حتى ولو كان المجادل محقاً، فينبغي له ترك الجدال، وفي الحديث الذي رواه أبوداود مرفوعاً (أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقاً) وتذكَّر أن المخطئ قد يربط الخطأ بكرامته، فيدافع عنه كمن يدافع عن كرامته، وإذا تركنا للمخطئ مخرجاً سَهُلَ عليه الرجوع وجعلنا له خيارات للعودة فلا نغلق عليه الأبواب.