على الأغلب أن الصدق و الاحترام عاملان أساسيان تُبنى عليهما العلاقة الزوجية المتينة إلا أن هذا لا يعني أن قليل من الكذب الأبيض قد يؤثر بالسلب على متانة هذه العلاقة بل بالعكس فالكذب مسموح و لكن في حدود ضيقة كأن يبالغ الزوج في وصف جمال زوجته تطييبا لخاطرها و تضطر الزوجة الى المبالغة في وصف محبتها لزوجها ، فاستخدامه في هذه المواضع مفيدا نوعا ما لما له من أثار طيب قد يؤثر بالإيجاب في استمرار العلاقة الزوجية ، ففي الكثير من الأحيان قد تجبر ظروف الحياة الأزواج اعتماد أسلوب إخفاء الحقائق أو الكذب الأبيض ، بدافع حماية العلاقة الزوجية إلا أن هذا الأخير قد يكون سببا في تهديمها حتى و ان كانت لا تمثل سببا كافيا في انهيار العلاقة الزوجية ، و يبق حبل الكذب قصير كما يقال حتى و ان طالت خيوطه إلا أنه سيأتي يوم و ينكشف تلاعب صاحبه هو ما جعلنا نتوجه للرجال المتزوجين بسؤالنا :" ماذا لو اكتشفت أن زوجتك تكذب عليك؟" فكانت أغلب الإجابات تذهب الى أن الرجال لا يتقبلون الكذب و يرفضون الخداع و لا يحبون الزوجة الكاذبة . الرجال يرفضون الزوجة الكاذبة ... كثيرون اعترفوا بوجود الكذب في حياتنا منهم من لا تزعجه فكرة الكذب الأبيض لأنها تنعش العلاقة نوعا ما و منهم من يرفضه جملة و تفصيلا ، "مصطفى" يقول :"' لزوجتي كذبات بعضها ينطلي علي و منها من اكتشفتها ، و لكن هناك شيء المهم الهدف من وراء كذبها نبيل فمثلا فكثيرا ما تخبئ على أطفالها و تضللني خوفا عليهم من أن أعاقبهم ." و أما السيد "مراد" وهو محامي يقول :" كثرت نسبة الطلاق في المحاكم الجزائرية و سببها يعود للكذب بكثرة ، و الذي يؤثر على الثقة المبنية ما بين الزوجين و انعدامها يعني اسرع طريق لإنهاء العلاقة الزوجية التي تعد أجمل العلاقات الإنسانية و أقدسها." ، "رامي" هو الأخر يقول :" انفصلت عن خطيبتي السابقة بسبب كذبها ، فالمشكل أنها تكذب في كل صغيرة و كبيرة ورغم أنني نصحتها في الكثير من الأحيان أن تتخلص من هذه الصفة المذمومة و لكن بلا فائدة " ،و من جهته عبر " جمال" عن رأيه رافضا الزوجة الكاذبة و يقول :"لا اقبل ان تكذب زوجتي عليا و قد انهي علاقتي معها لو فعلت ، لأن الكذب لا يليق بصفة المراءة فقد يشوهها و هي أجمل الناس." ، و أما السيد "كمال" يقول :" صادفنا الكثير من المشاكل بسبب كذب زوجتي أو محاولتها إخفاء ما يجري في مكان عملها خاصة أنها تتعامل مع عدد من الرجال حتى لا أشعر بالغيرة كما أنها تختلق أمورا لتريحني ، و هذا ما ألمسها عندما أسألها أكثر من مرة فألاحظ ذلك التغير و التضارب في كلامها ، و هنا أوقفها عن كذبها و أطلب منها عدم تكرار ذلك لأن علاقتي لن تتزعزع بها بل بالعكس قول الحقيقة يزيد من ثقتي لها." أغلب الكذب يكون بدافع حماية العلاقة الزوجية و أمام كذب الزوجة ما يبقى على الرجل الا أن يصارحها بعدم تصديقه لذلك أملا في أن تعترف الزوجة بما كانت تخفيه لان بعض النساء يقمن بالاعتراف طوعيا بكذبهن فور شعورهن بأنه قد تم كشف الأمر ، بل يشعرن بالراحة عند عرض الحقيقة بالتفصيل بعد إخفائها و كأنهن يتخلصن من حمل ثقيل و هذا ما أكدته لنا الإخصائية النفسانية "نادية رمطاني" حيث تقول :" على الزوج أن يظهر اعتزازه بشجاعة زوجته بالاعتراف بكذباتها و تشجيعها على الإفصاح عن كل شيء حتى و ان كانت الحقيقة مؤلمة ، و محاولة اظهار تفهمه لزوجته و الأسباب التي دفعتها للكذب ، فقط لمنحها الامان و تجنب الوصول لطريق مسدود فالحوار مهم في هذه الحالة ، و لكن هناك مواقف ينصح الزوج عندها بعدم المواجهة خوفا من وقوع اضطرابات قاضية يصعب احتواء نتائجها فيما بعد لذا على لزوج التحلي بالذكاء و الفطنة في التعامل مع كل حالة كذب تصادفه " و تضيف : " بحث الزوج في اسباب الكذب يعد نقطة جوهرية لتفاديه لأن الكثير ممن يكذبن تجدهن ضحية تربية سيئة أو يعانين من مرض الكذب وهو حاله حال الأمراض العضوية الأخرى الا أن هذا مرتبط بعوامل نفسية و في هذه الحالة على الزوج التحلي بالصبر و سعة الصدر مع التنبيه اللطيف و النصح الطيب الهادئ بعيدا عن التأنيب و التوبيخ ، و قد تكون الأسباب الرئيسية خوفها من غضب زوجها لأن كلامه سيجرحها و يعذبها و قد تكذب لذكريات ماضية سيئة و على الأغلب أن كذبها ما هو إلا حماية للعلاقة ." و تنصح متحدثتنا الازواج قائلة :" عندما تعترف الزوج بكذبها ما على الرجل إلا أن يتفهمها و ذلك بفتح الموضوع و استخدام اسلوب الحوار بودية ، فالاعتراف وحده كفيل لفتح باب التسامح و إعادة الثقة بين الأزواج ." الصدق هو خلاص و طوق نجاة للعلاقة الزوجية و يؤكد الشيح "قريشي" أن الكذب صفة مذمومة في الفرد و من أكبر عظائم الذنوب و صفة من صفات المنافقين و لا يوجد امثل من الإنسان الصادق لما للصدق من اثر طيب و اقتداء بسيد المرسلين محمد عليه الصلاة و السلام ففي قول الله تعالى :" عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البرِّ، وإن البرِّ يهدي إلى الجنة ، وما يزالُ الرجل يصدق ويتحرَّى الصدق حتى يُكتب عند الله صدِّيقاً ، وإياكُم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يُكتب عند الله كذاباً" ووحدها هذه الآيات كفيلة بإظهار مقام الإنسان الصادق عند الله ، عكس الانسان الكاذب ، لذا على الزوجة أن تبني علاقتها على الصدق و تبتعد كل البعد على استخدام سياسية التلاعب لأنها عاجلا أم أجلا سينكشف كذبها و هنا تختلف ردة فعل لزوج من رجل الى أخر حتى و ان مرر كذبها للمرة الأولى إلا أنه قد يصل الى مالا يحمد عقباه اذا اكتشف كذبها للمرة الثانية ."