هل صحيح أن تدخل قوات من البلد المستعمر السابق، يصب في مصلحة المنطقة؟ وهل هذا التدخل يعتبر مساعدة للحكومة المالية على تحرير الشمال من سيطرة المتشددين الإسلاميين؟ ومن جهة أخرى، ألا يعتبر غلق حدود الجزائر وفتح مجالها الجوي، دخول في حرب بشكل مباشر في هذا النزاع؟ ولماذا لا نعتبر هذا التدخل بمثابة الفرصة التي يجب أن تستغل لوضع حد نهائي لهؤلاء المتمردين الذين لا يتوقفون عن نشر الموت في دول الساحل؟ كتبت بعض الصحف الفرنسية: أن الطبقة السياسية تصفق لهذا الانتصار السهل للقوات المسلحة الفرنسية، ولكنها بعد فترة قصيرة فقط، تسببت الحرب في قتل العشرات من الأبرياء، ولهذا يجب أن يوضح هولاند بنفسه أهداف هذا التدخل، ومن زاوية أخرى فإن الماليين لن يرضوا بوجود قوات من القوة المستعمرة السابقة لوقت طويل، وهم محقون في ذلك، حسب الصحافة الفرنسية. وفي نفس السياق يحلل البعض، هذا الصراع، بأنه على الرغم أن هجوم المسلحين الجهاديين قد سرع بلا شك في قرار فرنسي الذي لقي ترحيبا من جزء غير قليل من الماليين والرأي العام العربي والإفريقي والعالمي، إلا أن فرنسا تثير مخاطر جدية في استمرار المواجهة مع القوى الإسلامية، وأنه يهدد المصالح الفرنسية في كل مكان، فجميع المؤشرات تدل على أن القتال صعب. ويضيف البعض أنه لم يكن لدى فرانسوا هولاند أي خيار، فباستمرار تكرار فرنسا القول إنها لم تعد، بوليس إفريقيا، تكون تركت الدول غير القادرة عن الدفاع عن أنفسها، وأن فرنسا وحلفاؤها كانوا غير قادرين على تقييم الضرر المشترك الذي خلفه سقوط معمر القذافي، وهذا الكلام كله حسب الصحافة الفرنسية طبعاً. يحلل بعض السياسيون هذا الحدث بمنظور آخر، حيث يعتبرون أن متطرفون متشددون زرعوا أشواكهم في منطقة واسعة من البلاد، إلى جانب طرق تهريب المخدرات، وعلى امتداد طريق الهجرة غير الشرعية القادمة من قلب أفريقيا، مع تفاقم النزاع قد تحتاج إلى مساعدة جدية من فرنسا والناتو، وبالتالي ستحول فوضى الإسلاميين المنطقة إلى مرتع للجريمة المنظمة، وستشكل خطرا على استقرار دول الجوار، ومثل هذا الانتشار لمعاقل الجريمة التي يرعاها تفاقم وجود القاعدة في المنطقة بعد الأحداث في ليبيا، والتي خلقت انتشار العمل المسلح في الساحل الإفريقي. حسناً، إذا قرنا بين المصلحة الفرنسية والحرب على الإرهاب في شمال مالي، سيكون من الصعب إزالة الحالة السياسية لبلدان الساحل الإفريقي إذا لم نبحث عن الحل في جذور المشكلة، ثم كيف يخوض الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند حرب مثل هذه ولم يمض على ولايته سوى بضعت أشهر؟ ألا يعتبر هذا تداركا، لأنه يواجه تراجعا في مستوى تأييده، وسط القلق الشديد الذي يراه الخبراء الاقتصاديين في الوضع المحلي لفرنسا في الزمن القليل القادم؟ وبالتالي يأمل في أنه يحول أنظار الناس إلى التركيز من الوضع المحلي إلى ما وراء البحار، كما يحاول هذا الرئيس تحقيق انتصارات على خصم سهل لتسجيل المزيد من النقاط في رصيده؟ توفيق ومان في حوار للمستتقبل العربي: "المتتبع لشأن مثقفينا يدرك حجم ضعفهم واختبائهم وراء شتمهم لغيرهم" "ترقبوني في المهرجان الدولي للشعر ببريطانيا ومهرجان الزجل بالمغرب قريبا" حاوره: م تونسي تّأسف توفيق ومان الشاعر ورئيس الرابطة الوطنية للأدب الشعبي و عضو اللجنة الدائمة العليا لاتحاد الرواد و المبدعين العرب بجامعة الدول العربية، عن الوضع الأدبي والشعري في الجزائر المتردي واصفا إياه بالمضطرب لأن أهله كما قال يتسابقون في كشف عيوب سابقيهم ومعاصريهم ومن هم بعدهم وتقزيم أعمالهم سواء على الصعيد الوطني أو الدولي، دون تقديم الدعم وتشجيع المبتدأين مشيرا إلى أنهم يتقنون فقط النقد الهدام لا البناء وأمور اخرى يتحدث عنها في هذا الحوار الشيق لجريدة "المستقبل العربي" التي فتح لها صدره متحدثا عن نظرته للواقع الثقافي بالجزائر وكذا ما يعانيه هذا الوسط من خمول وجمود. المستقبل العربي : لو نبدأ من تمثيلك للجزائر ضمن المهرجان الدولي للشعر العالمي ببريطانيا ،فما هو شعورك لذلك؟ توفيق ومان : في حقيقة الأمر إن اختياري لتمثيل الجزائر في هذه التظاهرة المنتظر تنظيمه في 27 مارس القادم، من قبل القائمين على فعاليات المهرجان الدولي للشعر العالمي ببريطانيا، هو تكريما لي وللجزائر في نفس الوقت، وهذا إن يدل على شيء فإنما يدل على توازن أشعاري وعالمية أقوالي، وهو الأمر الذي يجعلني في رضا عن مستواي، مع الأمل طبعا في تقديم الكثير لهذا الوطن الغالي، منا أنه لا يعني توقفي عند هذا الحد والرضا بالقليل ولكن عليا العمل بجد لمواصلة درب من قبلي وتعليم من يأتي بعدي، وللتذكير فإن الرابطة الوطنية للأدب الشعبي تعتزم تنظيم الطبعة الرابعة من الملتقى العربي للأدب الشعبي بمدينة بومرداس في الأيام القليلة القادمة، كما سأمثل الجزائر في المهرجان العربي للزجل الذي سيقام بمدينة أزمور المغربية الذي سأقوم بافتتاحه في 25 جانفي المقبل. المستقبل العربي : هل لا تزال تشتغل على نصوص الشعر الشعبي ؟ توفيق ومان : طبعا قمت بدعوة رفاقي من الشعراء والأدباء إلى تجربة نوع جديد من الشعر ألا وهو الشعر الشعبي الأصيل الذي ينقل معانات المواطنين على اختلاف مناطقهم ومشاربهم القومية والذي يستطيع العام والخاص فهمه في ظل تعدد اللهجات والمقاربات، من المعلوم أن الشعر الكلاسيكي القديم لا يعرف إقبالا ولا انتشارا واسعا في وسط الجمهور المتذوق لهذا النوع من الفن والأدب. المستقبل العربي : البعض يقول أن ما يحد من انتشار الشعر الشعبي هو اللهجة التي يعتبرونها عائقا أمامه؟ توفيق ومان : اطلاقا ، هذا عبارة عن اختباء وراء هاجس اللغة، فأنا مثلا أقدم أشعاري في المشرق والمغرب دون أن أتعرض إلى هذا النوع من النقد، رغم أنني أتكلم بلسان حال الجزائريين ولكن بالاعتماد على اللغة العربية الثالثة التي تعتبر أقرب الأنواع إلى اللغة الفصحة التي يفهمها العام والخاص المشرقي أو المغربي دون إحراج ولا طلب لبرهان، إذا فالابتعاد عن اللهجات المحلية التي لا يفهمها إلا أبناء تلك المنطقة التي نشأ فيها هذا الأديب أو الشاعر هي الحل في اعتقادي من أجل دفع عجلة الموروث الثقافي الذي تزخر به الجزائر . المستقبل العربي : شهدت الساحة الثقافية بالجزائرية ملاسنات ادبية وانتقادات طالت حتى الشخوص ؟فلماذا هذه الصراعات الأدبية بين الكتاب والشعراء الجزائريين؟ توفيق ومان : لأمر مخزي أن ترى طبقة من المثقفين الجزائريين وهم في صراع وتناحر وتقاذف الكلام وتنابز بالألقاب وكشف العورات والعيوب، غير مدركين لحجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم باعتبار أنهم مركز تأثير ووجه للتعريف بهذا الوطن وثقافة شعبه، فالمفروض أن يتسابقوا في تعليم من لا علم له ورفع قيمة بعضهم البعض في المحافل الوطنية وحتى الدولية لإضافة بعض المصداقية لهم، لأن المتتبع لشأنهم يدرك حجم ضعفهم واختبائهم وراء شتمهم لغيرهم، من أجل الارتقاء بأنفسهم على حساب الآخرين، وللأسف فقد مشت هذه العدوى حتى إلى ناشري الكتاب، والسبب الوحيد في ذلك هو حب الأنا لدى المثقف الجزائري الذي يفضل أن يرتقي فوق الكل ولو على حساب المبادئ وسمعة الناس، وهو ما يحملني على القول أننا لا نملك مثقف حقيقي في الجزائر بكل ما تحمله الكلمة من معنى. المستقبل العربي : هل من اصدارات جديدة أو نص سيخرج للنور؟ توفيق ومان : أعمل على إخراج نص شعري شعبي جديد بعنوان " يا صاحبي " الذي تطرقت من خلاله إلى كل المعانات اليومية للمواطن الجزائري وهمومه وتطلعاته إلى مستقبل أحسن ومن بين ما كتبت فيه: ياصاحبي شمعة دمعة وريق عطشان من سوالف الصُمعة جَرَّيْت معايا الخيبة فكل طريق وخيالي ما بغى يفيق ياصاحبي لملم أعضايا راه هجري حتى الرحيق يا صاحبي شْكيْت للكلام حتى هوا ما عادلي رفيق أطلعت وهبطت وشفْت نجومي ذبلانة ونشفلها الريق وللتذكير فإن توفيق ومان هو شاعر شعبي جزائري ورئيس الرابطة الجزائرية للشعر الشعبي ورئيس دول المغرب العربي للأدب الشعبي، كما أن له 6 دواوين شعرية - رعدة الغزال - 23 قصيدة في الغزل - ديوان حدق مدق - ديوان خبر كان - الصوت المكنون في الشعر الملحون وغيرها من الدواوين، كما شارك في العديد من الدول العربية في الملتقيات و الأمسيات الشعرية - الجزائرتونس المغرب ليبيا مصر الأردن لبنان قطر و كرما في العيد من الدول، كذلك له دراسات حول الأدب الشعبي العربي .