تعد الجزائر من بين أكبر الدول المنتجة للتمور في العالم، بإنتاج سنوي يقدر ب26.5 مليون قنطار سنويا، وتملك 160 ألف هكتار من النخيل تتوفر على أكثرمن 18 مليون نخلة. رغم هذه المعطيات المتوفرة، إلا أن معدلات تصدير هذا المنتوج ضعيفة جدا لا تتعدى 2.36 بالمائة من حجم الإنتاج الوطني الإجمالي، إذا ما تمت مقارنتها باستهلاك السوق العالمية، التي لم تستطع حتى حماية منتوجها الذي يضيع منه سنويا ما بين 20 إلى30 بالمائة بفعل التسوس "فيروس التمر" وعدم المعالجة، كثيرا ما يدفع ثمنه المنتجون والمستهلكون على حد سواء، في وقت لا تزال الدولة عاجزة عن إعداد سياسة فعالة لإعطاء هذا المنتوج مكانته الحقيقية، رغم اعتباره الثروة الثانية بعد البترول، ومن الشعب الأساسية والاستراتيجية بالنسبة للاقتصاد الوطني، وأحد حلقات مسألة تحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي للجزائر. ويتشاءم عاملون في صناعة التمور من أن تتمكن التمور الجزائرية من نوع ''دڤلة نور'' من تصحيح وضعها عالمياً، ورفع قيمة صادراتها التي لا تزال ضعيفة جدا ، حيث لا تتجاوز 1 في المائة من إجمالي الصادرات خارج قطاع المحروقات، رغم أنها قادرة على تحقيق مداخيل هامة من العملة الصعبة لونالت حقها من الاهتمام، من خلال معالجة أشجار النخيل من الأمراض والآفات التي تتسبب في فساد وإتلاف ما بين 20 إلى 30 بالمائة من الإنتاج الوطني سنويا، وحماية هذا المنتوج من الاستنزاف الذي يتعرض له بفعل استغلاله من طرف المهربين وجلع محل مقايضته ب''مخنلف السلع المهربة '' مثل الشاي ناهيك عن مادة التبغ، وتمريره عبر الحدود الشرقية والجنوبية للجزائر بطرق غير شرعية وغير قانونية. المعالجة من فيروسات التمور تمس 10 آلاف من أصل 160 ألف يجمع كثير من المختصين على أنّ خطر الأمراض أصبح يشكل تهديدا صريحا لثروة التمور بالجزائر، في ظل انتشار أمراض ''البيوض'' و''البوفروة'' و''سوسة التمر" يمثلون اخطر فيروس النخيل وبعض الآفات الطفيلية والعنكبوتية الأخرى التي تضر كثيرا بالمنتوج، وتتسبب سنويا في ضياع قرابة 30 بالمائة من المنتوج منه، وهوما يكبد انتاج التمور خسائر فادحة تقدر بعشرات المليارات. وينصح الخبراء المختصون باستعمال مبيدات فعالة وإدخال طرق حديثة في عملية المعالجة التي لا تزال تتم بأساليب تقليدية جدا وتعميم عمليات المعالجة لكل الواحات الموجودة ، ولاسيما أن الجهة المكلفة بمهمة المعالجة من قبل مديرية وقاية النباتات بوزارة الفلاحة لا تعالج سوى 10 آلاف هكتار سنويا من مساحة النخيل الموجودة والمقدرة ب160 ألف هكتار، وهوما يعني بقاء 150 ألف هكتار بدون معالجة، وهذا يترتب عنه ضياع كميات معتبرة من المنتوج، بالإضافة إلى عدم الحصول نوعية جيدة من التمور. كما أن الهيئة المعنية بالمعالجة ما زالت تعالج بالمواد الكيميائية التي أثبتت عدم فعاليتها. وفي هذا الشأن يقول "الحاج عطاب" من ورڤلة، وهومنتج ''إن أكبر مشكل نعانيه في مرحلة الإنتاج هوالأمراض وضعف أساليب المعالجة، التي مازالت تتم بطرق تقليدية، كما أن عدم تنظيم زراعة النخيل في أغلبية الواحات يعيق عملية المعالجة، بالإضافة إلى ذلك فإن التقلبات المناخية وسقوط الأمطار المتأخرة في بعض الاحيان تضر كثيرا بالمنتوج ونوعيته في ظل ضعف الأساليب المستعملة حاليا في حماية العراجين، لأن أكياس البلاستيك المستعملة لم تعد مجدية، فلا بد من التفكير في أساليب أخرى والاستفادة من التجربة التونسية في هذا الميدان''. دعوة إلى حملة وطنية لاجتثاث الأمراض أما أحد المهندسين المختصين في الفلاحة الصحراوية ، أكد أن السبيل الوحيد لضمان فعالية المعالجة تتطلب تنظيم حملة وطنية عامة لمكافحة هذه الأمراض. رغم وفرة إنتاج التمور في الجزائر وتنوعها البيولوجي، حيث نمتلك قرابة ألف نوع، إلا أننا لم نستطيع تصدير سوى 2.38 بالمائة من منتوجنا الإجمالي المقدر سنويا بحوالي 5,5 مليون قنطار، 1.8 مليون قنطار منها من نوع ''دڤلة نور''. ولا تتجاوز الكمية المصدرة معدل 130 ألف قنطار سنويا، بعد أن كانت الكمية المصدرة في سنة 1995 حوالي220 ألف قنطار، أي ما يعادل 7.78 بالمائة من حجم الإنتاج. وزارة التجارة مدعوة لتنظيم سوق التمور عملية التصدير بدأت تتراجع في السنوات الأخيرة لعدة أسباب، أهمها كما يقول أحد أعضاء جمعية مصدري التمور، الفوضى التي تعرفها سوق التمور ببلادنا، وكثرة المضاربين الذين أصبحوا كما يقول ''يتحكمون في الأسعار كما يريدون، وهوما انعكس سلبا على أصحاب وحدات التحويل والتكييف والتعليب، حيث يقوم هؤلاء بشراء المنتوج من الفلاحين قبل نضجه ويخزنونه ليبيعوه فيما بعد بأسعار مرتفعة جدا، مما أدى بالعديد من أصحاب الوحدات إلى توقيف نشاطهم''، والأكثر من ذلك -يضيف رئيس جمعية المصدرين- أن عدم معالجة المحاصيل في وقتها المحدد يكلف الفلاحين وأصحاب الوحدات على حد سواء خسائر كبيرة لأنهم يرمون 30 بالمائة من المنتوج الذي يشترونه بسبب التسوس، كل ذلك ينعكس على تكلفة الكيلوغرام الواحد من التمر المعد للتصدير، فإذا كانت تكلفة الكيلوغرام الواحد من التمور التونسية المعدة للتصدير تعادل 190 دج جزائري، فإن الكيلوغرام الواحد من التمر الجزائري المعد للتصدير يقدر ب260 دج، الأمر الذي جعل دڤلة نور التونسية -كما يقول أيضا من- أكثر منافسة لدڤلة نور الجزائرية في الأسواق الخارجية. كما أن التسهيلات التي يتلقاها المصدرون التونسيون من الجهات الوصية -كما يقول غمري- هي غير موجودة ببلادنا وعلى رأسها وزارة التجارة التي أدارت لنا بظهرها ولم تتخذ الإجراءات اللازمة لتنظيم السوق الداخلية ومرافقتنا في الخارج. المعارض الدولية للتمور المشاركة ضعيفة الترويج للمنتوج ان أهم مشكل يعيق تصدير التمور في بلادنا هونقص العمل الدعائي لمنتوجنا في مهرجانات التمور الدولية، حيث لا يزال منتوجنا مجهولا لدى العديد من هذه الدول، والسبب في ذلك -كما يقول أحد المختصين هوعدم مشاركة المنتجين والمصدرين الحقيقيين في مثل هذه التظاهرات، وقد تصل تكاليف ذلك إلى 200 مليون سنتيم لكل راغب في المشاركة في أي معرض، الأمر الذي جعل المتعاملين الجزائريين يحجمون عن المشاركة في أي من تلك المعارض، وإن شاركت الجزائر في هذه التظاهرات فإنها كثيرا ما تكون مشاركة مخجلة، لأنه عادة ما يكون الجناح الجزائري من أضعف الأجنحة في كل المعارض، لأن الأشخاص الذين يختارون للترويج والتعريف بالمنتوج الجزائري كثيرا ما يحولون تلك التظاهرات إلى فرصة للسياحة . أما ثاني مشكل يواجه تصدير تمورنا -يضيف رزاق بارة- فهوالمشاكل البيروقراطية التي تواجهنا أثناء عملية التصدير، فرغم تخصيص وزارة الفلاحة ما يسمى بالرواق الأخضر، وإنشاء صندوق خاص لتدعيم هؤلاء المصدرين، فالكثير منا كما يقول ''لا يستفيد من هذا الدعم، والعديد منا لم يتحصل عليه منذ أربع سنوات بسبب العراقيل البيروقراطية''. وفي نفس السياق يقول نجيب حدود، وهومن مصدري التمور ''نواجه مثبطات كثيرة لتصدير تمورنا إلى الخارج، وهذه الصعوبات جعلتنا عاجزين عن منافسة التمور التونسية، رغم امتلاك الجزائر لأجود وأفخر الأنواع، ومن أهم هذه الصعوبات عدم تأهيل الوحدات الخاصة بتكييف وتوظيب وتغليف التمور الموجهة للتصدير، فكل الوحدات الموجودة على المستوى الوطني غير مؤهلة، ولا تملك شهادة المطابقة لقبول منتوجها في الأسواق الخارجية لأن هذه الدول تطلب مواصفات ومقاييس جد صارمة. وتتطلب عملية التأهيل استثمارات وإمكانيات كبيرة تفوق طاقة أصحاب الوحدات، وبالتالي لا بد من مرافقة البنوك''، إلا أن هذه الأخيرة يضيف محدثنا ما زالت ترفض منحنا قروض طويلة المدى، وعدم تدخل الدولة لمساعدتنا في ظرف ثلاث سنوات، وهي المهلة الممنوحة للوحدات الجزائرية لتأهيل نفسها، سيتم غلقها وحلها، لأنه بعد هذه المدة سوف لن يكون بإمكانها تصدير منتوجها لعدم ملائمة طرق تعبئتها للتمور وفق المقاييس المطلوبة. وحدات تكييف وتصدير التمور مهددة بالغلق أما المشكل الآخر الذي يعاني منه المصدرون أيضا كما يقول حدود هوفوضى السوق الداخلية للتمور وتفشي ظاهرة المقايضة بالحدود الجنوبية للجزائر كمالي والنيجر، حيث كثيرا ما يلجأ بعض الوسطاء إلى شراء كميات كبيرة من دڤلة نور من منطقة بسكرة ووادي سوف وورڤلة، وتحويلها إلى هذه المناطق لتتم مقايضتها بأشياء أخرى، كثيرا ما تكون سجائر والشاي. وإذا كان القانون يبيح التعامل بنظام المقايضة في ثلاث ولايات جنوبية وهي إليزي وتمنراست وأدرار، فإن بعض الأطراف تتحايل على هذا القانون وأخذت تهرب دڤلة نور رغم أن هذه الأخيرة منع مقايضتها حفاظا وحماية لسمعتها ومكانتها العالمية. ورغم هذا المنع فإن المهربين كثيرا ما يتحايلون على القانون ويقومون بتحويلها إلى مالي والنيجر بطرق غيرشرعية وغير قانونية، وكثيرا ما يقوم هؤلاء بشراء دفلة نور من المنتجين بأسعار مرتفعة أكثر بكثير من الأسعار التي يقترحها عليهم أصحاب وحدات التصدير، وهوما جعل هؤلاء يواجهون مشاكل كبيرة في توفير هذه المادة لمصانعهم. ولوضع حد لهذه الظاهرة فلا بد من رسم سياسة فعالة لتشجيع مصدرينا بتدخل العديد من القطاعات التي لها علاقة بعملية التصدير. الجزائر تسعى إلى بلوغ إنتاج 7ملايين قنطار في السنة وأمام كل هذه المشاكل التي تواجه عملية تحسين نوعية التمور المنتجة ببلادنا والعراقيل التي تواجه عملية التصدير، يقول وزير الفلاحة والتنمية الريفية رشيد بن عيسى، إن الجزائر تراهن على تصدير 600000 قنطار من التمور في حدود سنة .2013 إلا أن بعض العاملين في هذا المجال يشككون في أرقام الوزير ويقولون عنها إنها غير دقيقة ولا تعكس الواقع، بل بالعكس تعرف كمية التمور المصدرة تراجعا كبيرا للأسباب سالفة الذكر.