شنت زعيمة حزب العمال في ندوتها الصحفية، أول أمس، هجوما عنيفا ضد أبو جرة زعيم حركة مجتمع السلم، متهمة إياه بالنفاق واستعمال الدين لأغراض سياسية، ليرد عليها هذا الأخير من معسكر، معتبرا أن حزبها يقتات من بقايا الفكر "التروتوتسكي". وتعيد هذه الاتهامات الصراع الإيديولوجي بين الأحزاب إلى السطح، بعدما غطت التحالفات والمصالح الخاصة هذا الصراع الخفي ردحا من الزمن. اختفى الصراع الإيديولوجي في ظاهره بين الأحزاب في الجزائر خلال السنوات الماضية، فاسحا المجال للمصالح الحزبية والتحالفات الظرفية، رغم حضوره في مناسبات معينة، في نقاط معينة، خاصة ما تعلق منها بقانون الأسرة، ليظهر هذه المرة من خلال فتح النقاش حول إلغاء قانون الإعدام الذي أنعش الصراع الإيديولوجي بين الأحزاب الإسلامية والعلمانية، وكذا بين بعض الشخصيات، إلا أن الواقع يخفي خلفه جملة من الإخفاقات التي وقعت فيها الأحزاب الإسلامية والعلمانية على حد السواء، تحاول من خلال إدلاء دلوها في قانون حكم الإعدام وكسب مواقع جديدة في وسط المجتمع بعدما طلق الشعب الجزائري السياسة بالثلاث، وهذا باعتراف الكثير من الأحزاب نفسها التي أفلست ولم يعد يوجد ما تقدمه للمواطن، خاصة وأن المصالح الذاتية داخل الأحزاب صارت تطغى على المبادئ الحزبية والأهداف الإستراتيجية، لذا فالصراع الإيديولوجي بين التيارات المختلفة في الجزائر وإن كان موجودا فعلا إلا أنه لن يقدم أو يؤخر في الأمر شيئا، بما أن الأمور تحسم بطريقة أو بأخرى بعيدا عن إرادة الأحزاب التي ستزكي هذا القانون، ليس حسب القناعة الحزبية، لأن الصراع لا يعدو أن يكون مجرد البحث عن مكاسب وحملات انتخابية مسبقة لاستحقاقات قادمة وجلب المتعاطفين ليس إلا، والكل يذكر موقف حركة السلم في ما يخص قوانين كثيرة مرت عبر البرلمان كانت قيادة الحزب تؤكد أنها ضد الشريعة الإسلامية. إلا أن الحركة ومن أجل مصالح شخصية، وافقت على تمريرها تحت ذريعة "الغاية تبرر الوسيلة"، وإن كانت الأفكار الإيديولوجية ثابتة نوعا ما لدى بعض الأحزاب اللائكية مثل حزب "حنون"، إلا أنها تختلف كما يقول العارفون بشؤون السياسة لدى حزب "أبو جرة" الذي يمكن التنازل عنها بسهولة حسب مقتضيات المصلحة وضرورة مسايرة الحزب لتيار معين بعيدا عن أفكار الحزب التي أنشئ لأجلها. وعليه، فإن القانون إن أريد له أن يمر، فسوف يمر. وإن أريد غير ذلك، فسيكون الأمر كذلك. أما إرادة حزب "لويزة" أو "أبو جرة"، فلا محل لها من الإعراب.