كشفت دراسة أكاديمية حديثة أن المؤسسات الفندقية بولاية عنابة، لا تتميز سوى بالتهاب أسعار الحجز والإقامة التي لا تتناسب إطلاقا مع نوعية الخدمات المقدمة، إضافة إلى ضعف منح الخصومات وتفتقر إلى استراتيجيات التسويق والدعاية والإشهار وكذا انعدام الفضاءات الخاصة بالتسلية والترفيه ولعب الأطفال، بما انعكس سلبا على السياحة الداخلية التي تشهد نزيفا رهيبا بسبب فرار آلاف السياح كل صائفة إلى مدن الجمهورية التونسية المجاورة طلبا للراحة والاستجمام وقضاء أيام العطل في أفضل الظروف. تعرضت الدراسة التي أعدها الأستاذ الجامعي بلكبير بومدين والباحث بلهوشات بلال حول "الصورة المدركة لدى السياح عن الخدمات المقدمة في الفنادق الجزائرية"، إلى التسويق الخدمي في الفنادق الجزائرية، من خلال تحليل أثر عناصر المزيج التسويقي الخدمي على رضا السياح الجزائريين والأجانب وحدد مجالها بتسليط الضوء على الصورة المدركة لدى السياح عن الخدمات المقدمة لهم في فنادق مدينة عنابة الساحلية. وقد تم استخدام مقياس مكون من 55 متغير لقياس درجة الرضا من خلال استمارة وزعت على السياح في مجموعة من فنادق ثلاث وأربع نجوم. وأشارت الورقة البحثية التي اطلعت عليها "الأمة العربية" إلى "أن السياح راضون عن العاملين في الفنادق، ويشعرون بدرجة كبيرة بالثقة والأمان عند التعامل معهم لكن يوجد تخلف وبطء في الاستجابة إلى طلباتهم وكذا عدم الرد بسرعة على استفساراتهم وحل مشكلاتهم". كما أظهرت الدراسة "رضا السياح عن الخدمات المقدمة في الفنادق عموما، خاصة فيما يتعلق بتوفر الخدمة في كل الأوقات ونظافة المرافق العامة للفندق، إلا أن مجموعة مهمة من السياح يشتكون من نقص تنوع الخدمات المقدمة، ومن جودة الطعام والشراب والدقة في المواعيد". ويعتقد أغلب السياح الذين تم استجوابهم في العينة "بأن أسعار الإقامة و أسعار المأكولات والمشروبات وأسعار المرافق الأخرى مرتفعة، كما هناك ضعف في تقديم ومنح الخصومات، وهو ما له علاقة كبيرة على عدم رضاهم". أما فيما يتعلق بالتوزيع، فقد أبانت الدراسة "أن درجة الرضا ضعيفة لدى السياح عن كل من توفر لوحات إرشادية لموقع الفنادق، وتوفر وسائل النقل، مع تأكيدهم ورضاهم في المقابل على أهمية مواقع الفنادق وسهولة الحجز". وأكد الباحثان حسبما توصلا إليه أن أصحاب الفنادق بولاية عنابة ينقصهم الوعي بأهمية مشاركة مؤسساتهم في المعارض التي لها علاقة بالإمكانات السياحية للجزائر، إضافة إلى جهل المسيرين بفعالية الدعاية والإشهار لفنادقهم مثل إعداد الأخبار والروبورتاجات السياحية، ورعاية البرامج والنشاطات الثقافية وتوزيع الهدايا بما من شأنه التعريف بالمؤسسة وكسب السياح من الداخل و الخارج. وفي ختام الدراسة، رسم الباحثان الجامعيان استراتيجية ناجعة لترقية الأداء الفندقي بمدينة عنابة خصوصا و الجزائر عموما، ترتكز أساسا على "ضرورة مراجعة الأسعار المطبقة في الفنادق على مختلف الخدمات المقدمة للسياح، ومقارنتها مع الفنادق المنافسة خاصة في الدول المجاورة، وعلى رأسها تونس وكذا ضرورة اهتمام الإدارة في الفنادق بأهمية تدريب وتكوين موظفيهم على تقديم الخدمات في الوقت وبالطريقة التي يراها الزبون مناسبة له، وتزيد من رضاه أثناء إقامته في الفندق". ومن جهة ثانية، أوصى معدا الدراسة ب "زيادة الاهتمام في الفنادق بانجاز لوحات إرشادية تعرف بموقع الفندق، وتساعد على الوصول إليه وكذا التأكيد على ضرورة تبني الفنادق استراتيجيات و برامج تسويقية فعالة، من خلال العمل على مراعاة السياحة الداخلية التي تشهد نزيفا متواصلا إلى دول الجوار، إضافة إلى تطوير البرامج والأساليب المستخدمة في الإشهار والدعاية وفق خصوصية كل سوق مستهدف دون إغفال تبني تطبيقات التكنولوجيا الحديثة في مجال الوسائل المستخدمة في الفنادق، لضمان رضا السياح من خلال سرعة الاستجابة لطلباتهم وحل المشكلات التي تواجههم". ونبه الباحثان إلى التأثر الشديد للاقتصاد الوطني بضعف الخدمات المقدمة للسياح الذين يتدفقون في شكل سيول جارفة على الجارة تونس التي تستثمر في المداخيل التي تجنيها من ذلك رغم أن الإمكانيات السياحية الهائلة التي تتوفر عليها الجزائر لا تقارن بما هو موجود عند التونسيين. وللإشارة، فقد اعتمدت هذه الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي وقد استخدم فيها دراسة الحالة المتمثلة في دراسة حالة مجموعة من الفنادق بمدينة عنابة، حيث تم توزيع 175 استبيان على السياح الجزائريين والأجانب خلال صيف 2009، بمعدل 20 استبان لكل 100 سرير. وقد اعتمدت الدراسة على مقياس أعده هاني الضمور وهدى عايش في العام 2005 وجاءت الأسئلة في الجزء الأول من الاستبيان متعلقة بالمعلومات العامة لعينة الدراسة، وتعلقت في الجزء الثاني بعناصر المزيج التسويقي الخدمي في الفنادق والمتمثلة أساسا في "الخدمة، السعر، التوزيع، الترويج، العاملون، البيئة المادية، عملية تقديم الخدمة".