جاء يسألني أنا الذي على باب العقد السابع، عن أمر يرى فيه غموضا أو نوعا من التناقض على حد قوله، السائل شاب في العشرين من العمر، ولكنه مستنير، يتابع الأحداث ويعمل مخه على عكس الكثيرين من أقرانه المنغمسين في متاهات الحياة ومغرياتها المادية، جاء يسألني أنا، لأنه يعرف مدى تعلقي بوطني ومدى اعتزازي بتاريخه الطويل العريض والثري بالبطولات والأمجاد، جاء يسألني عن حلقة غائبه في حلقات تفكيره، عله يجد عندي تفسيراً لغيابها، قال لي: التاريخ ملك لنا جميعاً، بمره وحلوه، من أمثلة حلوة، انتصارات أبطالنا على الاستعمار الغاشم التي توجت بالفرحة الكبرى، فرحة الاستقلال والحرية، ومن أمثلة مره، ما سقط غدرا من أرواح كانت تهفو إلى الحرية. وأريد، ونحن نعيش ذكرى 8 ماي 45، أن أذكر بشهداء هذا اليوم الذين سقطوا فداء للحرية والانعتاق.. يتفق الجميع على أن الاستعمار أجرم في حق الجزائريين وبشكل بشع لا مثيل له في التاريخ ، بحيث سعى منذ احتلاله أرض الجزائر إلى إبادة الشعب، وقتل الملايين، هذا كله حقيقة لاجدال فيها، وفي المدة الأخيرة، اقترحت مجموعة من النواب مشروع قانون يجرم الاستعمار.. ولقي ترحيبا من الشعب الذي كان ينتظر إصداره، غير أن المشروع.. يظهر أن معارضيه في المجلس النيابي أكثر من مؤيديه، فإخراجه من حلقة النقاش يدل على أن هناك من لا يؤمن بتاريخ هذا الوطن فلماذا..؟ أم لأن الأمر أكبر من أن يفهمه من هم في مثل سننا!! المفاجأة عقدت لساني.. لم أجد ما أحيب به.. وتركت له أن يفهم من وجومي أن الحلقة الغائبة قد تكون مغيبة عمداً.. لأمر لا نعلمه نحن البسطاء الذين مازلنا نؤمن صادقين بهذا الوطن وبتضحيات رجاله المخلصين!