تحل غدا الذكرى السابعة على زلزال بومرداس، الذي خلف أكثر من 3 آلاف ضحية و الآلاف من الجرحى، فضلا عن الخسائر المادية المعتبرة التي كلفت خزينة الدولة ملايين من الدولارات، تحل الذكرى اليوم متقاربة مع اليوم الذي ضريت فيه هزة أخرى منطقة بني يلمان بالمسيلة، لتظهر أسئلة تطرح أمام الهزات التي بات يتعرض له الشمال الجزائري الواقع في خط النار، ومناطق داخلية اخرى، بل ووصلت الهزات إلى غاية منطقة البيض ومس كذلك معسكر ومناطق اخرى، كلها تعرضت لهزات زلزالية مختلفة الشدة قبل عقود ماضي زلزال بومرداس وبداية البحث عن حلول لم يكن أحد يتوقع أن يضرب زلزال بقوة 7 فاصل واحد منطقة زموري التابعة لولاية بومرداس، شدة الزلزال التي حدثت في 21 ماي 2003 اربكت السلطات وخلطت كل الحسابات، لدرجة التضارب في قوة الشدة بعدما انقطت عن المنطقة كل وسائل الاتصال وباتت معزولة عن باقي المناطق، في الوقت الذي اختلف البعض عن مناطق الهزة وشدتها إلى أن تواترت الاخبار عن الكارثة التي حلت ببومرداس بعد ساعات من حدوث الزلزال، ودون الخوض في ما الذي حل بالمنطقة والاسباب الرئيسة التي أدت إلى سقوط عشرات الضحايا وانهيار الابنية كما تنهار الابنية الكرتونية، فإنه من الواجب اليوم، ونحن نعيش هذه الهزات أن نتعلم كيف نتعايش معها، والأمر المهم أن نستفيد من دروسها التي يجب علينا أن نأخذ منها العبر. الخبراء في علوم الأرض: الزلزال لا يقتل يتفق الخبراء والعلماء المختصين في الجيلوجيا وعلوم الأرض أن حدوث الزلازل في أي بقعة من الأرض يعد أمرا طبيعيا، وهو خروج بعض الطاقة من الارض، حيث تعمل هذه الطاقة على تحريك صفحات الارض وهئا مالا يؤدي الى حدوث الزلزال واهتزاز الارض، والعملية برمتها لا تسبب الموت رغم انها تسبب الهلع والخوف، لكن الذي يقتل الناس هي الأبنية التي لا تطابق مواصفاتها المواصفات المطلوبة لمواجهة الهزات الارضية، فمناطق مثل الشيلي واليبان ودول أخرى تعرضت الى هزات متفواتة الشدة بلغت احيانا درجاتها تسعة على سلم ريختر إلا أنها لم تؤدي إلى خسائر كبيرة وفي بعض الاحيان تكون تنعدم حتى الوفيات بسبب المقاييس الصارمة المستعملة في البناء، وسبب سقوط الضحايا في زلزال بومرداس راجع حسب الحبراء إلى مقاييس البناء التي لم تعتمد فيها المؤسسات التي انجزت تلك الوحدات السكنية إلى الشروط اللازمة والصارمة، هذا ما أدى إلى سقوط ضحايا بالعشرات وتدمير الكثير من البنايات على بكرة أبيها، والأمر نفسه حصل قبل أيام في منطقة بنيس يلمان رغم أن الهزة الأرضية لم تكن بالشدة التي يمكن أن تحدث كل ذلك الدمار، وللمواطن دور في ما حل به ايضا لأن الكثير منهم لم يحترموا مقاييس البناء المتعارف عليها ، فضلا عن الفوضى التي تميز العمران خاصة في المناطق الداخلية، مع غياب شبه كلي لمصالح الرقابة والتقنية التي على عاتقها مراقبة الابنية . هل استفدنا من درس زلزال بومرداس بعد زلزال بومرداس مباشرة في 21 ماي 2003 قررتع وزارة السكن تغير القانون التقني الخاص بالبناء والعمران، وهذا ما يراه الخبراء والمختصون أنه خطأ ارتكبته الوزارة حيث غيرت القانون بطريقة ادارية دون أن تخضع هذه القوانين للبحث العلمي كما هو معمول به في باقي دول العالم، فالقانون السابق كان يصنف الجزائر العاصمة وبومرداس كمناطق ضعيفة ومتوسطة الزلزال، وبالتالي تم البناء على مقاس هذا القانون، وهذا ما ترتب عنه انهيار عدة بنايات لم تتحمل شدة الهزة التي بلغت سبعة فاصل واحد على سلم ريختر، ومباشرة بعد الهزة رفعت الوزارة الوصية درجة الخطر لكل من مدينة العاصمة وبومرداس إلى اقصاه، لكن دون تجارب تذكر على نوع التربة ونوعية الارض، وهذا ما يعتبر خطأ آخر ارتكبته الوزارة، خاصة اذا ما علمنا ان تغير مادة من قانون العمران في دول معرضة للزلال مثل اليابان والشيلي يتطلب قرابة الخمس سنوات، حيث تقوم لجنة مكونة من مصالح مختلفة مكونة من الوزارات المعنية والخبراء، وكذا الاقتصاديين على دراسة تغيير البند والبحث عن سبيل تعويضه ببند جديد يكون محل اتفاق كل الاطراف في اللجنة وهذا ملا يتوفر لدينا حيث أن القانون غير مباشرة بعد الزلزال الذي ضرب بومرداس دون دراسة تقنية واقتصادية. وبالتالي يؤكد الكثير من الخبراء على أن الأمور لم تتغير كثيرا منذ زلزال بومرداس ن بسبب تغيب التقنيين والخبراء على صنع القوانين . البروفيسور "عبد الكريم شلغوم" خبير الكوارث الطبيعية يجب تحديد المسؤوليات، وبالتالي تحديد الجناة حين حدوث أي كارثة يرى خبير الكوارث الطبيعية ورئيس نادي المخاطر الكبرى عبد الكريم شلغوم أن الجزائر لم تستفد من درس زلزال بومرداس 2003، مستدلا في ذلك على فوضى العمران التي لم تتوقف، مستغربا في الوقت نفسه انجاز العديد من المشاريع في العاصمة رغم ان العاصمة لم تعد تتحمل وحدات سكنية اضافية أو مشاريع جديدة، ومن جهة أخرى كشف الخبير ان غياب تحديد المسؤوليات في البناء والعمران والمشاريع الكبرى كفيل بترك الأمور على حالها، مذكرا بكارثة بومرداس اين غابت المسؤولية عن الجميع وصار الكل يرمي بالمسؤولية على عاتق هيئة اخرى، وشدد شلغوم على ضرورة تحديد المسؤوليات ليتحمل كل مسؤوليته في حالة ما وقع زلزال، وتحديد المسؤولية حسب الخبير من شأنها أن تنظم الأمور، وكمن جهة أخرى دعا عبد الكريم شلغوم إلى استحداث منصب جديد خاص بتنظيم المدن كما هو الحال في العديد من بلدان العالم، معطيا مثال بفرنسا التي نصب خلق فيها ساركوزي هيئة لمتابعة شؤون العاصمة باريس والمدن الكبرى وظيفتها المراقبة الصارمة لكل ما يتعلق بالمدن الكبرى من حيث المواصلات و شبكة الطرقات، والتخطيط المستقبلي البعيد والقريب المدى لما تكون عليه باريس، موضحا أن هذه الهيئة يمكنها مراقبة كل الانجازات المتعلقة الجديدة والمخالفات التي يمكن أن تحدثن وبالتالي تحديد المسؤوليات وإيقاف الأخطاء في حال حدوثها . "عبد الحميد بن داوود" رئيس المجمع الوطني للخبراء والمهندسين: يجب تحييد الإدارة وفتح المجال للخبراء والتقنيين ويؤكد رئيس المجمع الوطني للخبراء والمهندسين الجزائريين عبد الحميد بن داوود أن رغم الدروس التي مرت على الجزائر من خلال الكوارث التي تعاقبت على الجزائر منذ زلزال شلف 1980 إلا أننا لم نستفد من هذه المآسي، معتبرا أن دور الخبراء والتقنيين همش بعدما صارت الأمور كلها بيد الإدارة، واضاف رئيس المجمع أن عدد المهندسين والتقنيين تضاعف بأعداد كبيرة في السنوات الأخيرة إلا أن دورهم يظل على الهامش في ظل هيمنة الإدارة وتدخلها في امور تقنية بحتة وهذا حسبه ما أدى إلى عدم الاستفادة من الدروس، واضاف قائلا أنه حان الوقت لتحمل المسؤوليات وتسليم الملفات التقنية للخبراء والتقنيين، مع تحميلهم كافة المسؤولية عند حدوث اي خطأ أمام العدالة الجزائرية التي وحدها ستفصل في كل القضايا حين تحدد المسؤوليات وتسلم الملفات الى التقنيين والخبراء من اجل تنظيم محكم، لمختلف القطاعات والمجمعات السكنية. ما يتفق عليه الجميع أن قوانين كثيرة اصدرتها السلطات مباشرة بعد الكارثة، ثمن أغلبهم هذه القوانين إلا أن الأمر حسبهم لا يتعلق بالقانون في حد ذاته بل المشكلة في تطبيق هذه القوانين، فمثلا يمنع القانون اي تغير في هياكل الوحدات السكنية، او اضافة اي زيادات في البناء، ورغم ذلك تجاوز الكثيرون القانون واضافوا بين الأحياء محلات تجارية، وبعضهم استغل حتى الارصفة وشيد عليها بنيات جديدة، في غياب تام للرقابة أو ما يشبه التواطؤ والمسؤولية هنا يتحملها المنتخبون المحليون الذين ما يزالون لحد الآن لا يقدرون حجم الأخطار المحدقة ببلدياتهم جراء الكوارث الطبيعية وخاصة الزلازل التي تهدد شمال الجزائر ومناطق في وسط البلاد ، خاصة وأنها تأتي فجأة دون سابق إنذار .