عبّر سفراء من دول أمريكا اللاتينية عن استعداد بلدانهم لتكثيف وتقوية التعاون مع الجزائر وتفعيل رهان الشراكة لتكون في مستوى العلاقات التاريخية القوية والمتميزة التي تربطهم مع الجزائر وأعلنوا عن دعمهم الكبير للقضيتين الفلسطينية والصحراوية، مشددين على ضرورة الحسم في النزاعات القائمة بحلول أممية تنصف الشعبين وتكرس حفظ حقوقهما، ولم يغفلوا عن انتقاد التجاوزات الإسرائيلية المفضوحة والصمت الأممي، خاصة بعد إدانتهم واستنكارهم للهجوم الوحشي الذي مس أسطول الحرية. استفاض سفراء معتمدون بالجزائر من أمريكا اللاتينية والمتمثلون في سفير كل من البرازيل وكوبا والشيلي، في الحديث عن الواقع الاقتصادي والتنموي في بلدانهم، مشرحين التحديات وآفاق التعاون مع دول إفريقيا عموما والجزائر على وجه الخصوص. ورغم اعترافهم بأن العلاقات التاريخية القوية والنموذجية والمتميزة التي تربط هذه البلدان بالجزائر، لا تعكس حجم التعاون الحقيقي الذي ينبغي أن يتجسد على أرض الواقع، حتى أن سفير كوبا أقر حقيقة العلاقة المتميزة التي تربط بلده بالجزائر، حيث يعلق عليها في مجلس الأمن بالمافيا الجزائرية الكوبية الصغيرة في إشارة إلى تواطؤ وتطابق المواقف والرؤى الثنائية. ودعا عبد الحميد سي عفيف رئيس لجنة الشؤون الخارجية والتعاون والجالية في الندوة حول الحوار والشراكة جنوب جنوب، إلى ضرورة تكريس إصلاحات اقتصادية عميقة في الاقتصاد الدولي للوقوف على الأسباب الحقيقية التي أسفرت عنها الأزمة الاقتصادية العالمية، معتبرا أن التعاون جنوب جنوب يسمح للبلدان النامية بحيازة إمكانيات معتبرة في مجال البحث الفردي والجماعي لإرساء تنمية اقتصادية مدعمة وتنمية مستدامة. وذهب سي عفيف إلى أبعد من ذلك في تثمينه وتعويله على التعاون والشراكة جنوب جنوب، خاصة على صعيد إمكانية التأثير بصورة إيجابية على السياسات العالمية المحلية والوطنية عن طريق إدماج التعاون جنوب جنوب. وتحدث سي عفيف عن نية الجزائر وسعيها في إقامة شراكات وصفها ب "الفعالة" مع بلدان الجنوب، وجعل هذه الشراكات منسجمة مع أهدافها الإستراتيجية وأولوياتها المسطرة، واقترح على البرلمانيين إعادة بعث الدينامكية اللازمة من خلال التعاون مع دول الجنوب ولعب دور محوري في هذه العملية. ويتوقّع سي عفيف أن تقفز الجزائر إلى مصاف الدول الناشئة بالنظر إلى الإمكانيات التي تزخر بها والثروات التي تنام عليها، ويرى أنه بإمكان الجزائر أن تتبوأ نفس المكانة السياسية والدور الذي لعبته في عدم الانحياز ومجموعة ال 77 اقتصاديا عبر النيباد وعدة هيئات اخرى. ووقف سفير كوبابالجزائر، إميليو كباليرو رودريقاز، مطولا عند مجالات التعاون الثنائية مع الجزائر، خاصة في المجال الصحي، حيث ذكر أن الكوبيين رغم الأزمة الأمنية التي عصفت بالجزائر، إلا أنهم فضّلوا البقاء إلى جنب أصدقائهم الجزائريين، وأشار إلى إنجاز سبعة مستشفيات كوبية بالجزائر، مؤكدا وجود مطلب جزائري يهدف إلى رفع المختصين الكوبيين في المجال الصحي إلى 188 مختص، وكشف لأول مرة عن تدعيم الجزائر بالخبرة الكوبية والمتمثلة في تعميم المعالجة بواسطة دواء مصنع لتفادي بتر الأعضاء المصابين بداء السكري بنسبة 92 بالمائة، ومشروع إنشاء في الجزائر مركز لتنمية البيوتكنولوجيا الحيوية يطابق النسخة الموجودة في كوبا، إلى جانب المشاركة في تطوير الموارد المائية. ولم يخف الدعم الكبير والمساندة التي حظي بها من طرف الجزائريين، خاصة في الحصار السابق الذي فرضته عليهم الولاياتالمتحدة. وقدر حجم المبادلات مع الجزائر ب 300 مليون دولار. وأعلن في الأخير، عن زيارة مرتقبة لرئيس المجلس الشعبي الوطني الكوبي إلى الجزائر خلال الأيام القليلة المقبلة. ومن جهته، سفير البرازيل بالجزائر، هنريك سردنياها بينتو، تحدث عن سلسلة مشاريع شراكة مع الجزائر في عدة قطاعات حيوية وحساسة، على غرار الصحة والفلاحة، وحتى في مجال الصناعات التقليدية، إلى جانب وجود مشروع لتكوين الجراحين الجزائريين، ومشروع إنجاز معهد لمعالجة المصابين بحروق، وأكد عن انعقاد الشهر المقبل اجتماع للجنة الشراكة الجزائرية البرازيلية. ولم يخف السفير ضعف حجم التعاون الثنائي، إلا أنه تطرق إلى وجود جهود كبيرة تمنى أن تقابل بجهود مماثلة للجزائر حتى يكثف التعاون بشكل أكبر وأوسع، لأن الطرفين في حاجة إلى علاقات مكثفة ومبادلات تجارية حتى تحفز للتعاون في نشاطات أخرى، وأكد علانية أنه ينبغي للبرازيل أن يندمج بقوة في البرنامج الخماسي الجزائري الذي تعكف الجزائر على تجسيده. ووصف السفير الشيلي المعتمد بالجزائر، بابلو روميرو مونزو، العلاقات الجزائرية الشيلية بالنموذجية والتاريخية والتضامنية، ووقف عند تطابق الروئ الجزائرية الشيلية في دعم القضيتين الفلسطينية والصحراوية، وندد بقوة بالاعتداء الوحشي والجبان على أسطول الحرية وعبّر عن أمله في تقوية وتفعيل التعاون والشراكة مع الجزائر.