عرفت العنصرية في فرنسا في عهد الرئيس ساركوزي ارتفاعا مذهلا جعلت الجزائريين بصفة خاصة والأجانب بصفة عامة يعيشون في خطر بعد الاعتداءات العنصرية التي طالت الكثير منهم، أفقدت البعض منهم حياتهم، ولعل الجريمة الأخيرة التي تعرض لها شاب جزائري أمام أسرته أكبر دليل على عنصرية فرنسا المقيتة التي تريد إلغاء الآخر رغم أن هذا الآخر هو الذي صنع أمجاد فرنسا في كل المستويات، آخر الأخبار الواردة من فرنسا تؤكد أن عددا معتبرا من الجزائريين المقيمين في فرنسا ينوون العودة إلى الوطن، كما أشارت بعض المصادر أن عددا من الجزائريين وعلى رأسهم بعض المختصين انتقلوا إلى بلدان أخرى منها بلدان خليجية وأروبية كبريطانيا وكندا وفئة منهم عادت إلى الجزائر بصفة نهائية، رغم أنهم يتواجدون على الأراضي الفرنسية بطريقة قانونية منذ سنوات، "الأمة العربية" استطلعت آراء بعض العائدين من فرنسا في المطار الدولي، وكذا ميناء الجزائر وعادت بشهاداتهم وحكاية العنصرية التي بدأت تهدد مستقبلهم رغم ما حققوه لفرنسا من إنجازات. السيد "خ . الهاشمي" مقيم بفرنسا منذ 30 سنة ..سأبحث عن بيت مناسب وأعود نهائيا إلى الجزائر السيد "خ. الهاشمي" 64 سنة متقاعد ومقيم بمدينة ليون الفرنسية، يؤكد أن العنصرية في فرنسا ليست وليدة الأعوام الأخيرة منذ تولي الرئيس نيكولا ساركوزي الحكم، وإنما هي صفة فرنسية معروفة منذ عقود، فالأجانب وخاصة الجزائرين غير مرحب بهم في فرنسا، وحسب السيد الهاشمي، فإن عقدة التاريخ ما تزال تلاحق الساسة الفرنسيين وهو ما انعكس سلبا على الشعب الفرنسي، لا سيما وأن قادته ينظرون إلى الوافدين وعلى رأسهم الجزائريين نظرة كلها كره وازدراء وحتى في خطاباتهم يحملون الأجانب كل ما تعانيه فرنسا، ويضيف السيد الهاشمي الذي عاد لأرض الوطن من أجل البحث عن بيت مناسب ليعود نهائيا أن ساركوزي ضاعف من هذه النظرة العنصرية في محاولة منه تغطية عجزه في تسيير جيد للبلاد، مضيفا أن الأزمة المالية التي تعاني منها فرنسا تحاول الحكومة التستر خلفها من خلال طرح نقاشات على الهوية، وتحريم ارتداء النقاب وغيرها من الأمور التي تريد بها الهاء الرأي العام الفرنسي عن مشاكله الحقيقية، وعن مستقبله في فرنسا، كشف السيد الهاشمي أنه ينوي خلال هذه الصائفة البحث عن بيت مناسب ليعيش فيه، وعن أسرته قال " أنه عرض الأمر على أولاده، إلا أن لكل منهم ظروفه في فرنسا خاصة وأنهم ولدوا هناك ولا يعرفون إلا الشيء القليل عن الجزائر، معترفا أنه أخطأ باختياره فرنسا دولة يعيش فيها، معربا في الوقت نفسه أنه سيعود مع زوجته إلى الجزائر وسيحاول البحث عن طريقة للاستثمار فيها وإشراك أبنائه . بعد 10 سنوات من الغربة "جمال. ك" ..وصلت إلى مرحلة الطلاق مع زوجتي بسبب رفضها العودة لم يكن يحمل معه سوى حقيبة يد خفيفة ونحن الذين تعودنا أن نرى المهاجرين الجزائريين في الغربة يحملون معهم كل ما خف وثقل حمله، لم يتأخر جمال كثيرا ليصارحنا بمأساته في فرنسا كأنه كان ينتظر فرصة لينفجر الوضع هناك في فرنسا، يقول مراد إنه حصل على وثائق الإقامة بعد أربع سنوات من قدومه إلى فرنسا ورغم ذلك لم تتحسن الأوضاع، ورغم الشهادة التي يحملها في اختصاص الهندسة المدنية إلا أنه راح يعمل مساعد بناء، وأحيانا يشتغل في طلاء المنازل وفي أحايين كثيرة لا يجد عملا وهذا خلال السنوات الأولى بعد استخراج وثائق الإقامة، ويضيف جمال أنه بعدما وصل ساركوزي سدة الحكم تغيرت الأمور وصارت أكثر تعقيدا، فزوجته التي أتت معه إلى فرنسا وصرف عليها الشيء الفلاني حصلت على شهادة ماجستير في اللغة الفرنسية، إلا أنه لما قرر العودة إلى الجزائر رفضت عرضه، وأصرت على البقاء في فرنسا، ويؤكد جمال أن وضعه في الجزائر أفضل بكثير من فرنسا، فهو يملك قطعة أرض لوالده كبيرة جدا وتتوفر على كل عناصر الفلاحة من مياه وغيرها، ووضع والده المادي ممتاز، يقول مراد " لماذا لا استثمر في أرضي بدلا من البهدلة في فرنسا، إضافة إلى هذا كله يوجد بيت أمام الأرض شاغر وفيه كل مستلزمات الحياة، ولعنة عليها غربة يقول جمال " وعن ظروف العمل هناك، يؤكد جمال سكفي أن تكون جزائريا حتى يعاديك الجميع في العمل هذا إن وجدت عملا مؤقتا، حتى وإن وجدته سيكون أجرك زهيدا جدا إضافة إلى هذا كله مصاريف الكراء، والكهرباء وباقي الأعباء، حتى أني صرت أخشى حتى فتح صندوق البريد خشية من الفواتير التي لا ترحم، وعن مستقبله يؤكد جمال أنه حسم الأمر نهائيا ولن يعود إلى فرنسا بعد هذا الصيف، وعن مستقبله مع زوجته، اعترف جمال أنه وصل مع زوجته إلى طريق مسدود وبالتالي لا يوجد حل سوى الطلاق. "توفيق" طبيب عيون ..قررت الخروج من فرنسا وسأنتقل إلى الخليج توفيق طبيب مختص في طب العيون، له خبرة عمل تفوق 7 سنوات في فرنسا، يؤكد بدوره أن المعيشة في فرنسا لم تعد صعبة فقط بل صارت مستحيلة، فالأزمة الاقتصادية حسب ما يؤكده توفيق جعلت الفرنسيين ينظرون للجزائريين وكأنهم أخذوا منهم مناصب عملهم، وهذه النظرة حسبه تبناها الفرنسيون من خلال خطاب الساسة الفرنسيون الذين يريدون التستر وراء عجزهم في تسيير الأزمة الافتصادية بإثارة نعرات العنصرية وتوجيه الرأي العام الفرنسي لمعاداة الأجانب، ويعتبر توفيق أن قانون تمجيد الاستعمار، و تغريم المنقبات، وتضييق العيش على الجزائريين كله يدخل في إلهاء الشعب الفرنسي عن مشاكله الحقيقية، موضحا أنه شخصيا يتعرض للعنصرية من الزملاء في العمل، والذين يتصيدون له ولو خطأ بسيط من أجل التأثير على نفسيته، وحتى رؤسائه في العمل يعالمونه على أنه طبيب من الدرجة الثانية رغم كفاءته، ويؤكد توفيق أنه في اتصال مع أحد المستشفيات الخليجية، وإن اتفق معهم فسيغادر فرنسا إلى الأبد نحو بلد عربي يقدر كفاءته وعمله، وعن وثائق الإقامة في فرنسا علق توفيق ساخرا سأتركها لهم كتذكار . "سعيدة" ربة بيت ومقيمة في فرنسا ..الوضع في فرنسا لا يطاق، وبدأنا نفكر للدخول إلى الوطن سعيدة صاحبة 54 سنة ربة بيت وزوجة عامل جزائري في فرنسا وأم لأربعة أطفال، تؤكد أن مسالة العودة إلى الجزائر مسألة وقت فقط، وهي تنتظر تقاعد زوجها لتعود إلى البلاد بصفة نهائية، مرددة 25 سنة من المهانة في فرنسا "بركات"، وتؤكد سعيدة أنها انتقلت في عدة بلدان أوربية إلا أنها لم تر عنصرية كالتي رأتها في فرنسا، فالجزائريون مهما نجحوا وحققوا لفرنسا الأفراح يظلون مواطنين من الدرجة الثانية رغم جنسيتهم الفرنسية، ففرنسا تضيف سعيدة ما تزال تنظر الينا نظرة استعمارية، والأمر لا يتوقف على اليمين المتطرف بل على أغلب الفرنسيين الذين ينظرون إلى الجزائري نظرة استعلائية، وذكرت السيدة سعيدة بالشاب الجزائري الذي قتله الفرنسيون أمام أمه بلا رحمة، مؤكدة أن حوادث القتل التي يتعرض لها الجزائريون ليست حوادث عادية وإنما مقصودة فليست المرة الأولى التي يتعرض فيه الجزائريون للفتل على يد الفرنسيين، تضيف السيدة سعيدة، وتحمل السيدة الجزائرية الرئيس ساركوزي مسؤولية انتشار العنصرية وتضاعفها بسبب نظرته الفوقية لكل الأجانب وعلى رأسهم الجزائريين، مؤكدة في الوقت نفسه أن ساركوزي عجز من أن يصنع من نفسه رئيسا محبوبا فأراد أن يصنع شعبيته بمعادات الأجناس الأخرى وعلى رأسهم الجزائريين، معتبرة أنه فشل في تسيير كل الملفات سواء الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية، لتضيف " أنها لحد الآن لا تفهم كيف تمكن ساركوزي من حكم بلد كفرنسا " وقبل أن نختم حديثنا مع السيدة أكدت لنا أنها متفقة مع زوجها والأولاد أنه بعد التقاعد سيعودون نهائيا إلى الجزائر وقد حضروا للأمر كل شيء، فجهزوا لذلك بيتا كبيرا في الشراقة كما أنها هي وزوجها يحضرون لمشروع استثماري بالبلاد، أما الأولاد فستخصص لهم محلات في بلادهم، وختمتها بتهكم " يلعن بوها غربة ". رئيس جمعية "أس أو س راسيزم " "دومنيك سوبو " ..ستدفع فرنسا ثمنا غاليا لسياستها العنصرية من حسن حظنا ونحن نستقي بعض المعلومات من مهاجرينا القادمين من فرنسا، أن عرض علينا أحدهم الاتصال برئيس جمعية فرنسية تعمل على محاربة العنصرية، حيث اتصل به بهاتفه الخاص وأدلى الينا السيد دومنيك سوبو . بتصريح أهم ما جاء فيه أن فرنسا الرسمية تروج لسياسة التفرقة بين مواطنيها، فالعرب يضيف رئيس الجمعية والأفارقة الذين يحملون الجنسية الفرنسية هم مواطنون فرنسيون كاملو الحقوق مثلهم مثل أي فرنسي، ويؤكد السيد دومنيك سوبو أن العنصرية في فرنسا عرفت ارتفاعا مذهلا خلال السنوات الأخيرة وبالتحديد منذ تولي الرئيس نيكولا ساركوزي دفة الحكم في فرنسا، ليضيف أنهم كجمعية تحارب العنصرية تعمل كل ما في وسعها للحد من الظاهرة، خاصة وأن فرنسا صارت تعرف بين الدول الأروبية بأنها الأشد عنصرية، ليضيف أنه من غير المعقول ان تتخلى فرنسا عن مهاجرين قدموا لها الكثير من النجاح، معترفا أن قوة فرنسا في تنوع الأعراق والديانات والأجناس فيها، وهو أهم ما ميز فرنسا خلال القرن الماضي والأخير، وبفضل هذا التميز استطاعت أن تفتك فرنسا الريادة، معتبرا أن ما يقوم به ساركوزي عن طريق بعض الجمعيات أو عن طريق بعض القرارات العنصرية مثل منع النقاب، ومنع بناء المآذن، ومحاولة تحويل الأنظار عن الأزمة الاقتصادية التي لم يستطع مسايرتها ستكون نتائجها وخيمة على فرنسا، قائلا أن أبسط مثال على ذلك ما حدث للفريق رالفرنسي في تصفيات كاس العالم، مؤكدا أن ما حدث للفريق الفرنسي لم يكن بسبب سوء التسيير وإنما بسبب عنصرية بعض المسيرين الذين تلقوا الضوء الأخضر من سلطات عليا بتصفية الفريق وغربلته من بعض الأعراق، والنتيجة يعلمها الجميع، موضحا أن النتيجة ستكون نفسها على البلاد أن بقيت فرنسا وعلى رأسها ساركوزي تسير بنفس العقلية، مطالبا في الأخير ساركوزي بأن يكون رئيسا لكل الفرنسيين دون استثناء، وأضاف رئيس جمعية محاربة العنصرية في فرنسا أن كان بعض الجزائريين الذين يحملون جنسية فرنسية لهم بلاد يعودون اليها ويجدون فيها ما يطمحون اليه فإن غالبية الفرنسيين لا بلاد لهم سوى فرنسا وعلى ساركوزي أن يأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار وأن لا يلعب بالنار خاصة في الأحياء الفقيرة .