يعد صيف مدينة شرشال بغربي ولاية تيبازة هذا العام جد استثنائي حيث تشهد في الظرف الحالي سيما مع دنوواقتراب نهاية موسم الاصطياف وحلول شهر رمضان المبارك الذي لم تعد تفصلنا عنه إلا أياما معدودات،حركة دينامكية سريعة غير اعتيادية وتوافدا سياحيا غير مسبوق لم يشهد له مثيل من قبل. بلغ الإقبال الجماهيري على شواطئ شرشال أقصى درجات الذروة هاته السنة جراء الكم الهائل لأعداد المصطافين الذين يتدفقون بالملايين على شواطئها الخلابة والسرمدية المتميزة بهدوئها ونقاوتها غير أنه بالمقابل فان انتعاش وازدهار القطاع السياحي للمدينة الذي ساهم في الرفع من مداخيل ميزانية المدينة،انعكس سلبا على الاجواء العامة التي اضحت تسد وتخنق الانفاس وترهق وتوتر اعصاب السائقين مما خلق فوضى عارمة وزحمة مرورية رهيبة على مستوى جميع الساحات العمومية، الشوارع والطرقات الفرعية والرئيسية على حد سواء أنجرت عنه متاعب ومشاق كبيرة لم يعد بامكان الشرشاليين تحملها أكثربعدما ضاقت بهم المدينة ذرعا ولم يجدوا من منافذ يسلكونها هروبا من جحيم الخناق المفروض عليهم منذ بداية موسم الاصطياف الحالي، أما يومي تنظيم السوق الأسبوعي للمدينة فإن الأوضاع تنقلب رأسا على عقب وتصبح طرقات و شوارع المدينة" قطعة من جهنم " إن صح التعبير بسبب كثرة المتبضعين الذين يأتون من كل حدب وصوب للتبضع وقضاء حاجياتهم الضرورية، الأمر الذي يتسبب في غلق منفذ الطريق الرئيسي بدءا من موقف القطار مرورا بساحة باب الغرب وصولا إلى موقف الثانوية غربا. وأمام حصون الحشود البشرية المتدفقة يقف السائقون ومستعملو السير المتوجهون خصوصا نحو الجهة الغربية، مذهولين أمام هول خناق الحركة المرورية بعدما لم يجدوما يخلصهم من متاهة الزحمة الرهيبة سوى الاتنظار والانتظار طيلة ساعات طويلة تتعدى أحيانا الساعتين من الزمن، مصطفين بعرباتهم على طول الطريق الرئيسي الذي تزينه ديكورات الطوابير الممتدة إلى ما لانهاية . أما الساحة العمومية أو كما يسميها الشرشاليون بساحة" الفوارة" فتشهد طيلة الموسم الصيفي باعتبارها رئة المدينة ومتنفسها الوحيد، توافد مئات العائلات والزوار الذين يقصدونها خصوصا خلال الفترة المسائية والليلية للترويح عن انفسهم والاستجمام واخذ قسط من الراحة تحت ظلال الأشجار العملاقة المورقة علهم في ذلك أن يظفروا بنسمات هواء بحري رطب وعليل يستنشقونه أوي تمتعوا بروعة المناظر الخلابة لمياه البحر الزبرجدية أسفل من خلال الواجهة البحرية التي تعد نافذة مفتوحة على شاطىء البحرغير أن المرفق السياحي هذا رغم كل محاسنة يظل يفتقر لبعض الأساسيات كانعدام أماكن الجلوس للعائلات التي تظطر إلى افتراش الأرض واحتلال هواة الكرة الحديدية لمساحة شاسعة من الساحة ما حرم بالتالي الزوار من التجول كما يحلولهم وبكل حرية علاوة على غياب بعض المرافق الضرورية الأخرى كالمراحيض على سبيل الميثال ما عادا بائع الشاي الذي لا يبرح مكانه منذ بداية الصيف، حيث يتوافد عليه الكثير من الزوار لتذوق الشاي الصحراوي الممزوج بنكهة النعناع، أما من لا تروق له مثل هاته الأماكن فما عليه إلا البحث عن أماكن أكثر هدوءا بعيدا عن صخب ضوضاء المدينة ومتناقضاتها والوجهة الوحيدة تكون دوما" الميناء" الذي يعد من أرقى المرافق الصيدية والسياحية على المستوى الولائي خصوصا بعدما تمت تهيئته منذ ما يربو عن السنتيين وفقا لمقاييس عالمية مرموقة وهنا فقط يتمتع الزائر بزرقة المياه السرمدية لينسى هموم ومشاغل الحياة اليومية الروتينية المضجرة التي لا تنتهي، فلا صخب ولا ضجيج عدا أصوات ارتطام الأمواج برصيف المرفأ وتلألؤ ضوء المنارة الساطع ليلا كأنه فانوس براق وغالبا ما يفضل السواح وقاصدو ميناء شرشال زيارة الولي الصالح "سيد علي الفركي" الذي يتواجد ضريحه بوسط مياه البحر وحسب ما يتداوله الشرشالين فإن الضريح هذا كان يتواجد على اليابسة غير أن طوفانا هائلا اجتاح المنطقة منذ مئات القرون الماضية ليغمره عن آخره أو التفرج على الصيادين الهواة الذين عشقوا البحر حتى النخاع والتمعن في طريقة رمي صنارتهم بداخل مياه البحر وكلهم شغف ووتطلع في أن يظفروا ببضعة أسماك تكون طبق عشاء عائلاتهم. أما الذين يتلذذون أطباق السمك المشوي فيقصدون مطاعم السمك الموجودة بمحاذاة محيط السوق البلدي أين تتواجد العديد من المطاعم المتخصصة في إعداد وجبات السمك من سردين وجمبري وميرلون وغيرها من أرزاق لحوم طرية يجود بها البحر على أبناء المدينة الذين يعد مصدر رزق السواد الأعظم من سكان شرشال وما يجب التنويه إليه أن زوار المدينة لا يفوتوا الفرصة أيضا قبل ان يختموبرنامج زيارتهم وجولتهم السياحية بالتوجه إلى أعلى الرصيف الصخري للواجهة البحرية لزيارة ضريح الولي الصالح "سيدي ابراهيم الغبريني" وتذووق مياه المبع الطبيعي الذي ينبع من اعماق الارض منذ الاف السنين اوالاستحمام بها كونها تشفي تبرى من الأسقام والعلل كما يقول أهل مدينة شرشال الذين أكيد أنهم أدرى بخبايا وأسرار مدينتهم التي لا تعرف لياليها الصيفية الهدوء والنوم، فغالبا ما تستمر السهرات وليالي السمر إلى غاية أولى ساعات الصباح الباكر.