الكاميرا المخفية عندنا غير الكاميرات الخفية عبر العالم كله، فالأخيرة تضحك الناس، وعندنا تضحك الكاميرا ومن خلفها على الناس، فالكاميرا الخفية عندنا تصيب بعض الذين يقعون في شراكها برعب حقيقي. ففي عددها ليوم الجمعة، بكى أحد ضحاياها من الشباب المساكين بعدما قرأ رسالة لأحدهم ثم أحاطت به الشرطة، لأن الرسالة فيها كلمات تتحدث عن جريمة قتل. وأذكر في العام الماضي أوقعت الكاميرا "المتوحشة" شبابا آخرين حين اقتحمت "الشرطة" المزيفة "تاكسي فون" لتعثر على كيس فيه مخدرات، وتصوروا موقف صاحب الكشك والزبون الذين وجدوا في مخدعه الهاتفي المخدرات المزيفة. والمضحك المبكي في الكاميرا المخفية "المتوحشة" لدينا، أن المشرفين عليها لما سألوهم عن رد فعلهم في حالة ما أصيب أحد بنوبة صحية جراء الصدمة، طمأنوا الناس أن برفقتهم طبيبا، وكأن هذا الطبيب إذا توقف قلب أحدهم سيعيده إلى الحياة! ولأن الحياء غاب عن بعض الذين دخلوا سوق الإنتاج التلفزيوني، فقد صاروا يضحكون على الجمهور بدلا من أن يضحكوه، وكأن الناس تنقصهم المآسي حتى تزيدهم الكاميرا المخفية "خلايع"، ومع الأسف ضحايا هذه الكاميرا المخفية ليسوا سوى زوالية، ليضحك عليهم الأغنياء ويروّحوا عن أنفسهم بعد الإفطار، فقد صرنا نصلح لكل شيء سوى للكرامة، ونتمنى لو فقط تقبض هذه الكاميرا الجبانة على وزير وتضعه في وضع حرج وتلفق له مثلا تهمة مخدرات تضعها في سيارته أو في جيبه، لنرى كيف يضحك المخرج بعدها وشلته، أم تراهم الزوالية وحدهم من صاروا مثل القرود. فإضافة إلى مآسيهم، تضاف إليهم مأساة أخرى وهي إرعابهم ليضحك عليهم المترفون.