رغم تراجع أسعار السكر والبن والحبوب الجافة في البورصات الدولية بعد المستويات القياسية التي بلغتها مطلع السنة الجارية بسبب موجات الجفاف والصراعات الجيوسياسية التي طبعت مناطق الإنتاج عبر العالم، وكذا تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية إلا أن الأسعار المعتمدة في أسواق التجزئة محليا ماتزال تحافظ على نفس مستويات بداية السنة مع تسجيل انخفاض طفيف يقدر ب 2 بالمائة فقط منذ جوان الماضي، لكن يبدوأن الأسعار لا يمكن في جميع الحالات أن تعود إلى المستويات المسجلة قبل مارس 2009. وحسب الجولة الميدانية التي قادتنا إلى مختلف أسواق التجزئة للمواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع في العاصمة فان أسعار السكر ماتزال في حدود 85 دج للكيلوغرام الواحد أي بانخفاض قدره 10 دنانير فقط عن السعر الذي سجلته منذ بداية الثلاثي الثاني من الاعام الماضي 2009 وتبقى أسعار السكر في هذا المستوى رغم انخفاض خاماته في البورصات العالمية ( لندن وباريس ونيويورك ). ويبرر المتتبعين لملفات استيراد وتسويق هذه المادة هذه المفارقة إلى كون تكلفة التكرير التي تتم في البلاد هي التي ترفع من السعر النهائي للمنتوج على اعتبار انن أسواق قصب السكر عبر مناطق الإنتاج عبر العالم عرفت تراجعا محسوسا خلال الأشهر القليلة الماضية لكن المؤشرات العامة للاقتصاد العالمي تشير إلى ان الأسعار ستعاود موجة الصعود على المدى المتوسط والبعيد بعد رصد توقعات بأن تتحول الهند والبرازيل وحتى الأرجنتين التي تمثل جميعها قرابة 60 بالمائة من الصادرات العالمية، إلى إنتاج الوقود الحيوي من قصب السكر بالنظر إلى جدواه وربحيته الاقتصادية، مما سيؤدى بالتالي إلى ارتفاع أسعار السكر في البورصات العالمية. وبخصوص مادة البن فإن أسعارها انخفضت بدورها في البورصات العالمية بمقدار 30 بالمائة عن المستوى الذي بلغته مطلع السنة الجاري بسبب دعم وسائل الإنتاج ورفع القدرات الإنتاجية العالمية في البرازيل الرائد العالمي لإنتاج البن وبعض الاقتصاديات الإفريقية الناشئة لكن في الجزائر يبدوأن السعر البن ما يزال مرتفعا ( 550 دج للكيلوغرام) مقارنة بالقدرة الشرائية للمواطن سيما وان هذه المادة مصنغة ضمن الخانة الأولى للمواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع إلى جانب الدقيق والحليب. وإلى جانب السكر والبن نجد البقول والحبوب الجافة التي استقرت في المنحى الذي يتراوح ما بين 110 دج و150 دج للكيلوغرام الواحد ما عدا الأرز الذي بقي في سقف 60 دج لكيلوغرام الواحد منذ حوالي 3 سنوات. وكانت أسعار البقول قد ارتفعت إلى مستويات خيالية خلال الخريف والشتاء الماضي بنسب تتراوح ما بين 40 إلى 50 بالمائة الأمر الذي قلص من نسبة الطلب إلى حدود النصف قبل أن تنخفض بشكل محسوس بداية من مارس الماضي لكن على العموم لم تصل بعد النطاق السعري الذي كان معتمدا خلال بداية 2009. ويتساءل المواطن المستهلك عن سبب استقرار الأسعار في النطاقات المرتفعة رغم انخفاض أسعار ذات المواد في البورصات العالمية رغم المبررات التي تسوقها وزارة التجارة في كل مناسبة ردا عن السؤال الأساسي الذي يتناول هذه المفارقة وهي أن أسعار هذه المواد محررة وخرجت عن نطاق الدعم لكن الوزارة تتغافل عن دورها الرقابي الأمر الذي خلق فوضى كبيرة باقتحام العديد من " أشباه المستوردين " القطاع ويقرون الأسعار التي تحلو لهم.