من المرتقب أن يعكف لقاء الثلاثية "الحكومة المركزية النقابية الباترونا" الذي سيعقد يوم 28 من الشهر الجاري، على بحث تلبية العديد من مطالب المتعاملين الاقتصاديين، خصوصا المنتجين محليا، حيث من المرجح أن تعلن الحكومة على "حزمة من القرارات" التي تهدف إلى التخفيف من الأعباء الإدارية لفائدة المصنعين، وعلى رأسها مراجعة قرار القرض التوثيقي الذي ظل منذ إقراره قبل حوالي سنتين محل مطالب لإلغائه من طرف المتعاملين الاقتصاديين، ومن المرجح أن تقدم الحكومة عقب هذا اللقاء على رفعه لفائدة المصنعين في عمليات تمويل استيراد المواد الأولية الضرورية من الخارج، لكن ليس عاجلا. وقالت مصادر عليمة مطلعة على ملفات الصناعة المحلية والتجارة الخارجية، إن إلغاء العمل بالقرض المستندي لدفع الواردات من المواد الأولية من شأنه رفع وتيرة الإنتاج الوطني الذي ظل مكبلا طيلة أكثر من 20 شهرا، وذلك بسبب الإجراءات الإدارية الطويلة والمعقدة والتي يقتضيها مسار هذا القرار، سواء على مستوى الجمارك الجزائرية أو مصالح الضرائب أو مصالح تحصيل مختلف الرسوم والأداءات الجزافية. وقالت ذات المصادر إن إلغاء العمل بالقرض المستندي لتمويل الواردات من المواد الأولية، لن يرفع في الوقت الحالي، بل من المرجح أن يكون في مطلع العام المقبل 2012، وبهذا الإلغاء تكون الحكومة قد لبت مطلبا أساسيا كانت تطبيقاته الميدانية محل انتقادات واسعة من طرف "الباترونا" وحتى "المركزية النقابية"، لكن بلهجة اقل حدة بالنظر إلى تداعياته السلبية على المشهد الصناعي بشكل عام في البلاد. وكان رضا حمياني، رئيس منتدى رؤساء المؤسسات، قد أشار في فيفري 2010 أي بعد شهر فقط من بداية العمل بآلية القرض المستندي، إلى أن هذا الإجراء ستكون له نتائج عكسية على المدى القريب، وسيجانب تطبيقه ما كانت تصبو إليه الحكومة مثل التقليص من حدة ظاهرة التقليد والقرصنة وتقويض الأسواق الموازية والتهرب الضريبي والجبائي، على اعتبار أن القرار تسبب في توقف العديد من المتعاملين عن النشاط، خصوصا الذين يرتبط مجال نشاطهم بالمواد الأولية المستوردة. وأعاب حمياني أيضا، عدم التفريق بين المستورد للمنتجات الكاملة الصنع والمستورد للمواد الأولية ومعاملتهم على حد سواء. من جهته، انتقد الخبير الاقتصادي مبارك مالك سراي في وقت سابق إصرار الحكومة على أخطائها وعدم استشارة الخبراء وإشراكهم في إعداد النصوص والتشريعات التي تقرها من جانب واحد، مؤكدا أن القرض المستندي ساهم في ارتفاع حدة الرشوة وتفشي المحسوبية، لأن سبيل الحصول على الضوء الأخضر، وبالتالي الوثيقة النهائية لتمويل الواردات، معقد وطويل وتتداخل فيه مصالح عديدة، الأمر الذي يفتح بابا للتجاوزات والخروقات على مصراعيه.