نمت هواية الفنان التشكيلي الإيراني 'محمود زنده رودي' منذ نعومة أظفاره، إذ كان مبهورا بما تخطه ريشة والدته وأخيه، فراح يقلدهما ويسير على دربهما في تناغم وانسجام، ليكتشف بعدها العمل البارز الذي أبعده كلية من نفوذ التيارات الفنية الإيرانية. هومن مواليد بلدية قرج بإيران سنة 1943، من عائلة متواضعة ومثقفة، كان معرضه الأول الخاص بأعماله سنة 1966 في 'طهران قلري'، امتهن الصحافة وبقي يرسم ويتعقب لوحاته التي يراها في الحلم، استقر منذ سنة 1978 في جنوبفرنسا وبين الحنين للوطن وغربة المنفى يخصص حياته للرسم والاختراع الفني، شارك في العديد من المعارض الدولية ونال أعلى شهادات التقدير في فن الخط المعاصر منها المهرجان الدولي للخط العربي بالجزائر العاصمة. يتناول الفنان التشكيلي الإيراني 'محمود زنده رودي' في هذه الدردشة القصيرة التي جمعته ب'الأمة العربية' رحلته مع الفن التشكيلي أوكما أسماه مدرسة زنده للخط الحر. "الأمة العربية": بداية هلا حدثتنا عن عالم محمود زنده رودي؟ الفنان التشكيلي الإيراني' زنده رودي': ولد ت في بلدية قرج إيران سنة1943 ، وكان أول معرض خاص بأعمالي في عام 6691 برواق طهران، لأحط الرحال بعدها في جنوبفرنسا سنة 8791 وأستقر هناك، قمت تقريبا بعدة معارض في جميع أنحاء العالم، ويمكنني أن أقول لك أن اكتشافي للعمل البارز'رولياف' واستعمالي لعدة تقنيات من اللصق، النحت،عجينة الورق، الخط وغيرها، جعلني أبتعد من نفوذ التيارات الفنية الإيرانية. حاليا لدي معارض دائمة في كل من هاته الأروقة، 'القصر الشرقي مونترو' و'كامليون' و'الفن السعيد' بفرنسا و'نادر نادر' بمدينة نيويوركالأمريكية، إضافة إلى ورشة 'زنده' بفرنسا. الأكيد أن اسمك "زنده رودي" له معنى في اللغة الفارسية؟ هذا صحيح، كلمة "زنده" في اللغة الفارسية يعني حي أما "رود" فيقصد بها النهر، والإسم مأخوذ من النهر العظيم الذي يمر عبر مدينة أصفهان. ما هي قراءتك لواقع الفن التشكيلي في ''إيران"؟ يعود تاريخ الثقافة الفارسية إلى أكثر من 7000 سنة، إذ مازالت منتعشة في جميع فروع الفن، وخاصة في مجالي المنمنمات والخط، فالفنان الإيراني تجديه دائما يبحث عن هويته الأصلية، ولعل مدرسة الفنون التشكيلية المعروفة باسم "خانه الصاغة" تستجيب بشكل كبير لهذا المسعى المتمثل في الحفاظ على الأصالة الفنية هذا من جهة، من جهة أخرى يحتل الخط العربي مكانة مرموقة في المنظومة الفنية الإيرانية لارتباطه بجميع الفنون بما فيها المعاصرة. ما موقع عائلتك في نموموهبتك الفنية؟ والدتي غرست حب الفن فينا أنا وإخوتي، وكانت موهوبة في 'الباتشورك' وهوعبارة عن خليط فني تجدينه في معظم أعمالي، ومجملا كل عائلتي تدعمني في عملي وخاصة زوجتي وأولادي. بمن تأثرت؟ تأثرت بأخي تشارلز حسين زندرودي. كنت صحافيا بارزا في أواخر الستينات من القرن الماضي، ما سر التزاوج بين الحِسّين الصحفي والفني؟ نعم، لقد كنت أعمل صحفيا ومراسلا لقناة شاه بإيران، ثم منتجا ومقدما لنشرة الأخبار، وكما تعلمين الجريدة هي الورق، الكتابة والإخراج، ومراحل إنجازي للوحة تشبه إلى حد كبير العمل الصحفي، ومن ثم فكلاهما متجانسان، وأحيطك علما أنني لما قررت السفر إلى فرنسا تخليت عن كل فكرة سياسية، حاليا أضع كل ما عندي من قوة لإعادة بناء حياة جديدة وهذا بمساعدة زوجتي، دون التخلي عن مبادئي وثقافتي وقوتي في الكتابة وقد ساعد ني المنفى في إبراز قدراتي الإبداعية الفنية. هل يمكن أن نقول أن لحظات إبداعك مليئة بالحنين لموطنك الأصلي؟ تعرفين أنا لم أطأ موطني منذ أزيد من 32 عاما، فجسدي في فرنسا وروحي في إيران، أحلم وأفكر في إيران، هي في دمي ولا أحد يستطيع أن يغير ارتباطي بها، وكما قلت لحظات الإبداع مليئة بالشوق، فالحنين هوالمحرك للسعادة والبوابة التي أتاحت لي الفرصة للإبداع والتعبير عن ما يختلج قلبي. اعتبر بعض الفنانين التشكيلين أعمالك بأنها بعيدة كل البعد عن المدارس الفنية الإيرانية، ما قولك؟ هم على حق، فأنا لا أستطيع تصنيف أعمالي وأعتقد أنني مخترع مدرسة الخط الحر. ما هي التقنيات الأساسية التي تستند عليها؟ العمل البارز هو خصوصيتي، بحيث أستخدم جميع أنواع المواد الغير المألوفة بالنسبة للفنانين التشكيلين، على سبيل المثال مواد البناء، مع الحفاظ على ثراء الثقافتين الفارسية القديمة والإسلامية، واستخدام التقنيات الغربية، الأمر الذي جعلني أمثل نمط فني جديد لم يتبناه سواي. من خلال المهرجانات الدولية التي شاركت فيها، كيف ترى علاقة الجمهور الأوروبي بالفن الإسلامي؟ للتفصيل، لقد كانت لي مشاركات دولية منها المعرض الدولي لطهران سنة 1970، 'فرانش ماي' في هونغ كونغ في عام 2001، 'أوروأر' في برشلونة باسبانيا سنة 2001، ' سمار' بفرنسا سنة 2005، إضافة إلى معرض مونتروبسويسرا منذ 2009، وكذا المهرجان الدولي للخط العربي بالجزائر العاصمة الذي أشارك فيه للمرة الثالثة على التوالي منذ 2009 وأنال مرتين على جائزة الخط العربي المعاصر. بالنسبة للأوروبيين، فهم جد متقبلين للفن الإسلامي الذي يأتيهم من الشرق، على الرغم من أنهم قد لا يفهمون المعنى العميق والأصلي للرسالة التي تتضمنها اللوحة، ومع ذلك فهم يقدرون كثيرا فننا وفضوليون لمعرفة المزيد عن هذه الحضارة. على ذكرك للتظاهرة الدولية للخط العربي بالجزائر العاصمة، ما تقييمك لها؟ لقد أعجبت بالتنظيم الجيد للمهرجان الذي يجمع الفنانين من مختلف الدول ويعمل على تعزيز التبادل بين الخطاطين في فني الخط العربي الكلاسيكي والمعاصر، فالتواصل سواء بين الفنانين أو مع الجمهور والمنظمين، ثري جدا، ففن الخط أرقى الفنون الإسلامية يتيح للبلدان المسلمة إيجاد طريق فني يقرب بين الثقافات. في رأيك، ماهي السمة الأبرز للفنان؟ يعرف كيف يحقق الحلم. ماذا عن اهتماماتك المستقبلية؟ لدي العديد من المعارض والمهرجانات الدولية، لذلك أنا أحضر لإبداعات جديدة، وأود قبل أن أموت أن أجسد كل اللوحات التي رأيتها في المنام.