يبدو أن أصوات حزب جبهة التحرير الوطني ستكون مشتتة بين قوائم عديدة وكذا حزب التجمع الوطني الديمقراطي خلال الانتخابات التشريعية المقبلة التي ستكون في غضون منتصف السنة الجديدة وكذا المحليات، حسب ما أشارت إليه مصادر من داخل حزب جبهة التحرير الوطني، كون قائمة الحزب العتيد بصفة خاصة والتي تنتمي إلى جناح بلخادم مضبوطة على المقاس من خلال احتلال الوجوه القديمة المراتب الأولى في القائمة، وقد بدأت المنافسة بين الأحزاب المعروفة للفوز بأكبر عدد من المقاعد، جعلت المناخ مكهربا ومشحونا بالتوتر ذات المصادر أكدت أنه ستكون قائمة منفردة تضم أسماء من المجتمع المدني ورجال الأعمال. ومن الضروري الإشارة إلى أن العديد من الأسماء الثقيلة والإطارات في الحزب العتيد على مستوى ولاية قسنطينة التحقوا بحركة التقويم والتأصيل، ولكنهم متحفظون عن كشف ذلك أمام الرأي العام، حتى لا يضيعون فرصة الترشح في قائمة عبد العزيز بلخادم الشرعية كما اعتادت التقاليد الحزبية تسميتها، كما أن الغاضبين من الوضع السائد داخل حزب جبهة التحرير الوطني جناح بلخادم مترددون في اتخاذ أي قرار في اختيار الجناح الذي يختارونه. فمن جهة، فهم متذمرون من حالة الانسداد الموجودة في هياكل الحزب، حيث ما تزال القسمات مغلقة وأخرى مجمدة إلى اليوم، ومناضلون ينتظرون بطاقات 2010 و2011، وأمام غلق ممثلي الحزب أبواب الحوار مع القاعدة النضالية، بل غيابهم إن صح القول، قد تكون الأسباب كافية للجوء المناضلين إلى صفوف التقويمية، غير أن البعض متردد في الالتحاق بحركة صالح قوجيل، لا لشيء إلا لأن المنسق الولائي على مستوى عاصمة الشرق وهوتوفيق عيساوي ليس في المستوى المطلوب لكي يمثل التقويمية، خاصة وأن الذي يقودها على المستوى الوطني أسماء لها وزنها التاريخي والسياسي (صالح قوجيل، عبد الكريم عبادة) ووزراء سابقون وإطارات تمثل الشبيبة الجزائرية التي تعتبر الركيزة السياسية والعمود الفقري للحزب العتيد، فيما راحت بعض المصادر إلى القول أن المنسق الولائي الحقيقي الذي يمثل التقويمية في ولاية قسنطينة هواسم آخر غير اسم آخر يقود التقويمية من وراء ستار، وأن دور المنسق الحالي هوتنفيذ التعليمات التي توجه إليه، وهو السبب الثاني الذي يجعل بعض المناضلون بولاية قسنطينة مترددون في الالتحاق بالتقويمية نظرا للغموض الذي يشوب الحركة نفسها. في حين نفس المصادر من داخل الحزب والتي اعتادت على اللعب في "الكواليس" تشير إلى أن قائمة المترشحين للانتخابات التشريعية في حزب جبهة التحرير الوطني جناح عبد العزيز بلخادم مضبوطة، وقد تم اختيار أسماء المترشحين على المقاس، بحيث تحت الوجوه القديمة المراتب الأولى في القائمة ومنهم (الدكتور مسعود شيهوب نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني، والوزير السابق بوجمعة هيشور، فؤاد خرشي، خنشول، تتقدمهم حبيبة بهلول عضوالمكتب السياسي لحزب جبهة التحرير الوطني والمكلفة بلجنة شؤون المرأة التي ستكون على رأس القائمة) حسب ذات المصدر وأسماء أخرى من العنصر النسوي حديثات النضال وأخريات لا علاقة لهن بالحزب، تم اختيارهن لأسباب تتعلق بتصفية حسابات بين عضوين في المجلس الشعبي الوطني يرغبان في تجديد عهدتهما للمرة الثالثة. الصراع داخل حزب جبهة التحرير الوطني بعاصمة الشرق كما هوملاحظ صراع "جهوي" لا غير، انتهي بالحزب إلى التشتت، وذهاب الكثيرين من أبناء الحزب إلى "التقويمية" وآخرون الترشح في قائمة "الأحرار"، التي بدأت قوافل من الأسماء القديمة والثقيلة أيضا في الحزب العتيد تحج إليها، بسبب ما لاقته من تهميش وإقصاء، وهي تطرح تساؤلات عن أسباب تهميشها، وتنتظر ردا عليها وكما يقال: (وعند جهينة الخبر اليقين)، وتقول المؤشرات إن عبد الحميد أبركان الوزير الأسبق لقطاع الصحة في الجزائري في السنوات ما بين 2001 و2004، ورئيس المجلس الشعبي البلدي عن بلدية الخروب في الفترة بين 1998 و2001، سيكون على رأس قائمة المترشحين "الأحرار"، وهو اسم معروف في الساحة السياسية على مستوى وطني، وكان محسوبا على جناح الأمين العام السابق للحزب العتيد علي بن فليس الذي كان مرشحا لرئاسيات 2004، ومعروف كذلك في الساحة الطبية على مستوى دولي وكانت له مواقف خاصة به، خاصة في مجال اختصاصه، وهويلقى دعما قويا من طرف أصحاب الجُبَّةِ "البيضاء"، لاسيما وهذا الأخير ما زال يلقبونه إلى اليوم ب "السّي الوزير". كما أن المتتبعيين للشأن الحزبي من داخل جبهة التحرير الوطني والذين لهم تجربة في تكهن النتائج حتى لووصفوا بأصحاب "التخلاط"، أجزموا أن الأفلان المحسوب على بلخادم ستكون نتائجه سلبية بعاصمة الشرق، إن كانت هذه الأسماء حقيقة هي من ستترشح للتشريعيات المقبلة، وسيكون محظوظا جدا لوحظي بمقعد واحد، إذا ما لم يقدم الحزب وجوها جديدة للترشح من مناضليه، لأن هذه الأسماء التي كانت غائبة طيلة سنوات ستجد نفسها مطالبة بتقديم تقريرا عما قدمته للولاية وللحزب وأن أول عبارة سيواجهون بها هي (هاتوا كتابكم، اليوم تلاقون حسابكم)، وأن النجاح سيكون إما حليف "التقويمية" أو قائمة والأحرار بحصدها بعض المقاعد، رغم أن أسماء أخرى من أحزاب أخرى وبخاصة التجمع الوطني الديمقراطي وحزب لويزة حنون ستكون ضمن هذه القائمة (الأحرار)، فيما فضل البعض الخيار "الحيادي" طالما الأمور يشوبها الغموض والرؤية لم تتضح بعد.وفيما كان للبعض الآخر كان له موقفا مسبقا من العملية، خاصة على مستوى حزبي التحالف الرئاسي (الأفلان والأرندي) وهو خيار الانسحاب الكلي من الحزب والالتحاق بأحزاب أخرى طالما الجزائر تعيش التعددية السياسية، تبقى حركة "الصحوة" المنبثقة عن حزب جبهة التحرير الوطني والتي يقودها جمال سعدي (بين بين) كما يقال وتدور في فلك غير محدد من أجل تصحيح الاعوجاج الذي أصاب ركائز الحزب العتيد، وهو اليوم بين اختيارين، إما أن يصلح بيت ذات البين، أو يخلق تحالفا داخل الحزب نفسه حتى لا تنتهي الأمور إلى "العدالة" بين أنصار بلخادم وقوجيل ويتكرر سيناريو 2003 عندما احتدم الصراع بين بن فليس وبلخادم. لا يهم بالنسبة لبعض الأطراف المسؤولة داخل حزب جبهة التحرير الوطني إن خسر الحزب الأصوات في الانتخابات التشريعية أوالمحلية القادمة، أم يربحها، طالما هذه الأطراف من مصلحتها البقاء وهدفها الوحيد المحافظة على مقاعدها في عضوية اللجنة المركزية والمكتب السياسي وفي المجلس الشعبي الوطني، وربما طموحها كبير جدا، وهوالجلوس في مقعد الأمين العام للحزب نفسه، طالما هي لا تعترف بالآخر كشريك في النضال، وتكفر بمبدأ التداول على السلطة، بدليل أنها لم تزر القواعد النضالية للحزب ولا مرة منذ تنصبها في مواقع المسؤولية للحزب، ولم تلتق ولا مرة مع المناضلين الذين قادوا حملتها الانتخابية في التشريعيات السابقة ومنحوا لها أصواتهم يوم الاقتراع ولم يبدلوا تبديلا، ما قامت به هذه الأطراف أن غيرت أرقام هواتفها النقالة، أولا ترد على المكالمات الهاتفية. بن بعيبش يحاول سرقة الأضواء من أحمد أويحيى والشيء نفسه بالنسبة لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، فالملاحظ أن حزب التجمع الوطني الديمقراطي يمر بظروف محرجة للغاية، حسب المحللين بعد ظهور حزب بن بعيبش إلى الساحة السياسية وانضمام عدد كبير من أبناء الشهداء المنضوين تحت لواء "الأرندي" إليه، ويبدو أيضا أن سفينة أحمد أويحيى على وشك الغرق وسط أمواج التعددية، والانشقاقات التي تعرفها تنظيماته بدءًا من الإتحاد الوطني للنساء الجزائريات الذي فقد توازنه، والمنظمة الوطنية لأبناء المجاهدين التي يقودها أمبارك خالفة بعد انسحاب أبناء المجاهدين وتحولهم إلى الحزب الجديد الذي أسسه بلعيد عبد العزيز الأمين الوطني السابق لإتحاد الطلبة الجزائريين واتحاد الشبيبة الجزائرية، لاسيما وهذا الأخير أصبح مطالبا بالعودة إلى تدبير شؤون الشبيبة الجزائرية بقوة من قبل "الأوجيشيين" كونه الوحيد الذي أوصل صوت المنظمة للعالم بجميع الملتقيات والمهرجانات الناجحة.