فرضت الطاقات المتجددة نفسها في السنوات الأخيرة كحل بديل للمحروقات التي دق المراقبون بخصوصها ناقوس الخطر، بعدما أثبتوا قرب نبوضها وانتهاء الخزانات العالمية منها، مؤكدين على ضرورة دراسة كل الخيارات المحتملة نحو طاقات بديلة أطول عمرا وأقل ضررا بالبيئة والأمن من الطاقة النووية . الاهتمام المتنامي بالطاقات المتجددة ترجم عالميا منذ 2008 حين بلغ مستوى قدرة إنتاج الكهرباء النظيفة إلى 140 جيغاواط، وهو ما يقارب نصف ما أنتج من الكهرباء، وهوما يدل على التحول الكبير الذي أخذه مسار الاستهلاك والإنتاج العالمي للطاقة. ويأتي برنامج "ديزرتيك" من أهم المقترحات الدولية لاستغلال الطاقة الشمسية كمصدر أساسي لإنتاج الكهرباء، حيث تم التأسيس لهذا المشروع في ألمانيا ويشمل شراكة بين 56 مؤسسة تمثل 15 بلدا، ويهدف البرنامج إلى استحداث سوق للطاقات المتجددة على الصعيد الصناعي انطلاقا من الصحراء الكبرى في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، وتقدر قيمته الإجمالية ب 400 مليار أورو بما يعادل 560 مليار دولار . وتبقى الجزائر من بين أبرز الدول المرشّحة من قبل خبراء الطاقة في العالم للعب دور رئيسي ومهّم في معادلة الطاقة نظرا لامتلاكها مصادر طبيعية هائلة في مجال إنتاج الطاقات البديلة لمصادر الطاقة الأحفورية السائرة في طريق الانقراض. وتتوفّر الجزائر على إمكانيات طبيعية هائلة في هذا المجال، بامتلاكها لأحد أكبر مصادر الطاقة الشمسية في العالم، وتعتزم الاستثمار بكثافة في محطات الطاقة الشمسية، وتصديرها. وتجسد هذا العام أول مشروع للطاقات المتجددة في الجزائر في حاسي الرمل بإنشاء محطة هجينة لإنتاج الكهرباء تجمع بين الشمس والغاز في تجربة رائدة لفرع NEAL (الجزائر للطاقة الجديدة )، وقد كلف الاستثمار الذي ساهمت في تصميمه وإنجازه إحدى الشركات الإسبانية 315.8 مليون اورو. وينتظر أن ينتج نحو15 ميغاواط، كما تمكنت مؤسسة سونلغاز من ربط 1000 عائلة في 20 قرية منتشرة في اربع ولايات صحراوية جنوبالجزائر بالكهرباء الشمسية بعد أن تم تزويد مساكنهم بالعتاد اللازم لاستغلال الطاقة الشمسية. وقد تمت دراسة حقول الرياح التي تنتشر في الجزائر من أجل تحديد معدلات السرعة فيها وتقدير أهلية هذه الأماكن لاستقبال محطات توليد للطاقة المستمدة من الرياح عوضا عن تلك التي تعمل بالديازل، إلا أن الحصة الكبرى من الاهتمام موجهة للطاقة الشمسية في الوقت الراهن. وبالنظر إلى أهمية السوق الجزائرية وخصوبتها تتسابق بلدان أوروبية عديدة لنيل فرص شراكة مع الجزائر في مجال تطوير واستثمار الطاقات المتجددة،حيث أبرمت الجزائر العديد من عقود الشراكة مع الجانب الأوروبي، من بينها مذكّرة تفاهم مع الجانب الألماني حول الطاقة المتجدّدة وحماية البيئة في 2009، بالإضافة إلى مشروع بناء محطّة الطاقة الهجينة مع شركة "أبينير الإسبانية".إضافة إلى عقد الشراكة الجزائري الألماني الأخير القاضي بإنشاء وحدة انتاجية برويبة لإنتاج الصفائح الشمسية وكذا مذكرة التفاهم الأخيرة الممضية بين سونلغاز ومفوضية الاتحاد الأوروبي التي تهدف إلى تعزيز مبادلات الخبرات التقنية ودراسة سبل ووسائل اقتحام الأسواق الخارجية والترقية المشتركة لتطوير الطاقات المتجددة في الجزائر، وفي الخارج. ويوجد بالجزائر 14 محجرة لرمل السيليس، الذي يعد المادة الأساسية الأولى لصناعة الصفائح الشمسية يجري استغلالها حاليا، و11 مستثمرا، منهم ثمانية خواص وثلاث تابعين للقطاع العمومي. كما سجلت قائمة الباحثين الجزائريين المتواجدين في الخارج الراغبين في التنسيق والعمل على نقل توسعا لا سيما بعد الإعلان عن البرنامج الوكني للطاقات المتجددة كما تكثفت الاتصالات والعروض من متعاملين جزائريين لمرافقة هيئات البحث في تجسيد مشاريعهم الطاقوية. ويتضمن البرنامج الوطني للطاقات المتجددة الذي صادق عليه مجلس الوزراء في فيفري 2011 الإدخال التدريجي للطاقات البديلة لاسيما الشمسية بفرعيها (الحرارية والضوئية الفولطية) في إنتاج الكهرباء خلال العشرين سنة المقبلة.