تعكف الجزائر وهي تحتفل بخمسينية استرجاع سيادتها الوطنية، على مواصلة عملية تطهير أراضيها من ثلاثة ملايين لغم مضاد للأفراد والجماعات لازالت تحصد ضحاياها، رغم الجهود المبذولة لإبطال مفعول آلات الموت هذه.وتستمر جهود الجيش الوطني الشعبي في هذا الشأن لمحو ما تبقى من تركة "المستدمر الفرنسي" الذي زرع أكثر من 11 مليون لغم مضاد للأفراد والجماعات على طول الحدود الشرقيةوالغربية مع دولتي تونس والمغرب خلال الثورة التحريرية المجيدة. وقد شرعت الدولة الجزائرية، غداة الإستقلال، في عملية التخلص من مختلف أنواع الألغام رغم صعوبة المهمة، لاسيما في ظل غياب خرائط انتشار هذا "العدو النائم" الذي إن لم يقتل ضحيته، فإنه يتركها تواصل حياتها في إعاقة مستدامة. تفكيك وتدمير 8.267.971 لغما إلى غاية مارس 2010 جند الجيش الوطني الشعبي في هذا الصدد وحدات خاصة لإزالة هذه الألغام، حيث تمكن خلال الفترة الممتدة من 1963 إلى غاية نهاية مارس 2010 من تفكيك وتدمير 8.267.971 لغما، أي ما يمثل 69ر75 بالمائة. وحسب مجلة الجيش في عددها 550 لشهر ماي 2009، فإن الجيش الوطني الشعبي تمكن من نزع وتدمير 8 ملايين و201862 لغم كانت مزروعة على الشريطين الحدوديين منذ الاستقلال الى غاية 17 أفريل 2009. وأضافت المجلة أن هذا العدد يمثل 3ر75 بالمائة من تقدم عملية نزع وتدمير الألغام منها 91865 لغما خلال سنة 2008. أما عدد الالغام التي تم نزعها وتدميرها على مستوى النواحي العسكرية خلال سنة 2008، فقد ذكرت نفس المجلة أنه تم تدمير ونزع 40414 بالناحية العسكرية الثانية وبالناحية العسكرية الثالثة 39923 لغما، بينما بالناحية العسكرية الخامسة فقد تم نزع وتدمير 11528 لغم. وفي هذا الاطار، فقد تم خلال سنة 2008 تسليم المساحات التي تم تطهيرها للسلطات المدنية والتي قدرت ب 4ر1849 هكتار موزعة على كامل الاشرطة الحدودية منها 4ر1502 هكتار بمنطقة بشار و318 هكتار بمنطقة تبسة و29 هكتارا بمنطقة الطارف. وبالنسبة لسنة 2009، فقد تم خلال الثلاثي الاول نزع وتدمير 24340 لغم مع تسليم الاراضي التي تم تطهيرها والمقدرة ب 2ر43 هكتار الى السلطات المحلية لولاية تبسة. وحسب توقعات مسؤولين بالجيش الوطني الشعبي، فإن الجزائر ستتمكن من القضاء نهائيا على هذه الآفة القاتلة بحلول عام 2017. زرع حقول الموت والإعاقة... إستراتيجية لم تفشل الثورة التحريرية لم يجد العدو الفرنسي أمام تصاعد انتصارات جيش التحرير الوطني من سبيل لخنق الثورة وايقاف إمدادات الأسلحة التي ترد إليها من الدول المجاورة، إلا من خلال إقامة حزام شائك ومكهرب على طول الحدود مند 1956 إلى 1959 وقد امتدت هذه الموانع الجهنمية في الناحية الغربية على مسافة 150 كلم (خط موريس)، ومن الناحية الشرقية على مسافة 320 كلم (خط شال). ودعم المستدمر الفرنسي هذه الأسلاك المكهربة بإنشاء حقول ألغام تراوح عرضها ما بين 3 و5 أمتار به زرع بها 50 ألف لغم بين لغم وآخر حوالي 40 سنتيمتر. وكانت عمليات اختراق وتخريب هذه الموانع المكهربة بدرجة عالية من طرف المسبلين بمثابة بداية صراعا مع الموت المحقق، لاسيما وأن إجتياز هذه الأسلاك يتم تحت الأضواء الكاشفة. وبهدف كشف أماكن تواجد الألغام كان المجاهدون يلجأون إلى أساليب مختلف تسمح لهم بالتعرف على هذه الأماكن من أجل تجنبها كوضع أنواعا من المعادن على ظهور الدواب ويرسلونها نحو حقول الألغام. التكفل بضحايا الألغام مسؤولية الجميع يبلغ عدد ضحايا هذه الألغام الى غاية الساعة حسب الجمعية الوطنية لضحايا الألغام 7 ألف ضحية تسعى الدولة إلى التكفل بهم عن طريق التكفل الصحي والمادي بهذه الفئة، وكذا أسرهم من خلال تقديم منحة شهرية قد تصل إلى 20 ألف دينار بحسب نسبة العجز، إلى جانب العناية بهم صحيا، وذلك من خلال مراكز صحية متخصصة في مساعدة فئة المعطوبين. وفي هذا السياق، ثمن رئيس الجمعية الوطنية لضحايا الألغام السيد محمد جوادي مجهودات السلطات المعنية لتتكفل بهذه الفئة، لاسيما وزارتي المجاهدين و التضامن الوطني. جدير بالذكر، أن الجزائر حققت تقدما نموذجيا في جهود إزالة الألغام في إطار تطبيق إتفاقية أوتاوا بكندا التي تنص على حضر زرع ونقل الألغام. وكانت الجزائر قد انظمت لهذه الإتفاقية عام 1997 وبموجبها دمر الجيش الوطني الشعبي مخزون الألغام المضادة للأفراد والجماعات التي كانت بحوزته بمجموع 159.080 لغم.